أريد امرأة تتآلف مع تفاصيلي

أميمة عبد العزيز زاهد

 

قال: إن عالَمنا عبارة عن عالم سري؛ فكل رجل منا يصنع مناخاً خاصاً به ليعيش فيه بعيداً عن كل من حوله حسب تفكيره ورؤيته ونظرته وطموحه.
وأنا كرجل أحيا في ربكة الثنائيات.. فكان على زوجتي منذ البداية أن تدرك أن معظم وقتي وعلاقاتي ستكون خارج حدودها، كان عليها أن تتفهم أن القبول عند الرجل هو الذي يتغير؛ فهو يكبر في الخارج، يكبر مع أشياء أخرى كثيرة، يكبر في اتجاه مختلف عنها، سواء في السن والذاكرة، أو في المشاعر والأحاسيس، يكبر وهو يبحث عن مصدر للرزق وتكوين علاقات مختلفة، والمرأة تكبر في الداخل في البيت، هي تكبر مع مسئولية الأبناء والأمومه والتربية، هذا هو هاجسها، وأنا وصلت حالياً لمرحلة لن أسمح لها بأن تعطل أسلوب الحوار والإصغاء الجيد لديها؛ فمطالبها.. اتهاماتها.. بكاؤها لا ينتهي، أريد منها أن تقود حديثها وتتكلم دون مقدمات، وليس بالصيغة الأبوية فيها أمر واستنفار ولا تعرف كيف تختار المكان ولا الوقت المناسب، وتبدأ بسرد السلبيات وتنسى الإيجابيات. 
فهناك ثوابت، المفترض أن تستوعبها؛ فعندما أكتب أو أفكر أو أسرح؛ فلا تزعجني بمطالبها، لا بد أن يكون لديها حس بإنسانيتي؛ فلن أقدر على أن أحملها أكثر؛ لأنها مرهقة ولكن ما ذنبي.. فالعشرة خلقت اندماجاً نفسياً ومعنوياً جعلها جزءاً مني؛ حتى أصبحت العلاقة بيننا أخوية.. فأنا أبحث الآن عن أنثى تقرأ، تكتب، تسمع ندائي الداخلي، إني أحترم زوجتي وأقدر عطاءها وتضحياتها؛ فهي ماهرة في الأمومة والطاعة العمياء، ولا يمكن أن أعوض أخلاقها واحترامها للجميع، ومنزلي مكان مقدس وفي نفس الوقت أشعر في هذه المرحلة من حياتي أن اهتمامي بنفسي أصبح أكثر من اهتمامي بأولادي، الآن أقول أنا أولاً ثم الآخرون، لا أريد منهم أن يقتصوا جراحي بلا رحمة ويقتسموا سعادتي دون إحساس، لقد أمنت لهم مستقبلهم، بقي لي أن أجد نفسي في أي شيء آخر؛ حتى ولو كانت امرأة أخرى تفهمني.. من أين تأتي.. وأي ريح تأتي بها، سواء من الشَمال أم من الجنوب لا يهم، كل ما يهمني أن أعثر على امرأة تتآلف مع تفاصيلي؛ فلن ألهث وراء علاقة عابرة أعيد بها التوازن لنفسي المحرومة، أريد من تتجاوب أفكارها مع أفكاري، وقلبها يخفق لقلبي، أبحث عن حاجتي؛ فكل منّا بداخله احتياجات يجهلها الآخر، وأنا قد مللت الوقت. 
الذي يمر عليّ ولم أحقق فيه ما تمنيت، و.. فمازلت أحلم بورود متفتحة، وبسماء صافية، وشمس دافئة، ونسمة ريح هادئة.. أحلم بإحساس يلمس وتري ويطرق قلبي أنا الآن.. كل ما أرغب فيه أن أستمر في حياة تشعرني برجولتي، بكياني، بعطائي، بمفهومي أنا.. وأقصى أمنياتي أن أعثر على تلك الإنسانة التي تستعمر كل كياني استعماراً إرادياً.. استعماراً يواكب طباعي.. وتحتلني دون تجزئة. 
إن قلبي يحثني للبحث عنها، ويصوغ الحرمان التزاماً أعمق بكل ما أملك من مشاعر، وتتملكني هواجس تُؤكد لي أنني سأجدها.. فقلبي يشعر بالوحدة، إنني أسمع خفقانه من لحظة صحوي وحتى منامي.. إنني أرفض أن أتسول الحلم الجميل، أو أعتقل مشاعري؛ فجوارحي لاتزال تهتف في صمت، وعواطفي كأنها ألغام مدفونة تحت التراب، وفي الحياة هناك نوعان من الأسر.. أسر مرفوض، من يقع فيه دائماً يبحث عن حريته، وأسر اختياري يقبله ويستسلم له بكل الرضا، وأنا أريد الأسر الاختياري، أريد أن يهاجر جسدي عبر الحدود، ولكن قلبي وعقلي وكياني يبقون أسرى جذوري.