لا تتمردي على السعادة 1

أميمة عبد العزيز زاهد


حوار دار بين زوج وزوجته تحدث فيه الزوج قائلاً:
عزيزتي... أنت كما أنت منذ تزوجتك لم تتغيري ولم تتبدلي، وما زال حب التملك مسيطراً عليك، وأراك كلما مر الوقت تزدادين توحشاً، دائماً تستقبلينني بعبوس وسيل من الأسئلة، أين كنت؟ ولماذا تأخرت؟ وماذا فعلت؟ ومن قابلت؟ وترهقينني بطلباتك التي لا تنتهي، وترفعين صوتك، ولو سرحت بخيالي قليلاً تتهمينني بحب جديد في حياتي، ولو لم آكل معك لأي سبب تعتقدين بأنني أكلت مع أخرى، وأنا صامت لا أرد على تفاهاتك، وتكررين نفس الأسطوانة كل يوم، حتى حفظتها عن ظهر قلب، ألا تفهمين بأني تعبت من حالة الدفاع المستمرة عن نفسي؟ وأراك وأنت أقرب إلى سجانة وليس زوجة، وفوق كل ذلك تخبرينني وبكل وقاحة بأن ما يجعلك تستمرين في حياتك هو الخوف من نظرة المجتمع لك كمطلقة، وبعدها تتهمينني بالبرود في معاملتك، لقد استنزفتِ يا سيدتي أعصابي وقوتي وعواطفي طوال أشهر قليلة من عمر زواجنا، وأنا أخوض المعارك معك ولم أنجح في تغييرك 
ووجدت أن السبب في كل ما نحن فيه هو أنا، فأنتِ متأكدة بأن خططك في استنفار غيظي وغضبي وغيرتي باءت بالفشل، كنت أطيعك في أغلب المواقف، ولم أحاول أن أوقفك أو أردعك عندما تتجاوزين حدودك، كنت أقدر انفعالاتك وتعبك، وأحاول تهدئة ثورتك، كنت أتقبل أقوالك وأتحمل كل تصرفاتك، وأقول لنفسي لعل وعسى، وفكرت كثيراً في لحظات يأسي بالعنف، ولكن أعود وأرفضه، وأقرر أن أتلافى تصرفاتك بتلبية رغباتك لأنعم بالراحة والسكون، وأقسم لك بأني لن أفرط فيك مهما حدث، وكنت أظن بأني أسعدك وأرضي أنوثتك، ولم تتصوري بأن تسامحي ومعاملتي الحسنة وأخلاقي الطيبة ستتصدى لمثل هذه التصرفات، وما فعلت ذلك إلا حباً فيكِ، ورغبة مني أن تستيقظي قبل فوات الأوان، ولكن تماديكِ وغرورك وحب السيطرة صوروا لك بأنك بذلك قد تنالين السعادة. 
مع الألم يا عزيزتي أقول لك بأن تفكيرك قد خانك، وتمردتِ على نعمتك، فالحياة شراكة بين اثنين، يبذل كل طرف منهما العطاء للآخر، ويثابر بعمل كل ما يسعده، فأنا أبذل جهدي لإسعادك والبحث عن راحتك ومتعتك، وكم طلبت منك أن تترفقي بنفسك وبي، فأنا بحاجة إلى أنثى تمنحني الرعاية والاهتمام، بحاجة إلى زوجة تهتم بي وتراني، وتسمعني وتفهمني وتناقشني، بحاجة إلى شريكة تشاركني بصدق وترعاني بإخلاص، فالحب نجده مع إنسان ينتزع مخالب الحزن المغروسة في أعماقك، لا أن يغرسها بيديه، الحب أن تشعر معه بالحنان والأمان، وليس الجفاء واللامبالاة، ففي الحياة لا يكفي أن تجد من يسمعك، بل الأهم من يفهمك ويحس بوجودك، فأرجو أن تفيقي من غفوتك يا عزيزتي، وتقومي بعملية جراحية لزراعة العواطف والأحاسيس في قلبك الميت، وتفلتري مخارج ألفاظك قبل أن يفوت الوقت، فليس هناك ما يقتل الحب ويهدم السعادة مثل حب التملك والنكد المستمر.
وللحديث بقية في المقال القادم بإذن الله نستكمل فيه حوار الزوجة.