فيصل العجمي: طفل تحدى إعاقته بالعطور

5 صور

من كان يظن أنّ الإعاقة تمنع الإنسان من الاندماج بالمجتمع وتحقيق حلمه ببناء عالم خاص به، وتكوين حياة يستطيع أن يكون فيها إنسانًا سليمًا معافى فيجب عليه أن يغير نظرته إلى هذه الفئة ذات الهمة العالية، والعزيمة القوية، ولنا في الطفل "فيصل العجمي" ذي ألـ11 ربيعًا خير مثال على ذلك؛ حيث نجح هذا الطفل في التغلب على إصابته بالشلل الدماغي عن طريق اهتمامه وانشغاله بتجارته بالعطور، ليكوّن قاعدة جماهيرية وتجارة رابحة خلال 4 سنوات فقط من بداية عمله به.
أما تفاصيل رحلة "فيصل" في عالم التجارة فتعود إلى 4 أعوام مضت، حيث لم يجعل إعاقته الحركية عقبة في طريقه ليمارس البيع والتسويق التجاري من خلال 6 عطور رئيسية على كرسيه المتحرك. وتحدث "فيصل" عن مشروعه قائلًا:" إن شاء الله يكبر مشروعي، وأقتني بيتًا صغيرًا باسمي، وأدر منه مصروفي الشهري بشكل جيد، خصوصًا أنني متقن لعملي جيدًا، وليس لدي وقت فراغ مثل بقية الأطفال، فأنا أحب أن أستثمر كل ساعة من وقتي بالتعلم والتدريبات واكتشاف كل شيء جديد من حولي".
وبحسب لـ"العربية نت" فإنّ سعادة "فيصل" بدأت عندما انتقل إلى مدارس الدمج، وذكرت والدته أنه "عندما تخرج في جمعية الأطفال المعاقين لم يشعر بالرهبة أو الخوف من المكان الجديد؛ لأنه كوَّن علاقات مع أطفال من عمره، وأكبر منه في مدرسته الجديدة، وساعد ذلك في تطوير مواهبه وقدراته بشكل سريع".
والدة فيصل "صيتة العجمي" تعمل أخصائية تربية خاصة، تحدثت عن حالة ابنها قائلة:" يعاني فيصل من الشلل الدماغي، وإعاقة ألزمته البقاء على كرسي متحرك، وأثرت في النطق لديه، إلا أنني وبمساعدة إخوته عبد الله، وديمة، ونواف ساعدناه في كل ما يحتاجه، وقد ألحقته بجمعية الأطفال المعاقين من عمر 5 سنوات، وفي مرحلة التأسيسي أقامت الجمعية برنامج "التاجر الصغير" وطلبت من كل طالب أن يكون له تجارة ويقوم ببيعها طوال فترة المعرض المستمرة لـ10 أيام، ولأنّ فيصل لا يستطيع تحريك يديه اقترحت عليه أن يقوم بتصنيع عطور مميزة، خاصة أنّ حاسة الشم لديه قوية، ويستطيع تمييز الروائح والتركيبات العطرية. وقد أعطت الجمعية كل طالب 1000 ريال، حتى يكوّن منها مشروعه، فكان هناك 6 روائح يحبها فيصل، فذهبنا لمحلات العطور واشترينا الزيوت العطرية والكحول لصنع الخلطات التي سيقوم فيصل بإنشاء مشروعه بها، والتي يجب أن تكون البضاعة فيه صناعة يدوية، وبالفعل ساعدناه على التركيبات العطرية، وشارك بها في البرنامج، ووجد إقبالاً جميلاً من الزائرين وأعجبوا بالعطورات، لأول مرة شاهدت الابتسامة والفرحة على وجه ابني فيصل، حينها اكتسب الثقة في نفسه، وربح ماديًّا ومعنويًّا. ومن هنا كانت الانطلاقة، فبدأنا نروج لعطوره عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ونشارك في المعارض، وكان طموح فيصل في السنوات الأولى أن يشتري لعبة بعد نهاية كل معرض، ولكن بعد ذلك وجد أنّ هناك إقبالاً على العطور، والطلب بدأ يزداد ويأتيه أجانب ليشتروا منه، فكانت اللغة تعيقه فالتحق بدورات للغة، حتى يستطيع أن يتعامل مع زبائنه من كل الجنسيات".
ومع توسع تجارة فيصل سجلت الأم بدورات لتركيب العطور، وأخرى للتعامل مع الزبائن، واستفادت الأم مع ابنها فيصل في مسيرة تجارة العطور، فخلال مشوار 4 أعوام تغيرت نظرة "فيصل" للحياة، وبدأ يشعر بأهمية تجارته، ولم يعد يخجل من إعاقته بل زادت ثقته بنفسه.