ترويض الغضب 2

أميمة عبد العزيز زاهد

عودة للمقال السابق، علينا أن نتعرف على نوعية مشاعرنا ونكتشف مواطن ضعفنا.. والمواضيع التي تثير غضبنا؛ فربما نكون حساسين تجاه بعض الأشخاص بدون داع، أو لأنهم يستخدمون أسلوبًا جافًا في التعامل معنا.. 
وأن نفكر في الطريقة التي يرى بها الشخص الآخر الموقف؛ فربما كان على صواب وعلينا التمعن فيما يقصده وليس فيما يقوله، ولا نتردد في البدء بالمصارحة فيما يضايقنا أولاً بأول، وتوضيح تصرفاتنا أو الاستفهام عن أي أمر قد تضيق منه صدورنا ولا نسكت أو نؤجل ما نشعر به من ضيق، وعدم القيام بتخزين ما نعانيه، ولا ننتظر حتى ينفجر غضبنا ونصل بعدها إلى مرحلة العناد والحقد، ولنبادر بشجاعة حتى ينكسر الجدار بيننا وبين الآخرين.. فكسر الحاجز أفضل بكثير من تراكم الكراهية، وأن نعي أننا نتعامل مع مواقف وليس مع أشخاص؛ فلا نعمم موقف الغضب على علاقتنا بمن حولنا أو على حياتنا. 
وهناك أمور روتينية لا بد أن نمارسها، كالاسترخاء والتأمل والتفكر في خلق الله، ومشاهدة جوانب الجمال في كل شيء، وممارسة تمرينات التنفس، ونخصص ولو جزءًا بسيطًا لممارسة رياضة المشي، وأن نأخذ كفايتنا من النوم، ونستمتع براحة قصيرة خلال فترات العمل المتواصلة؛ لتقليل الضغط العصبي، وفي أثناء ذلك علينا أن نبحث عن حل للموقف، ونأخذ في اعتبارنا أن الحل السريع غير مستحب؛ فيمكن تأجيل المناقشة للتفكير في الأمر بتمعن لوقت آخر حتى نكون أكثر هدوءًا، ونتفادى موقف المنتصر والمهزوم أو الغالب والمغلوب أو الظالم والمظلوم، وألا نتسرع في إصدار حكمنا قبل أن نعرف ونفكر في الطريقة التي يرى بها الشخص الآخر الموقف؛ فربما كان على صواب، وأن نتمعن فيما يقصده، وليس فيما يقوله، ونبحث عن حلول للمشكلة ونتقبل بعض المفاهيم التي تقوم عليها عملية الصلح؛ فلا تنازل بدون تفاهم، ولا بد أن نجعل هناك خطًا للعودة؛ حتى نصل إلى حل وسط؛ فالاتفاق الجزئي خير من عدم الاتفاق، ولو دربنا أنفسنا على الهدوء وتحاملنا على أعصابنا وتحلينا بالصبر، بالذات في لحظة اتخاذ القرار، سنعرف أن لكل مشكلة حلاً، إن عاجلاً أو آجلاً، ولا داعي لاستباق الأحداث، وسنكون أقل اندفاعًا وأكثر تفكيرًا فيما نواجهه، ولا نجاهد ونقاوم ونستنزف كل قوانا في القلق والتوتر؛ فهناك الكثير من الأمور الهامة في حياتنا التي تستحق منا الاهتمام. 
لا بد أن نجاهد أنفسنا وندربها على تعديل أي خلل في سلوكنا؛ فالأخلاق ممكن تقويمها وتعديلها لمن رزقه الله الهمة والعزيمة، وحمل نفسه على حسن الخلق بالمصارحة الصادقة والتقييم الذاتي لكل تصرفاته؛ فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
أما إذا لم نستطع الصمود والسكوت؛ فالأفضل لنا أن نترك المكان وننسحب بأدب، ونكون من الذين قال الله عنهم (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما).