يعتقد الكثيرون وهو اعتقاد صحيح وقريب إلى الواقع بشكل كبير، وعلمي أنّ نسبة المخاطرة في أي استثمار لابد أن تكون قريبة ومعادلة لنسبة النجاح، مما يعني بوضوح أنّ أي استثمار ومهما كانت فرص نجاحه كبيرة، فلابد أن نضع في عين الاعتبار أن نسب المخاطرة تعادل نسب النجاح حتى لو لم تكن كذلك. ويعتقد البعض أنّ سوق العقارات تختلف عن غيرها من الأسواق وأنها سوق بلا مخاطر، وهو قول غير صحيح، فعلى الرغم من أنها تعتبر الأكثر أمانًا بين الأسواق، نظرًا للظروف التي تعيشها المنطقة بشكل عام من تطور ودوران سريع لعجلة التنمية والنهضة الاقتصادية، إلا أنها تحوي في طياتها نوعًا من المخاطرة، وتحتاج بالتالي لإدارة علمية موازية لحجم المخاطرة لتلافيها والابتعاد عنها قدر الإمكان.
يقول
الخبير العقاري منار العتيبي:« إنّ الأسواق العقارية شأنها شأن أي سوق أخرى تحتاج لإدارة جيدة تقلل من حجم المخاطر المتوقعة، فالإدارة الصحيحة والعلمية هي التي تحدد في نهاية المطاف من هم الرابحون ومن هم الخاسرون في السوق، وعلى المستويين القريب والبعيد».
دراسة وتحديد نوعية العقار
إن المرحلة الأولى في الإدارة الجيدة والصحيحة للعقار تكمن في دراسة نوعية العقار والتي تعتمد على موقعه أولاً، والشريحة المستفيدة منه أو التي تهتم بتملكه، أو بالطبع استئجاره ثانيًا، بالإضافة لحجم هذه الشريحة، فليست كل العقارات كم يظن البعض ستسير في نفس الاتجاه وبنفس الوتيرة، بل ربما في مرحلة ما ونتيجة لظروف معينة يزداد العرض على نوعية معينة من العقارات تقابلها في نفس الوقت زيادة في الطلب على نوعيات أخرى، مما يعني انخفاضا في سعر العقار الأول، أو على الأقل ثباتا فيه وارتفاعا لنوعية العقار الثاني، وهي التي ازداد الطلب عليها، وهذا ما نعنيه بالتحديد من دراسة نوعية العقار؛ لنتمكن من معرفة وتقييم مستويي العرض والطلب الخاصين بالعقار واللذين يحددان بشكل دقيق جدًا السعر الحقيقي والمتوقع له في الفترة الحالية والمقبلة.
إدارة العقار
إنّ نوعية إدارة العقارات والمرافق هي التي تحدد حجم الاستثمارات على المدى البعيد، وفيما تشهد الكثير من القطاعات زيادة كبيرة في العرض فإن الأصول الجديدة ذات القيمة العالية تحتاج إلى إدارة عقارات أكثر جودة لرفع وزيادة العائدات إلى حدها الأقصى المنتظر، وإدارة التكاليف وأيضًا تقليص قيمة الانخفاض في السعر إلى الحد الأدنى، وسوف تصب الزيادة في العرض في بعض القطاعات بمصلحة المستأجرين، وهو ما يحتاج إلى تطوير إستراتيجيات وآليات تأجير تضمن إشغال العقارات لأطول فترات ممكنة، ويقود هذا الاتجاه مستأجرون عالميون كبار يفضلون استئجار مساحات تديرها شركات إدارة عقارات محترفة وضمن إدارة المرافق، وهي أحد مكونات إدارة العقارات، ومن المتوقع ظهور فرص لإعادة تواجد أصول المكاتب التجارية ومتاجر التجزئة، وبشكل عام سيولي المعنيون بهذا القطاع أهمية أكبر لخدمات دورة الحياة. وسوف تحوّل الأصول الجديدة ذات المستوى العالمي التركيز من عمليات البناء إلى عمليات التشغيل وحماية قيمة الاستثمارات على المدى الطويل، وبسبب طبيعة خط الإمداد سيظهر هذا الاتجاه أولاً في قطاعي المكاتب التجارية ومتاجر التجزئة على المدى القصير، وفي القطاع السكني على المدى الطويل، ولمراحل قادمة قد تتجاوز السنوات كدورة كاملة للسوق العقاري.
بعض العقارات قد تسير في اتجاه معاكس للسوق
فكما قلنا سابقًا إنّ بعض نوعيات العقارات ربما لا تسير بشكل كامل بالطريق التي تسير بها نوعيات أخرى من العقارات، وهذا لا يعتبر شذوذًا بل هو أمر منطقي وعلمي إلى حد كبير، وهو السبب الحقيقي وراء ضرورة دراسة نوعية العقار قبل الاستثمار فيه لتقليص حجم المخاطرة لأكبر درجة ممكنة، ولتكون هذه النظرية مقبولة لديكم إليكم المثال التالي:
فلو قلنا وهو ما حدث فعلاً: إن الحكومة قامت ببناء أو التخطيط لبناء مجموعة كبيرة من الوحدات السكنية، وإنها بالفعل قامت بتحديد منطقة مأهولة ومسكونة مسبقًا؛ لتكون مقرًا لهذه الوحدات السكنية، فما النتيجة المتوقعة؟ إن بناء هذه الوحدات السكنية يعني توفيرًا في عدد المساكن المتاحة بالمنطقة، مما يعني كنتيجة منطقية ارتفاعا في حجم العرض وهو المصحوب دومًا في سوق العقارات على وجه الخصوص بانخفاض في الأسعار، ومن ناحية ثانية وبما أنّ عدد الوحدات السكنية في هذه المنطقة قد ازداد بدرجة مؤثرة أدت إلى انخفاض في أسعارها فإن هذه المنطقة أصبحت بحاجة لخدمات جديدة، لتغطي متطلبات الأعداد الجديدة من السكان، مما يعني زيادة الطلب على الوحدات التجارية مثل المحلات والأسواق والمكاتب وغيرهما من العقارات التي تستخدم لتأدية أي دور خدمي للمنطقة، كما أننا لو نظرنا للمسألة من زاوية ثانية، فإننا ربما نراها من منظور آخر تمامًا وربما تختلف النتائج المستخلصة، فلو افترضنا أن الدولة فعلاً تملكت مساحات شاسعة لبناء وحدات سكنية فربما ستقل كمية الأراضي المعروضة وبالتالي سترتفع الأسعار.
إذن فما يجب علينا فعله هو عمل الدراسة الصحيحة والأقرب إلى الواقع، مما سيساهم -بإذن الله- في حصولنا على أدق النتائج التي تخلص إلى تقليص المخاطرة إلى أبعد مدى ممكن، وتظل استثماراتنا استثمارات آمنة