قال عنها المخرج المصري يسري نصر الله، "هي ست عظيمة لها قدرة على أن تقدم لك فيلما مستمد من أبسط الحوادث، تحكي على الإنسانية كلها، وعن حالة العالم بطريقة بعيدة عن التجهم، دائما تحكي بخفة روح وبحنان لا نهائي". إنها المبدعة السينمائية أنييس فاردا التي رحلت الخميس المنصرم عن عمر ناهز 90 سنة.
وصدم الخبر محبيها وأصدقائها، خاصة وأنها وكما ذكرت سيسيليا روز من شركة "تامريس" التي أنتجت معظم أفلامها، كانت تنتظرها لإطلاق معرض في شومون سور لوار ( وسط فرنسا)، في اليوم نفسه الذي توفيت فيه.
وجاء في بيان العائلة، أن أنييس فاردا توفيت في منزلها ليلة الخميس 29 آذار/ مارس، إثر مضاعفات إصابتها بالسرطان، ورحلت وهي محاطة بعائلتها وأقربائها.
وكانت أنييس فاردا، قد حظيت بتكريم خاص في الدورة 17 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، الذي انعقد شهر فبراير المنصرم.
يلقبونها بأم الموجة الفرنسية الجديدة، لأنها تمكنت من التميز بسينما خاصة بها طوال هذه السنوات، فقد دخلت عالم السينما من باب التصوير وإخراج الأفلام الوثائقية، قبل 60 عاما، وقالت لحظة تكريمها وهي البالغة من العمر (90 سنة):"أنا سعيدة بوجودي هنا في المغرب، لأني منذ تقدمت بالسن، وأنا متقدمة بالسن منذ فترة، أحصل على الكثير من التكريمات والجوائز والشهادات لأني مثابرة. فأنا أحافظ منذ فترة على سينما غير تجارية لا تدر المال بل تقوم على التشارك والتفاهم".
واستحضرت المخرجة الفرنسية الصعوبات التي يعرفها عالم السينما، وعبرت عن ذلك بالقول:" السينما امتياز في ظل هذا العالم الخطر، وعلينا الحفاظ على القيم الإنسانية والدفاع عنها مهما يكن، هذا هو دورنا". وأضافت:" لكني أشعر اليوم بأني صغيرة جدا إلى جانب بعض الفنانين أصحاب المواهب الكبيرة في هذه القاعة"، وهو ما جعل المخرج العالمي مارتن سكورسيزي، يلتحق بها على خشبة مسرح قصر المؤتمرات، للإشادة بهذه السيدة الاستثنائية"، التي بدا عليها التأثر وقالت إن": دواخلها تحركت بما لقيته من حفاوة عند قدومها للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، واستقبالها "بشكل ملكي" رفقة أبنائها". وشكرت بالمناسبة العاهل المغربي محمد السادس والأمير مولاي الرشيد ومؤسسة المهرجان على دعوتها وتكريمها.
وتخلل هذا الاحتفال عرض مقتطفات من أشهر أفلام هذه المخرجة التي تتمتع بصيت وشهرة عالميين، مثل "كليو من 5 إلى 7″ ، و"لي غلانور إي لي غلانوز"، و”شواطئ أنييس" و"وجوه وقرى".
ولدت أنييس فاردا في 30 ماي سنة 1928 في إكسيل في بلجيكا، وانتقلت للعيش بفرنسا، وعرفت بتعدد مواهبها، هي مخرجة، وكاتبة سيناريو، وممثلة، ومصورة، وفنانة تشكيلية. وتحظى أنييس فاردا، الشخصية البارزة في الموجة الجديدة في السينما الفرنسية، والبارعة في عالم الموسيقى، باعتراف دولي كبير، حيث حصلت على العديد من الجوائز من بينها (جائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية السينمائي، والسعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي، وأوسكار الشرف، وغيرها).
ويعد فيلمها الأخير "وجوه وقرى"، الذي أخرجته بتعاون مع الفنان الشاب جون روني الملقب ب "جيه آر" والمرشح لجائزة الأوسكار 2018، دليلا جديدا على حرية وإبداع هذه الفنانة الاستثنائية، التي يبقى هدفها دائما إبراز الجوانب الايجابية في الحياة.
