mena-gmtdmp

أنا التي تغيرت!

أميمة عبد العزيز زاهد

 

قالت:

قضينا سنوات من أجمل أيام عمرنا، فالحبُّ هو ما جمع بيني وبينه حتى تزوجنا، وبعدها بدأت المفاجآت تتوالى على مسرح حياتي. أصبح زوجي إنساناً آخر، فالرقة تبدلت لقسوة، والحبُّ أصبح إهانة، والحنان تحوَّل لغلظة وجفوة، وتطورت تصرفاته لسلسلة من الصراعات المتناقضة، وتعدَّت حدود الإهانة بالألفاظ، وأصبح الضرب وسيلة التفاهم معي من دون سبب واضح أو حتى ذنب أحاسب عليه، ويا ليتني أعرف لماذا تغير وكيف ذهب الحبُّ من أعماقه، ورحلت الوعود التي وعدني بها بأن نحيا في جو أسري يسوده الاحترام والمحبة والألفة، ولكني عشت كالغريبة بين جدران منزلي، ولأول مرة منذ عرفته أتخذ قراراً فردياً بأن لا أنجب، وهو حق طبيعي لأي زوجة لا تشعر بالأمان، خاصة أنَّ نوبات غضبه وعصبيته تكررت، حتى تأكدت أنَّها جزء من شخصيته التي نجح في إخفائها طوال فترة خطوبتنا. حاولت الصمود والتكتم على ما يحدث معي وألا أخبر أبي؛ فهو يعاني من مشاكل صحيَّة خطيرة ولن يتحمل، أما أمي فكانت تشعر بمعاناتي بحسها وغريزتها من دون أن أتكلم، حتى جاء اليوم الذي أشعل فيه زوجي النار عندما زارتني أمي، وفوجئت به وهو يعاملها معاملة سيئة، ويتحدث إليها ببرود وفتور. وعندما طلبت منه أن يتحدث بطريقة أفضل من ذلك معها لحظتها بدأ يصرخ في وجهي، ويوبخني على زيارتها لنا في المنزل من دون موعد سابق، وانصرفت أمي حتى لا تكون سبباً في خراب بيتي. واعتقدت واهمة بأنَّه بعد أن يهدأ سيعود ويندم ويعتذر لها، لكنَّه وبكل شراسة انهال عليَّ بكل ما طالته يداه، ولم أشعر بنفسي إلا وأنا في منزل أسرتي، وعندما شاهدني أبي والكدمات في وجهي اتصل به وتوعده، وأسرع بالحضور، وطلب منه وهو يبكي أن أسامحه، وأنَّه فعل ذلك من دون إرادته، ووعد بعدم تكرار ما حدث، وتم الصلح بيننا، وفضلت الانصياع وقبول الصلح نظراً لتدهور صحة أبي مع ما مرَّ به من موقف. وعدت لمنزلي والأمل يراودني بأنَّه سيتغير. ومع مرور الوقت لم يتغير، بل أنا التي تغيرت، وتحولت لإنسانة أخرى؛ لم أعد أشعر بأي ألم، ولم تعد عيناي تعرف الدموع ولا القهر، كنت أصمت وأنا أتلقى الإهانة من دون أن أدافع عن نفسي، فقد تبلدت مشاعري، وماتت عواطفي، وأغتيلت أحاسيسي، وتبخر الحنان من داخلي. فماذا بقي لي كأنثى وأنا أعيش على بقايا مشاعر... لم أكن أريد من الدنيا غير سعادتي وراحة بالي، لكن حتى هذه الأمنيات أصبحت بعيدة المنال. أعلم أن حياتي معه تعيسة، وافتراقي منه هو المستحيل؛ فهو رافض أن يطلقني بالحسنى، وكل تحملي بسبب خوفي على والدي من الخوض في ساحات المحاكم، وأتذكر بكل ألم ما كنت أظنه يوماً حباً عظيماً، إذ هو وهم كبير. وأفلست شركة الزواج بعد أن نفد رصيدها من العواطف.