في ظل الأزمة المالية... المستثمرات هنّ الأوفر حظاً والأقل خسارة

طغت الأزمة المالية الحالية على كافة مجالات الاقتصاد والاستثمار، ولا يخلو أي قطاع تقريباً من هذا التأثر على مستوى العالم أجمع، فبعض القطاعات تأثرت بطريقة مباشرة وبعضها الآخر تأثرت بطريق غير مباشر لنصل بالنهاية للقطاعات التي تأثرت بعدوى الأزمة وليس بالأزمة نفسها والتي يظن أصحابها أنّ مصالحهم ستتأثر بشكل أو بآخر نتيجة الضعف العام بالاقتصاد وبالتالي فقد اتجهوا لتخفيض حجم استثماراتهم  أو تجميدها بشكل كامل لحين اتضاح الصورة، وقد أشارت مجموعة من الإحصائيات أنّ المستثمرات السيدات هنّ الأقل خسارة بين الجميع وذلك لما امتزن به من أمور كان بعضها يعتبر في السابق سلبيات لكن كان لهذه الأمور دور في تقليل خسارتهنّ.


 

تعتبر النساء صاحبات رؤوس الأموال من أكثر ومن أوائل من اتجهوا إلى تخفيض حجم استثماراتهن أو تجميدها إلى حين اتضاح الصورة واستقرار الأوضاع بشكل ولو على الأقل جزئي, ويرجع السبب في ذلك إلى كون المرأة هي الأبعد عن عنصر المخاطرة بالاستثمار والأكثر ميلاً إلى الواقعية والأشد تحفظاً في عملها، وبالتالي فمن الطبيعي جداً أن تكون المرأة هي الأقل تعرضاً للمخاطر وأن تكون الأقل تعرضاً للخسارة خلال الفترة السابقة ممّا يجعل منها صاحبة رأس مال أكبر من ذي قبل إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الخسائر الشديدة التي تعرض لها الكثير من المستثمرين الرجال.

هناك الكثير من النساء تعرضن لخسائر شديدة مثلهنّ في ذلك مثل الرجال, ولكن لو قرأنا حجم الخسائر التي تعرضت لها كلتا الفئتين لوجدنا أنّ حجم المستثمرين الرجال الخاسرين أكبر من حجم المستثمرات النساء وأحد الأسباب في ذلك هو التحفظ، والخوف الإيجابي الذي تتعامل به المرأة من خلال استثماراتها والذي شكل عنصراً إيجابياً هذه المرة فيما كان في الكثير من المرات السابقة يعتبر من أكثر النواحي السلبية في مجال الاستثمار.

 

الأكثر مواجهة للعادات والتقاليد

في المجتمعات العربية بشكل عام والخليجية بشكل أكثر دقة لا تزال المرأة تواجه العديد من الصعوبات والعقبات والتي حدت من تقدمها ومجاراتها للرجال في بعض الأحيان، وقد انبعثت هذه الصعوبات والعقبات في كثير من الأحيان من العادات والتقاليد التي لا تسمح للمرأة بالولوج للعديد من المجالات شأنها في ذلك شأن الرجل، فعلى جميع الأصعدة لا تزال المرأة أقل حضوراً من الرجل على الرغم من زيادة هذا الحضور في الكثير من النواحي إلا أنه وحتى اليوم أقل بكثير من حضور الرجل، وبالتالي وكما أسلفنا فهذه النقطة التي كانت تعتبر نقطة سلبية بالسابق لربما أصبح لها اليوم القليل من الإيجابيات، حيث أنّ هذه العادات وتلك التقاليد حالت دون دخول المستثمرات إلى الكثير من نواحي الاستثمار، وبالتالي فقد حدت بطريقة أو بأخرى من إمكانية تعرضهنّ لخسائر مادية في استثماراتهنّ ليصحبن بذلك أيضاً الأكثر حظاً من  الرجال في تعرضهنّ للخسارة.

 

طبيعة المرأة وطبيعة الأعمال

ومن ناحية فسيولوجية بحتة فطبيعة المرأة كامرأة يحد من إمكانيتها من ممارسة بعض الأعمال فالكثير من المشاريع وليس فقط في مجتمعاتنا العربية والخليجية بل في المجتمعات الأوروبية والغربية أيضاً لا تناسب دخول المرأة فيها ولا تصلح إلا للرجال فقط وهذا طبعاً بسبب كونها بطبيعتها أقل تحملاً جسدياً من الرجل، وعليه فقد ساهمت أيضاً هذه النقطة في أن تكون المرأة ذات حظوظ أقل في الاستثمارات في مجالات متعددة وذات حظوظ أكبر في كونها أقل تعرضاً للخسائر من الرجل الذي يحظى في كل المجتمعات بدون استثناء بإمكانية الدخول المريح في كل مجالات العمل والتوسع بها، بعكس المرأة التي لا تحظى إلا بالقليل من الفرص بالمقارنة معه.

 

دور المرأة في المجتمع

المرأه المستثمرة والمرأة غير المستثمرة هي بالنهاية المرأة الأم والزوجة، ودورها في المجتمع وفي الأسرة بالتحديد هو الأهم والأخطر، وقد أدركت هي هذا الدور الملقى على عاتقها منذ قديم الأزل وعلمت أنها هي الأم وهي الزوجة, وبالتالي فهي المربية والعمود الفقري للأسرة وبالتالي للمجتمع، ولإدراكها لحساسية دورها ومدى أهميته وفعاليته فقد أولت اهتمامها بالدرجة الأولى لبيتها ولأسرتها, وبعد ذلك لعملها ليصبح بذلك العمل ليس أول اهتماماتها في أغلب الأحيان، وكل هذا كان من دوره التقليل من نسبة دخولها إلى عالم الاستثمار أو على الأقل أدّى إلى عدم توسعها فيه، ممّا نتج عنه بطبيعة الحال أن تكون أقل عرضة للمخاطر الناشئة عن الاستثمار, وبالتالي فهي الأقل عرضة للخسائر التي مني بها أصحاب الاستثمارات الضخمة.

 

صعوبة ممارستها لكل مهامها

تتعرض المرأة في الكثير من المجتمعات وعلى رأسها الخليجية لصعوبات كثيرة كونها امرأة، فليس من البساطة أن تقوم المرأة بحريتها بالتنقل ومتابعة أعمالها حيث هي، وبالتالي فهي دائماً بحاجة للرجال الثقات من حولها، ولكن ماذا لو لم يكن هناك من تثق به هذه المستثمرة؟ وهذا ما يحدث في كثير من الأحيان، من الطبيعي جداً أن تحاول المرأة أن تكون متحفظة جداً في عملها وأن تحاول الابتعاد عن التوسع في هذا العمل نظراً لصعوبة متابعتها لعملها بنفسها، فكلما كان حجم العمل أكبر تطلب منها ذلك متابعة أكثر وتنقلا أكثر وأكثر هذا أيضاً كان له الدور في الحد من خسائر المرأة نظراً لأنها تحاول في الكثير من الأحيان أن تكون أعمالها تحت نظرها وفي متناولها، بحيث أنها تستطيع أن تزورها وتتابعها في الوقت المطلوب دون أي تحفظات، وبالتالي فهي لا تسعى دوماً للتوسع, وبالتالي أيضاً فهي الأقل تعرضاً للخسارة والمخاطرة.