شعار يرفعه "أبو البنات": يارب ولد!

4 صور

ما زلنا ورغم أننا في الألفية الثالثة؛ نعشق إنجاب الذكور ونفضلهم على البنات، ومهما ادعينا وأخفينا، ولكن الحقيقة دائماً أن إنجاب البنات، هو الهم الذي سيلازم الأبوين حتى الممات، ولهذا فهناك آباء رفعوا شعار «يارب ولد»؛ لأنهم لم يرزقوا بأبناء ذكور، فيما أشار البعض لسعادته؛ كونه لديه «حزمة بنات»، وليس لديه أي ذكر.
بين هؤلاء وهؤلاء، تجولت «سيدتي»، وحملت لنا الهموم إلى جانب الطرائف.

حتى آخر بويضة
أم محمد سعدي، ورغم إنجابها ثماني بنات، ومعظمهن تخرجن في الجامعة، إلا أنها لا زالت تحيا على أمل أن تنجب مولوداً ذكراً، رغم أنها أصبحت على أعتاب الخمسين، وتتفق مع زوجها على استمرار الإنجاب، رغم خطورته على صحتها، والسبب كما تقول أم محمد: من تنجب البنات كأنها لم تنجب، كما أن حياتها الزوجية تكون مهددة، وزوجها يشعر بالنقص أمام عائلته، فهو في نظرهم بلا وريث، ولا يمكن أن تحمل بناته اسم عائلته.
وتقول سعاد بشارة، وهي أم لأربع بنات: زوجي لا يزال حتى الآن يكنى باسم أبيه، ولم أنجب له الولد الذي يكنى باسمه، والنتيجة أن حياتي مهددة، وكل يوم يهددني زوجي بالزواج من أخرى، رغم أن بناتي من الأوائل في دراستهن، ولكنه كما يقول، يخجل أن ينادى باسم والده، فيما يكنى أشقاؤه بأسماء أولادهم.

شر البلية
هكذا تقول عبير الصيرفي، فهي لديها خمس بنات ولم تنجب ولداً، وسعادتها بهن لسبب واحد، حيث تقول: يخاف زوجي منا أنا وبناتي حين نجتمع عليه فلا يرفض لنا طلباً، ويقول: لو كان لي ولد؛ لوقف معي في مواجهتكن، ولهذا فأنا الحاكم الناهي في البيت بفضل بناتي، خاصة أن زوجي من صنف الرجال الذين يسمعون لكلام آبائهم حتى الآن، وأهله يوغرون صدره علي، ولكني أتحداهم بجيش بناتي.

أحلى بنات
على الجانب الآخر، يبدو الممثل والمخرج المسرحي الفلسطيني، كامل الباشا، سعيداً بإنجابه ثلاث بنات، ولم يرزق بولد هو وزوجته، المطربة والممثلة، ريم تلحمي، وهما لم يفكرا بالأمر بتاتاً؛ أي أن يكون لديهما ابن، ويعتبران أن الأمر لا يختلف كثيراً، بل هما فخوران ببناتهما، وكامل خصوصاً؛ يبدي سعادته دوماً حين يتندر عليه أصدقاؤه وينادونه بلقب «أبو البنات»، فهن بهجة حياته وبركة بيته، كما يقول.
وحين سألناه: هل تخشى أن يشكلن حزباً مع والدتهن ضدك؟ فضحك وقال: مستحيل، فحياتنا العائلية هادئة، قائمة على الحب والاحترام.

طريقي للجنة
نورس أبوصالح، إعلامي فلسطيني، أب أيضاً لثلاث بنات صغيرات، ولا يتوقف عن إعلان سعادته بهن، وبأنه لم يشعر يوماً بالحزن أو الغضب حين ينادى بأبي البنات، بل العكس؛ فهو يشعر بالمسؤولية التي يحملها؛ لأن تربية البنات هي الطريق إلى الجنة كما يقول، ولأن تربية البنات سهلة ومريحة، على عكس تربية الأولاد، الذين سيخرجون من البيت ويجلبون المشاكل لذويهم، والأمثلة كثيرة، ولكن البنات بطبعهن هادئات ومسالمات ومطيعات.

رأي علم الاجتماع
الأستاذ الدكتور حسام أبوستة، أستاذ علم الاجتماع، يبدي رأيه في التفرقة بين الولد والبنت، وحب المجتمع لإنجاب الذكور وتفضيلهم على البنات؛ فيقول: تبدأ المشكلة من المصطلح ذاته، والذي يظهر تمييزاً سلبياً لمن رزقه الله بإناث، أو كما ترى الغالبية بأن الله حرمه الأبناء الذكور، وهذا مؤشر آخر للثقافة الذكورية السائدة بكافة مجتمعاتنا العربية بنسب متفاوتة إلى حد ما «تقل هذه النسب في مصر وشمال أفريقيا»، تلك الثقافة التي تعلي من شأن وقيمة المولود «الذكر»، في مقابل الحط من قيمة قدوم مولود «أنثى» داخل الأسرة، مما يدفع المرأة إذا ما تكرر إنجابها للإناث بالخجل والشعور بالإحراج بأن رحمها غير قادر على إنجاب أطفال ذكور، وهذا على عكس كل الحقائق العلمية، التي تؤكد أن الرجل هو المسؤول عن تحديد نوع الجنين، إلا أن هذا الموروث الثقافي للمجتمع الذكوري؛ يدفع بالرجل في سبيل محاولاته لإنجاب مولود ذكر؛ للزواج من سيدة ثانية وربما ثالثة، والبعض منهم يستمر في الإنجاب باستمرار؛ طمعاً في أن يرزقه الله طفلاً «ذكرا»؛ فتجده قد أنجب من الإناث عدداً كبيراً يفوق قدرة الأسرة على تربية الأبناء.

حينها يصبح الرجل «أبوالبنات» مثقلاً بعبء أسرة كبيرة الحجم، مقارنة بقدرته على توفير مصاريفهم نتيجة التعدد بالزوجات، أو الاستمرار بالإنجاب؛ طمعاً بالمولود الذكر، إضافة لشعوره بالانكسار؛ نتيجة عبء ما يسمى تربية البنات، ما يجعله قلقاً دائماً على مستقبل أسرته إن حدث له مكروه، لذا فدائماً «أبوالبنات»، مهما تقبل الطابع الأنثوي لأسرته، إلا أن مواجهة واقع كواقع مجتمعاتنا العربية؛ تجعله يتمنى أن يرزق بابن «ذكر»؛ يساعده في تحمل عبء شقيقاته البنات.