حساب عوائد الاستثمار كيف تقومين بها؟

يقول يوسف الصالح أستاذ علم الاقتصاد:» إنّ كل مستثمر ومستثمرة لابد وأن يقوما بحساب العوائد المتوقعة من استثماراتهما سواء أكان ذلك في مراحل ما قبل الاستثمار أو في مرحلة الاستثمار نفسه، والسبب في ذلك يكمن في معرفة مدى نجاح الاستثمار وهل هو يسير كما يتوقع له أم غير ذلك؟ وعملية تحديد الأرباح أو العائدات المتوقعة بشكل دوري مهمة لتحديد نجاح الاستثمار ومدى تطوره ومواكبته للظروف, وتلبيته لطلبات العملاء والمستهلكين..

 

 

 

من الممكن أن نجد استثماراً غير نجاح على الرغم من أنه يحقق أرباحاً, ولكن هذه الأرباح لا تتناسب مع حجم المجهود المبذول مثلاً أو حجم رأس المال المدفوع, أو حجم السوق، لذلك ولمعرفة وضع الاستثمار في كل مراحله لابد أن نقوم بمعرفة العائدات المتوقعة في كل مرحلة على حدا, وأن نقارنها بالواقع».

 

كيف نقوم بتحديد العوائد:

تنقسم عمليات تحديد العوائد إلى مرحلتين: مرحلة ما قبل الاستثمار, ومرحلة ما بعد الاستثمار، وفي كلتا الحالتين فإنّ التحديد والتوقع يتم عن طريق مجموعة من الدراسات والتقارير التي توضع لبيان العائدات المفترضة أو المتوقعة.

 

أولاً: مرحلة ما قبل الاستثمار:

وهي المرحلة التي تكون قبل أن تبدئي باستثمار حيث تقومين بعمل دراسة يطلق عليها في أوساط الاستثمار دراسة الجدوى, وهي بالعادة توكل لأشخاص أو مكاتب متخصصة تمتلك للكثير من المعلومات والخبرات التي تؤهلها لعمل هذه الدراسة، والمطلوب منك في هذه المرحلة أن تقومي بإمداد هذا الشخص أو هذا المكتب بالمعلومات الدقيقة عن استثمارك المتوقع وحجمه ليعطيك النتائج المتوقعة لهذا الاستثمار، مما يساعدك على اتخاذ قرارك فيما إذا كان هذا الاستثمار مجدٍ ويستحق أم لا.

 

ثانياً: مرحلة ما بعد الاستثمار:

وهذه المرحلة التي يقوم بها المستثمر أو المستثمرة بتوقع عوائدهما المستقبلية، وتتم عادة بواسطة المستثمر نفسه أو من يوكل لهم هذه المهمة مِن مَن هم حوله في شركته أو مؤسسته، وتتم هذه المرحلة بشكل دوري سنوي أو شهري يتوقع المستثمر حجم هذه العوائد بالمقارنة مع إمكانياته, ثم يقارنها بعد ذلك بالعائدات الحقيقية ليعلم مدى نجاح استثماره وهل يسير وفق التوقع أم لا؟ وإذا كان لا يسير وفق ذلك التوقع فأين هو الخلل؟ ولماذا لم نصل إلى سقف التوقعات؟ وتتم هذه الدراسة أو هذا التحليل بالعادة بأن يقوم المسؤول أو صاحب العمل بطلب هذا التوقع من مسؤولي الأقسام, أو مسؤولي المبيعات, فيقوم كل منهم بوضع توقعاته بناء على حجم الإمكانيات المتوفرة لديه، كأن يقول مدير لقسم ما أنه يتوقع أن تتم صفقة بين شركته وشركة أخرى خلال العام القادم بحجم معين, والسبب أنه يعلم أنّ هناك فرصة لأن تتم هذه الصفقة نظراً لأنه قام بالتجهيز لها, والعمل عليها لفترة طويلة وتوصل إلى الاتفاق مع تلك الشركة، وأنه يتوقع أن تحقق هذه الصفقة أرباحاً بقيمة كذا وكذا، كما أنه يتوقع أن يحقق القسم التابع له وفريق عمله صفقات أخرى جانبية بقيمة ما أيضاً، وأنّ هذه الصفقات ستتم بحد أقص في تاريخ معين. وهكذا من جميع الأقسام ليصل صاحب العمل بالنهاية لتوقع كامل لحجم استثماراته للفترة المقبلة, وبالتالي يستطيع أن يصل إلى أي خلل فيما لو وجد هذا الخلل. وعلى سبيل المثال أيضاً يستطيع صاحب محل الملابس أن يتوقع أنه في الشهر القادم وخاصة وأنه مقبل على موسم العيد مثلاً ولديه بضائع بقيمة كذا، وبالتالي فإنه يتوقع أن ترتفع مبيعاته في هذا الشهر لتصل إلى قيمة كذا، وهكذا.

ومن المؤكد أنّ عملية التوقع ستكون في كل مرة أدق من المرة التي سبقتها، والسبب في ذلك يرجع إلى الخبرة التي يحققها صاحب العمل أو القائمين عليه في مجالهم والخبرة أيضاً في التوقع، فمن خلال التجارب السابقة يستطيعون معرفة مدى نجاح توقعاتهم ومدى ملاءمتها وملامستها للواقع، مما يساعد ويساهم في تعديل هذه التوقعات وتقريبها قدر الإمكان من الواقع الحقيقي.

كما أنّ التوقعات دوماً لابد وأن تكون متواضعة وغير متفائلة جداً، بحيث إننا لو كنا نتوقع أن تصل عائداتنا للمليون ريال مثلاً فعلينا أن نسجل أنها ستصل للسبع مئة ألف فقط، ومن المؤكد أنه ليس هناك مشكلة لو أنها وصلت للمليون أو حتى تجاوزته ولكن هناك مشكلة طبعاً لو أنها لم تصل إلى السبع مئة ألف حيث إنها فعلياً قيمة أقل من القيمة الواقعية.

 

لماذا نقوم بتوقع العوائد؟

إنّ توقع العوائد ليس له هدف سوى معرفة حقيقة سير العمل، فمن الممكن كما ذكرنا بالسابق أن يحقق العمل أرباحاً ولكن باستطاعته أن يحقق مزيداً منها، كما أنّ سير العمل بغير المتوقع له ينبئ ببساطة عن وجود مشكلة لابد من صاحب العمل من البحث عنها وتحليلها وحلها وبالتالي رفع مبيعاته ومن ثم عائداته، والتوقع أيضاً يعطيك كمستثمرة فرصة لمعرفة حجم السوق وحجمك في هذا السوق، فأنت بكل بساطة وبعد أن أصبحت تجيدين فنون التوقع وأصوله تستطيعين أن تحددي الوقت الذي توسعين فيه استثمارك أو تحدين منه نظراً لحاجة السوق، ومتى ستكونين بحاجة لبضائع أكثر, أو عمالة أكثر على سبيل المثال، وبالتالي فإنّ توقع عوائد أي استثمار ومقارنتها بالواقع ودراسة أسباب الخلل ربما يكون من أساسيات أي استثمار ناجح ومتطور.