الجاحظ فضح البخلاء وخفايا منالهم بشكل محبب وساخر

يرجع بنا كتاب البُخلاء الذي دون فيه أبى عثمان عمرو بن بحر الجاحظ بعض صور البُخل في الذين قابلهم وتعرف عليهم في بيئته الخاصة خاصة في بلدة( مرو) عاصمة خراسان، وقد صور البخلاء تصويراً واقعياً حسياً نفسياً فكاهياً، فأبرز لنا حركاتهم ونظراتهم القلقة أو المطمئنة ونزواتهم النفسية، وفضح أسرارهم وخفايا منازلهم واطلعنا على مختلف أحاديثهم، وأرانا نفسياتهم وأحوالهم جميعاً، ولكنه لا يكرهنا بهم لأنه لا يترك لهم أثراً سيئاً في نفوسنا. وقد عرض الكتاب مواقف هزلية تربوية قصيرة بأسلوب طبيعي مع استخدام ألفاظ عامية وكثرة استخدام أسلوب الحوار، وهو يُعتبر دراسة اجتماعية تربوية نفسية اقتصادية لهذا الصنف من الناس وهم البخلاء.
وبمناسبة إطلاق "سيدتي" مسابقتها للقصة الفكاهية القصيرة وورود كثير من القصص الطريفة، أردنا أيضاً أن نستعيد وإياكم بعض من قصص الأدب الساخر سابقاً، لذا اخترنا لكم هذا الكتاب الهام تاريخياً.

وكتاب البخلاء من اشهر كتب الأدب الساخر ويمتاز هذا الكتاب بشخصيات تتصف بالطيبة والسذاجة وخفة الدم أحيانا وهم بريئون من الأذى ومن سوء المعاملة وليس فيهم ما تنفر النفس منه أو تشمئز ولا يظلمون إلا أنفسهم ونجد أن موائد بعضهم ممدودة يتظاهر بعضهم بالكرم لا يقوم الجاحظ في كتابه بتجريحهم أو إيذاء مشاعرهم بل يبسط تصرفهم ويعرض طريقة اقتصادهم واستخدامهم للمال ومحاربتهم الإسراف والذي لا شك فيه أن بعض الشخصيات من نسج خياله وغير موجودين أصلا مثل أبي الحارث جميز والهيثم بن مطهر.

والجدير بالذكر ان لكتاب البخلاء أهمية علمية حيث يكشف لنا عن نفوس البشر وطبائعهم وسلوكهم فضلا عن احتوائه على العديد من أسماء الأعلام والمشاهير والمغمورين وكذلك أسماء البلدان والأماكن وصفات أهلها والعديد من أبيات الشعر النادرة والمفيدة بموضوعها والأحاديث والآثار فهو موسوعة علمية أدبية اجتماعية جغرافية تاريخية .