صنفه النقاد من أهم المخرجين في تاريخ السينما المصرية، صاحب رؤية خاصة ومتفردة، سواء في أفلامه أو خارجها، يسعى دومًا أن يفتح أبواب فكر جديدة، ورؤى مبتكرة.
لم يهتم أبدًا بجمع الإيرادات، وإنما كان همه الأول والأخير هو أن يخرج المشاهد بعد حضوره للفيلم متخمًا بحلاوته، شاعرًا بقرب شخصياته منه، عازمًا على كسر كل شيءٍ يقلقه، أو كل شيءٍ يخاف التعبير عنه، أن يخرجَ شاعرًا بنفسه حرًا خفيفًا، كما الطير، محلقًا، مندفعًا للحياة، غير مكبلٍ بأي قيد.
المخرج يسري نصرالله يتحدث لـ «سيدتي» عن أعماله، عن رؤيته الفنية والكثير من القضايا، حيث كان قد ترأس هذا العام في مهرجان دبي السينمائي 2016، لجنة تحكيم مسابقة «المهر الإماراتي»، كما عرض آخر أعماله «الماء والخُضرة والوجه الحسن» ضمن برنامج «ليال عربية».
الفن ليس له علاقة بالسلطة
متى اكتشفت شغفك للسينما؟
عندما كان عمري 6 سنوات، حيث اصطحبني والدي معه للسينما للمرة الأولى، وقد أبهرتني فسألته من الذي صنع كل هذا؟ فقال لي المخرج، تلك كانت اللحظة التي قررت فيها أن أصبح مخرجًا.
قالوا عنك التلميذ النجيب ليوسف شاهين، والبعض الآخر قال إنك خليفته، هل توافق، أم لك رأي آخر؟
تلميذه بكل تأكيد، إنما خليفته فلا، وذلك لسبب بسيط، أننا نتكلم عن فنان ولا يمكن لأحد أن يكون بديلاً لأحد، إنما يوسف شاهين مدرسة وقد تعلمت منه الكثير.
ترفض أن يقال عنك متواضع، وأنت سيد التواضع، فكيف ذلك؟
أنا أرفض إطلاق الصفات بشكل عام، ربما لأنها تجعلني أشعر بأنني مرتبط بسلطة ما، والفن ليس له أي علاقة بالسلطة؛ لذا الصفة الوحيدة التي أرحب بأن تطلق علي هي كلمة «حر».
مشوارك في الإخراج طويل، لكن ما هو الفيلم الذي قادك إلى الشهرة؟
منذ أول فيلم وكان اسمه، «سرقات صيفية»، ومباشرة ً تم افتتاحه في «كان» ومنه كانت البداية.
شخصيات ترفض الخنوع
هل من موضوعات معينة تبتعد عنها في الإخراج؟
نعم هناك موضوعات لا يمكنني أبدًا أن أتناولها، وهي تلك التي تكون فيها الشخصيات ضحايا، فأنا لا أرى الضحية مسؤولة عن تصرفاتها، وإنما أراها قوية، ولا أبرر لها الضعف إذ دائمًا هناك خيارات؛ لذا لا أهتم لأن أتكلم عن شخصيات لا أحبها.
عندما كان عمري 15 سنة، حصلت هزيمة 67، ولم أشعر يومًا بأنني بحاجة لأن أعمل فيلمًا يتكلم عن فشل حكوماتنا، لأن ذلك لا يحتاج إلى برهان، وما يهمني تناوله هو ما نحن فاعلون، وفيلم «باب الشمس» الذي كان عن الفلسطينيين من عام 1948- 1995 نموذج واضح عن رؤيتي هذه، فاختياري للفيلم ليس لأنه يتكلم عن القضية الفلسطينية، وإنما لأنه يتكلم عن الفلسطينيين وعن عاشق كان يحب زوجته نهيلة، وكيف أنهما قاوما كل القهر في الأرض المحتلة من خلال حبهما، هذا ما كان يهمني من الفيلم، وليس تفسير القضية الفلسطينية للعالم التي هي واضحة أصلاً وضوح الشمس.
من هم الفنانون الذين يعجبونك في عملهم؟
لا أستطيع أن أفاضل بينهم فكلهم دائمًا يبهرونني، وأكثر ما يعجبني فيهم حماسهم وشغفهم للعمل، فمثلًا ليلى علوي قبل أن تكون فنانة موهوبة هي شخصية ذكية جدًا، ولديها سرعة بديهة عالية في فهم الأمور، ناهد السباعي سيكون لها مستقبل بارع، إذ لديها مزيج غريب بين أن تكون مثيرة كأنثى، وأن تبقى طفلة في نفس الوقت، وكذلك محمد شرنوبي وأحمد الفيشاوي إذ يعجبني دائمًا أداؤهما وسيكون لهما مستقبل واعد دون أدنى شك، وغيرهم الكثير.
لماذا لم تشتغل أبدًا مع إلهام شاهين؟
لأن الفرصة لم تأت لأشتغل معها، لكن لو أتت سأشترط ألا تكون هي المنتجة.
بعد كل هذا النجاح هل من أمنية لا تزال تتمناها؟
نعم مزيد من الحرية ففيلم «الماء والخضرة والوجه الحسن» أحبه؛ لأنني حققت فيه شيئًا أطمح له من سنين، فهو فيلم شقي عميق، شديد الحرية من دون تحليلات وأسباب فلسفية وسياسية، فهدفي اليوم هو توسيع هذا الهامش بأن نستطيع أن نتكلم عن أي شيء نرغب بالتكلم عنه.
يمكنكم متابعة الحوار كاملاً في العدد المقبل من مجلة «سيدتي».