mena-gmtdmp

«رجل بلا مشاعر»

أميمة عبد العزيز زاهد


كان يتردد أيام آبائنا وأمهاتنا، أن الكلمة الطيبة وحدها تكفي لتستمر الحياة ويشعر الزوجان بالهدوء والطمأنينة، لتسير بهما السفينة بالعطاء المتبادل، الذي يحل كل المشاكل، وتمر بنا الأيام، ولا نجد أن للكلمة الطيبة نفس المفعول، بعد أن تخلى الجيل عنها وبدَّلها بأمور مادية، وتنافس على الثراء السريع، ومع الأسف نجد كثيرًا ممنْ حققوا الثراء عجزوا عن أن يُحققوا الحب والتوافق العاطفي، فهناك العديد ممن يعيشون البخل العاطفي، وأنا واحدة منهم فكم حاولت التقرب لزوجي بشتى الطرق، لكنه لم يمنحني الفرصة، كنت أعلم عيوبه جيدًا، كان يكتفي بكلمات قليلة ليُخبرني فيها عن شخصيته حتى يعلمني كيف أتعامل معه بالطريقة التي تُريحه، كانت علاقتنا رسمية، فكل تفكيره وحياته في عمله الذي جعله مجرد إنسان خالٍ من أي مشاعر وأحاسيس، أشعرني بأني أحيا في ثكنة عسكرية بالربط والضبط، فالأكل في موعد محدد، والنوم والاستيقاظ والمناقشات تسير وفق جدول زمنى محدد، لم يعرف يومًا كيف يتعامل مع إنسانيتي حتى أصبحت حياتنا جافة، كان يبخل عليَّ بأي كلمة حبٍّ، لم يعبِّر لي عن مشاعره حتى اعتقدت أنه رجل بلا مشاعر، فزاد بُعدنا عن بعض، فهو يؤدي واجباته الزوجيه وكأنها جزء من عمله، حتى الطلاق كان يرفضه لمجرد أنه لم يتعوَّد يومًا على الخسارة، ليس بسبب تعلقه أو حبه لي، لم يفهم أنني أحتاج لرعايته وحبه، لكن من كثرة حبه لجمع المال أصبح لا يعرف هدفًا غيره، فلطالما تمنيت أن يُشعرني بمشاعر الحب، وتحولت عاطفتي نحوه إلى كتلة من البرود ليس فيها أي دفء، ولم تعد لديَّ أي قدرة على التواصل معه، مما توترت علاقتنا وأصابني الفتور، فبعد قلقي الشديد عليه إذا تأخر وبعدما كنت أسأم وأتضجر من كثرة غيابه، الآن لم يعد يهمني ولم أعد أُبالي، فكم من المرات أجهض فرحتي بلقائه، مع الأسف لم يفهم يومًا رسالتي له لكي يفهمني، ولم يعرف أو يلمس احتياجاتي النفسية والعاطفية والاجتماعية، تمنيت منه أن يُعبر عن مشاعره ويفصح عن أحاسيسه، لم أطلب منه المستحيل، كل ما طلبته أن يشعرني بالحنان والاهتمام، وأنا لن أسامحه لعدم إدراكه.

 

 

أنين المشاعر

منذ أن يُغلق الزوجان الباب عليهما تجتاحهما المسؤوليات شيئًا فشيئًا لتحل محلَّ المشاعر الرومانسية المتأججة، فيتسرب الملل ويشيع الإحباط إذا لم يتعاملا بتوازن مع واجباتهما وسعادتهما المشتركة، المُقدم على الحياة الزوجية عليه ألا يفرط في التفاؤل، ولا يدع المسؤوليات والواجبات والأطفال تسرق حياته وزوجته منه والعكس صحيح.

عبد الله المغلوث