يوم رأيتها

جحود


 

أيعقل بعد هذا أن يكون جاحدا لها؟

حملته في بطنها، الغذاء يجري به دمها

الهواء يستنشقانه معا، الغذاء والماء يتقاسمانه معا

إن هدأت حركاته قلقت،

وان ركلها في أحشائها انطربت

وعند مخاضها صبرت، وعند ولادتها كبرت

..الله أكبر الله أكبر...

«ودعـــت»

بان يحفظه الله لها ويقر به عينها

ومن عين الحاسدين حصنته، وبالدفء والحنان غمرته

ومن صدرها أرضعته، وبين ذراعيها ضمته

وعلى جبهته قبلته، وبين كل قبلة وأخرى تأملته

ثم حضنته وضمته

وكل عضو في جسمه تلمسه،

حتى بنصر قدمه رخت رأسها وقبلته

وانفها في شعره دفنته، لتختلط بأنفاسها رائحته

ثم عادت فحضنت، ونظرت في عينيه وحدثته

آه   آه ... يا ولدي يا قطعة مني

ثم أغمضت عينيها وضمته،

فسقطت قطرة دمع على خده فبللته

وفوق صدره اخفت وجهها ودفنته،

فحمدت الله تعالى أنها أنجبته

 

فاتن عبد الحفيظ كشميري ـ جدة

 

 

كعكة الغربة؟!

كعكة من جارتنا المقابلة لنا: هكذا أخبرني ياسر ليفسر لي سبب الطرقة الأولى..

كعكة!؟ ومن جارتنا؟ لماذا؟ ومنذ متى؟! أليست مسلمة؟ بلى إنها مسلمة مثلنا .. إذا فلا توجد لديهم مناسبة احتفال بعيد الفصح الذي يحتفل به مسيحيو الشرق الليلة.. كما أنهم لا صلة لهم بمصر .. وإلا كنا نتوقع فسيخاً لا كعكة!

لماذا لم يأت بذهننا أن الكعكة مرادف لسلوك طيب لا بد أن نشيد بل ونحتذي به؟

لماذا لم تدخل علينا الكعكة السرور .. بل أدخلت الفزع أو على الأقل الدهشة!

ثم إن السيدة كانت قد أنجبت منذ شهور قليلة.. وأنا- للأسف- لم أبارك لها سوى حينما قابلتها صدفة أمام باب البيت .. توقفت عن عادة السؤال عن الجيران ورمي بطاقات التهنئة في المناسبات تحت عقب الباب بعد سنتين من إقامتي في قطر .. ثم إنني عندما أخبرت زوجي ياسر أن جارتنا قد أنجبت .. لم يسترع انتباهه سوى اسم الوليد المركب الغريب .. كونه اسما عربيا مركبا لا يمت لأندونيسيا بصلة.

طلب محمود أن يتذوق الكعكة.. فقطع ياسر له جزءاً منها وأعطاني شريحة صغيرة لأتذوقها فوجدتها طيبة .. وزادت دهشتي!! يا ستار..ألهذا الحد لعب بي الشيطان الألاعيب وجعلني أظن بجارتي ظن السوء، معتقدة أنها أرادت التخلص بهديتها هذه من شيء لا تريده؟!

كم تغيرنا الغربة وتبدلنا! والموضوع ليس مجرد حادثة وجارة وكعكة.. إن الأمر يتعلق بطبيعة حياة وسلوك معيشي تم تغييب عنصر الجار فيه و ومحوه من قاموس حياة المغتربين أو بعضهم..

