مثقفون سعوديون يبحثون عن الشهرة

4 صور

تنوّع المشهد الثقافي السعودي في الفترة الأخيرة، بدءا بزيادة نسبة القراءة بين السعوديين إلى زيادة النتاج الأدبي المنشور كل سنة، بين شعر ورواية وقصة وفنون أخرى تحاول إيجاد متنفس لها. ويبدو أن التغييرات التي تهب على السعودية أسرع بكثير من سرعة إستيعابنا لها. لكن اللافت في كل الحالات أن الأدب السعودي اليوم أوجد لنفسه مكانة محترمة في الفضاء الأدبي العربي. ومن بين هذه النتاجات، صدر للكاتب السعودي إبراهيم النملة رواية " الشيخ" عن دار الساقي ببيروت التي تتسم بالتشاؤم الفظ!

الأسباب والدوافع في هذا الحوار مع "سيدتي نت"..
تأخذنا رواية " الشيخ" إلى الماضي السعودي، هل تقصد فترة ما قبل البترول أم أنها رواية رمزية تحكي الزمن الحالي بمنظور الأسطورة؟
هي رواية رمزية تحكي الواقع المعاش. ووجدت في فترة ما بعد البترول لكن قبل التحولات.

تتكرر في روايتك حكاية الصراع بين الخير والشر بنهاية مبهمة. لماذا؟
كما جاء في تسلسل الرواية، فقد الخير تدريجياً مع استمرار الشر، فـ "الشيخ مرزوق" يمثل الخير، لكنه قتل، أما إمام القرية و"الشيخ سعيد" اللذان يمثلان الجشع فقد استمرا إلى النهاية يرافقهما صديق "صادق" المتحول إلى الأنانية والخداع ليفوز في النهاية .

المرأة في الرواية عنصر غير فعّال، هل تنقل واقع المرأة السعودية، أم واقع المرأة العربية عموما؟
واقع المرأة السعودية في ذاك الزمن هو واقع المرأة العربية. لم يكن لها رأي. وارتبط وجودها بالرجل فقط. اختصرت ما تعيشه هذه المرأة بجملة قصيرة وهي أن التغيرات التي تعيشها سطحية أما بؤسها فهو ثابت. وهنا أردت أن أنقل القاريء إلى الماضي مشيرا من خلاله إلى هذا الزمن لتكتمل الصورة الرمزية التي أردتها. ومن يقرأ الرواية بكيان الماضي سيجده متماهية مع الحاضر، لأن المرأة شكلت نقطة تجاهل في الماضي وسؤال الحاضر. أي أنها مثار للأسئلة فقط، مثل كل المواضيع التي نتحدث عنها دون أن نفعل شيئا اتجاهها.

أنت تكتب الشعر والقصة القصيرة والمقال ثم الرواية: أليس الإنتقال بين هذه الفنون متعبا؟
الحمد الله أجد نفسي قادرا على تعاطي كل هذا الفنون، لأني أعشقها جميعا.. أعشقها كقارئ، ومكتبتي تعج بآلاف الكتب، كما أعشقها حين تهب علي الفكرة وتفرض نفسها سواء في شكل خاطرة، أو بيت شعري، أو قصة، أو رواية.. أحيانا أشعر أني في هذا الأمر مسيّر لا مخيّر ... أفكاري تتمتع بحرية كبيرة.. أستمتع وهي تركض طليقة أمامي، فأتركها تختار القالب الذي تريده والرداء الذي تصبو للخروج به نحو الناس.

مع أي فن من هذه الفنون شعرت أنك مقروء أكثر؟
وجدت ولله الحمد قراءة من الجميع في كل تلك الفنون، حيث التوازن بين الفكرة والقالب، وإن كنت أرجح أنا وليس القارئ فن القصة القصيرة، خصوصا أن القارئ الخليجي أصبح صعبا في اختياره وأحكامه. هو ذكي إلى درجة إخافة الكُتّاب من ما سيقدمونه له. هو ناقد متمكن، فأصبح لزاما علينا أن نضع القارئ وفق توجهاتنا الإبداعية. وهذا ليس بالسهولة التي يتخيلها البعض، فإن غضب عليك ستكون مطاردا من الكل، وأن رضي عليك فتحت أمامك كل الأبواب، حتى الإعلام الخليجي يعطي الأولوية لردة فعل القارئ قبل تقييم الكاتب أو المثقف. وهذا يعني أن ميزان القارئ عندنا هو الأخطر. ولعل هذا ما يصنع الإختلاف بين القارئ السعودي وأي قارئ آخر في العالم العربي.

نلاحظ أن السعودية تعيش تغيرات سريعة وجيدة فيما يخص رسم المشهد الثقافي السعودي. هل ما نشعر به حقيقي؟
المشهد الثقافي السعودي جيد. ووجوده ممتاز في الساحات العربية. لكن من جهة أخرى لست راضيا على بعض هذا المشهد، بسبب وجود بعض المثقفين السعوديين الذي يبحثون عن الشهرة فقط، حتى أن بعضهم اشترى شهرته و صنع اسمه بالمال، واعتلى كراسي المحافل الثقافية بنفس الطريقة! وهناك أيضا من صنعته علاقاته، فتجده فجأة بين ليلة وضحاها متنبي زمانه، فيكاد يظن أنه تخطى مستوى عبد الرحمن منيف! وهو في الحقيقة لا شيء! لذا أقف أحيانا أمام هذه الأمور مصدوما!

ما القضية الرئيسية في أدبك؟ و هل تؤمن بأن للأدب رسالة و قضية؟
بالطبع أؤمن بأن للأدب رسالة. وقضيتي في الأدب هي مجتمعي الذي تتقاذفه عدة قوى. أريد مجتمعا حرّا، بدون أقنعة أو أصباغ. لا أحب مجتمعا تلونه فئة صغيرة، فتتحكم في سلوكه وحياته وتسلبه حقه الإنساني بالعيش.