الصحفية والناقدة السعودية سهى الوعل: سينما الطائرات.. ومترجم «جوجل»!

سهى الوعل
سهى الوعل
سهى الوعل
3 صور

تتنافس شركات الطيران حول العالم في المحتوى الدرامي والبرامجي والسينمائي الذي تقدمه ضمن قوائم المشاهدة على متن طائراتها خلال رحلات السفر، انطلاقاً من طبيعة البيئة التي تمثلها تلك الخطوط، وطبيعة غالبية المتلقين الذين يستخدمونها. وعندما نقول: إننا بصدد الحديث عن تجربة شركات الطيران السعودية بأسمائها كافة، مع قوائم المشاهدة على متن طائراتها، يجب أن نتذكَّر جيداً طبيعة البيئة السعودية المحافظة التي يعرفها العالم أجمع، وطبيعة مَن يستخدمون تلك الطائرات ليسافروا على متنها، من السعوديين والإخوة العرب والمسلمين من حول العالم، خصوصاً في موسمَي الحج والعمرة.

بالتوقف عند السعوديين، هم جمهورٌ يتمتع برؤية دقيقة، وحسٍّ نقدي قوي، لذا يجب أن تعدَّه شركات الطيران السعودية مشاهداً «مُقلقاً» صعب الإرضاء، أما المسافر العربي والأجنبي، بخاصة المسلم، فيجب عليها أن تحترم معه طبيعة البيئة السعودية المحافظة، وتفرضها على اختياراتها التي يجب أن تمرَّ على مقص الرقيب حتى يخرج العمل، أو البرنامج بالصورة المناسبة لهذا المعتمر، أو الحاج الذي يسافر على طائراتها. فلا تحرجه، ولا تقلِّل من احترامه لهذه القيم والعادات التي تتحلَّى بها السعودية ويحترمها العالم أجمع، من دون أن تضر ببناء العمل، أو البرنامج، وتُفقده وضوحه وتسلسله.

ما يحدث على متن طائرات شركات الطيران السعودية المختلفة هو العكس تماماً. فبغض النظر عن ضعف جودة شاشات العرض، وطول مدة الإعلانات التي يُجبر المسافر على مشاهدتها قبل بدء عرض ما يريد، فالمحتوى، برغم الاجتهاد الكبير عليه، لا يزال متواضعاً ومملاً، كذلك لا توجد أي أسبقية في عرض الأعمال، بخاصة السينمائية، التي تُعد الخيار الأول لأي راكب. فمعظم الركاب يفضلون مشاهدة الأفلام بدلاً من مشاهدة المسلسلات، أو البرامج، لكنهم لا يجدون ما يجذبهم لمشاهدته، لأن 90% من الأفلام المُدرجة على قوائم المشاهدة أعمالٌ سبق أن عُرضت عشرات المرات على التلفزيون، وشاهدها الراكب نفسه أكثر من مرة.

أما في ما يتعلّق بالمشاهد العربي والأجنبي، فالأمر يختلف قليلاً، ليس بسبب قائمة المشاهدة المتواضعة فقط، بل وما تبثه أيضاً شركات الطيران من رسائل، تسبق معظم الأفلام والمسلسلات الموجودة على قوائم المشاهدة. وهذا الأهم، إذ تخيِّرهم بين الاستمرار في المشاهدة، أو التوقف عن ذلك، مستعينةً بترجمة غير دقيقة من «جوجل»، تُرغم المسافر على القلق من جودة المحتوى بعد تعديله واقتصاص الأجزاء غير اللائقة منه، أي أنها بدلاً من الاكتفاء بفرض محتوى أكثر تهذيباً دون إشعار المشاهد بأن هذا التعديل يمكن أن يكون قد شوَّه العمل، تُشعره بأنها ليست واثقة مما قامت به، وعلى المسافر أن يتحمَّل مسؤولية قراره!

ليس هذا وحسب، بل وتسارع شركات الطيران السعودية إلى إيقاف نظام المشاهدة على متن طائراتها في اللحظة نفسها التي تهبط فيها الطائرة على المدرج، قبل أن تتوقف بشكل نهائي، ما يتسبَّب في فوضى كبيرة، إذ يتزاحم المسافرون في الممرات، ويتسبَّبون في كثيرٍ من الفوضى التي قد تستمر عشرين دقيقة أو أكثر، بدلاً من ترك النظام مفتوحاً حتى لحظة فتح باب الطائرة، كما تفعل خطوط الطيران العالمية كافة، وذلك لإعطاء المسافر فرصة إنهاء ما يشاهده بدلاً من قطعه عليه نظراً إلى وجود ما يكفي من الوقت قبل فعل ذلك، والمحافظة على هدوء الركاب قدر الإمكان، والحد من التزاحم والفوضى.

شركات الطيران السعودية هي الواجهة الأولى التي يحتك بها المسافر غير السعودي. وبرغم ذلك، لا تعكس قوائم المشاهدة الخاصة بها عن هذه البيئة أي شيءٍ. فليست هناك قائمة مخصصة للأفلام السعودية القصيرة، على سبيل المثال. ولا توجد قائمة بالبرامج المهمة، مثل برنامج «من الصفر» للإعلامي مفيد النويصر الذي أدرجته الخطوط الإماراتية مؤخراً ضمن قوائم مشاهداتها، علماً أنه يحكي قصص نجاحٍ سعودية بحتة، وكان يجب على شركات الطيران السعودية أن تحرص على عرضها قبل خطوط طيران أي دولةٍ أخرى. كما أنه، وفي عصر الـ «نتفلكس»، لا توجد على قوائم المشاهدة خيارات سينمائية أو درامية، تتمتع برواج عالمي كبير، ويهتم بمتابعتها المشاهد السعودي، برغم أن المسافر السعودي مُصنَّف بأنه من أكثر المشاهدين جاذبيةً وذكاءً من ناحية الاختيارات.. لكنه على متن شركات الطيران السعودية يفضِّل النوم أو التحدث مع الغرباء إلى جانبه!

يمكنكم التفاعل والتعليق على هذا المقال عبر موقع «سيدتي.نت» ومواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بـ «سيدتي»