أتساءل هل من حق ذوي الاحتياجات الخاصة، خاصة المعاقين ذهنيًا أن يتزوجوا، ويعيشوا حياة أسرية دافئة؟ لذا كان على المتخصصين، والمشرفين، والباحثين المعنيين أن يستمروا في الدراسات، والأبحاث، والتجارب ويضعوا الحلول المناسبة لمساعدة هذه الفئة في تحقيق هذا الحق.
وقد طرحت هذه القضية من خلال ندوة مهمة نظمها المجلس القومي للأمومة والطفولة في مدينة القاهرة، شاركت فيها شبكة المناداة بحقوق متحدي الإعاقة الذهنية، وحضرها عدد كبير من المتخصصين، وممثلي الجمعيات الأهلية القائمة على رعاية المعاقين ذهنيًا، وتم خلالها عرض لدراسة وصفية عن التوافق الزواجي لدى عينة من المعاقين ذهنيًا، وأعطت في النهاية هذا الحق للمعاق ذهنيًا، لكن بشرط الحصول على شهادة موثقة من مركز طبي متخصص، وكذلك لا بد من تحديد الضمانات التي توفرها الدولة لتكفل نجاح هذا الزواج، وتحديد دور المجتمع المدني، والخدمات التي يمكن أن يؤديها لمعاونتهم على أعباء الحياة الزوجية ورعاية الأطفال.
إن هذه القضية خطيرة للغاية، وتثير جدلاً واسعًا، وقد أثارت تلك الدعوة العديد من التساؤلات من قبل بعض المتخصصين، والتعجب من البعض الآخر، وموافقة غير مشروطة من فريق ثالث دعمًا لحق المعاقين ذهنيًا في ممارسة حياتهم الطبيعية بشكل سليم انطلاقًا من مبدأ المساواة في الحقوق بين كل الأفراد.
وقد حدد الطب النفسي ثلاثة أنواع من الإعاقات الذهنية تتم التفرقة بينها من خلال مستوى الذكاء الذي يتوقف عنده المعاق ذهنيًا، وبناء على مستوى ذكائه تتحدد قدرته على الزواج من عدمه. ولا بد أن يتم الزواج عن طريق لجنة طبية متخصصة، يتكون أعضاؤها من طبيب نفسي، واختصاصي نفسي، واختصاصي صحي، وطبيب باطني، تقوم بعمل كشف شامل، وفحص دقيق لكل الوظائف، واختبارات الذكاء، والعوامل الوراثية، بعدها تقرر مدى قدرة هذا المعاق على الزواج من عدمه، كما أشارت العديد من الاختصاصيات المشرفات في معاهد التربية الفكرية، من خلال ممارستهن للعمل الميداني، وقربهن من تلك الفئة لسنوات طويلة، إلى أن تطبيق زواج المعاقين ذهنيًا فكرة عظيمة، لأن الزواج سيكون له كثير من المميزات التي يمنحها لهم، من خلال تأهيلهم نفسيًا، واجتماعيًا لفكرة الزواج، وتقبل المجتمع المحيط بهذه الفكرة، خاصة أن المعاقين ذهنيًا لديهم قدرات جنسية مثل الأصحاء، لكنهم غير مدركين لتوظيفها. فالمعاق إما أن يتعامل مع هذه القدرات بشكل تلقائي، فيبدو شاذًا ومنتقدًا من المحيطين به، وإما أن يصاب بالكبت والاكتئاب، خاصة في الأعمار المتقدمة من مرحلة البلوغ. لذلك فالزواج يعد تأديبًا، وتهذيبًا لسلوكيات المعاق القادر بالفعل على الزواج، كما أفاد أحد المستشارين بأن العقد شريعة المتعاقدين، وبخاصة في هذه الأمور، فالقانون هنا يقف متابعًا لرأي الشريعة، فإن أجازت الشريعة الزواج فإن العقد يصبح صحيحًا، والشريعة لا تصدر فتوى بالزواج إلا بعد التأكد من رأي الطب في هذه الأمور؛ للتأكد من مدى أهلية المعاق للزواج، وقدرته الإدراكية ووعيه، بعيدًا عن أي أخطار قد تنجم عن هذا الزواج، فدفع الضرر مقدم على جلب المصلحة، أما خلاف ذلك، فليس هناك نص قانوني مانع لهذا الزواج، إذا ما أجازه الشرع والطب. فالمعاق له جميع الحقوق وعليه جميع الواجبات مثله مثل الزوج أو الزوجة السليمين من أي عاهة.