سعينا في بداية الأمر أن نقيم علاقات طبيعية وسطية مع الجيران.. و لكن الموضوع فشل. فعامل اللغة وقف حاجزا.. والجنسية حالت دون إقامة علاقات وطيدة مع الجيران.. ثم أن ضيق الوقت يمكن التذرع به.. كما أن «الغريب غريب» وهذه الذريعة أولى بالسند من أي أخرى.. فكيف لنا أن نأتمن جاراً لا نعرف شيئاً عن ماضيه وحاضره وفكره وأي شيء عنه لمجرد انه يجاورنا؟ ثم ألا تكلف الحياة الاجتماعية ميزانية معينة نحن المغتربين في غنى عنها.. خاصة أن المغترب ينفق جل دخله في فواتير إيجار ومصاريف مدارس وفواتير تليفونات دولية مع ارتفاع فاتورة الغذاء ..كما يدفع جل مدخراته في التحضير لإجازته السنوية وشراء الهدايا للأهل والأصدقاء والأقارب وجيرانه في وطنه الأم.

داليا حديدي - قطر

 

يوم رأيتها

 

في تمام الساعة

«تك .. تك» .. «تك .. تك»

خطوة بخطوة حتى توقفت عن الحراك

أسرتني نظرة .. وروتني ابتسامة

ليست أنثى، بل هي ملاك

أرغمتني على الجلوس بصمت دون حراك

أخذتني عيناها إلى عالم يأسر النظرات

 سبحان من صور فيها الجمال بكل اللغات

شعرها والعيون ورسمة شفتيها  ويا زين الأهداب وحركة الجفون

ويا سبحان من رسم بسمة

تغرد معها عصافير الصباح بجنون

ويا سبحان من خلقها وردة

حبيبتي

لقيت في حروفها  جمالاً مكنون

أول حرف هَنَا للروح وبسمة مشتاق

وثاني حرف نسمة تداعب عيون الليل

وآخر حرف لقيت لداء الحب دواء

يا بوتركي

جن الجنون وفاضت الروح

همس المشاعر ومداعب جفون الليل

ورقصت عصافير الصباح

يابوتركي

الخد ناعم والقوام ما يهزه ريح

يا قمر

لا تناظرها بطرف عين

يا بحر

إهدأ واستكن ولا يجن فيك الجنون

يا بشر

هذي أنثى أسرتني يوم ناظرتني بطرف عين

 

محمد عبيري – الرياض



الشعرة البيضاء

أخذت تصفف شعرها أمام المرآة و تضع قليلا من المساحيق لتخفى أثار الإرهاق و التعب لتذهب لعملها، صباحا و فجأة تسمرت أمام المرآة، فلم تصدق ما رأت، وأخذت تحدق مرتين ثلاثة و تبحث عن المرآة المكبرة التي يستعملها زوجها فى الحلاقة وهنا أدركت ان ما تشاهده صحيح، شعرة بيضاء ظهرت فى شعيرات حاجبيها وهى لم تتجاوز بعد الخامسة و الثلاثين على حين انها لم تشاهد مثلها لدى أمها او عمتها وقد تجاوزتا الستين، فسرحت فى ماضيها تقلب فى صفحاته لعلها تعرف السبب فوجدت التفرقة فى المعاملة بين الولد و البنت وهى صغيرة و معاقبتها دائما لكونها بنتا و تأخر سن زواجها و شبح العنوسة الذى كان يطل بقوة عليها ومعاقبة المجتمع والاهل لها لعدم زواجها حتى سن الثلاثين كأن الأمر بيديها وترديد زملاء العمل والجيران والأهل السؤال نفسه  لماذا لم تتزوجي حتى الآن؟!كأنه اتهام حتى بعد الزواج ضغوط عدم حدوث الحمل بسرعة والقلق من هذا الموضوع حتى بعد الولادة مسئولية البيت والأولاد والعمل  فى مجتمع الزوج يضع كل مسئوليات الزواج على المرأة فقط وهنا أدركت وحمدت ربها و شكرته على أنها شعرة واحدة فقط بعد كل ما شاهدته فى حياتها ولم تكن مئات الشعيرات وأخذت تبحث عن الملقاط لتلتقط تلك الشعرة لتخفى ما أفسده كونها أنثى.

نيفين حسن شحاته – مصر


دليلي

لن ارضى عنك بديلاً ...

قلبي بدُونِك عليلٌ ...

عليل ...

بجفنيَّ ... احنُو على قلبِك ...

أغفو مع حُبي قليلٌ ...

قليل ...

حبك غَمَام رُوحي ... وأنت روحي ...

ُمطِر قلبي بحضورك ...

فأين المثيل ...

تخضرُ تِلالُ أيامي ... وأنت ايامي ...

نسمة ربيعي أنت ...

وأنت الخليل ...

 بحري هادئٌ ... بجوار شواطئك ...

 أشرعة قلبي لك ...

 فأنت الدليل ...

 فأرفق بسفن حبي ...ببحر وحدتي ...

 مازال دربُ حياتي معك ... 

طويلٌ ...

طويل ...

مصطفى تيجاني – السعودية.

 

درس في الاقتصاد


كانت فرحتي كبيرة، وأنا  أنهي دراستي  الجامعية، إذ تمكنت بعدها  من الحصول على  أول عمل  لي في مدينة تبعد  عن مدينتي  حوالي  ثمانين  كيلومترا.

...اشتريت شقة بسيطة،  ثم جهزتها  بأثاث  بسيط  للغاية ، ثم بدأت عملي بجدية  لا مثيل لها ...وبما أني درست  الاقتصاد،  فسأحاول  أن أطبق  كل ما تلقيته  من دروس  في  كيفية التعامل  مع  معطيات  الشركة  الكبرى  التي  استعانت  بخدماتي ...سأحاول أن أكون الشخص  المناسب  في المكان المناسب، كيف لا وأنا  مشهود  لي  بالتفوق  بين أقراني  في الصفوف الدراسية.

...في أحد أيام نهاية  الأسبوع ، خطر  لي أن أدعو والدي لزيارتي في شقتي  الجديدة  التي اكتريتها  بعيدا عنهما، وعن دفئهما بحكم عملي.

...وبسعادة غامرة لبيا دعوتي ...استقبلتهما بفرح غامر وأنا  متأكد  أنهما سيعجبان بالشقة،  وبطريقة تجهيزي لها ...كان  أبي كلما  دخل  غرفة أشعل  النور ثم يتركه  مضاء  دونما  سبب فسألته  متعجبا :

- لماذا يا أبي  كلما دخلت  غرفة  تشعل النور  ثم تتركه  مضاء؟

...أجابني  والابتسامة  ترتسم على شفتيه :

- لقد انتظرت  أكثر  من عشرين سنة  كي أزورك  في منزلك  وأترك  كل المصابيح مضاءة.

...استوعبت درس والدي،  وأيقنت  أنه  كان يدفع  مبالغ  طائلة لشركة  الكهرباء بسبب لامبالاتي وشقاوتي. 

 

زاكي عبد الرحمان – المغرب

 

لحظة فقدان

إلى من يسافر في دمي في كل اللحظات، ويسكنني منذ أقدم العصور، إلى من يحتلني أجمل احتلال، إلى من يسيطر على تفكيري في كل زمان ومكان، إلى من يحملني إليه في سفن النجاة، دون تذكرة أو ثمن، إلى من تتراقص له أوتار قلبي في السر والجهر، إلى من هوته أحاسيسي قبل الفجر وقبل طلوع النهار،

إلى من ألقى البذور في أرضي وزرعني، إليك وحدك، يا من لأجله فاض الحنين على الوجدان، وصار العمر كله حنان.

إمضاء صاحبة القلم الحزين

وردة سليمة حاجي – الجزائر

 

لا تظني

لا تظني أنني ألعب في حبك

دور الدنجوان

فأنا لست فالنتينو زماني أو جاكي شان

لأجيد الرقص فوق الحب والقلب

وما في القلب مثل البهلوان

لا تظني أنك الأنثى الجميلة التي

أعشقها فالقلب ليس البرلمان

لا تظني أنك الأنثى الساحرة

التي أسطو عليها

فأنا لست هولاكو آخر أو شارلمان

وإذا أحببت أن أثبت ما قلت

بغير اللف يا سيدتي والدوران

فاقبلي مني فقط باقة ورد

فما المرء يكفيه دليلا وردة أو وردتان

عادل مصلح –الأردن