في قلب المشهد الإبداعي السعودي المتجدّد، تبرز أسماء لنساء سعوديات استطعن تحويل شغفهن إلى علامات مضيئة في عالم التصميم والفن. ومن بينهن المصممة عبير السعيد، مؤسسة علامة "دلال جولوري"، التي اختارت أن تحوّل حبها العميق للمجوهرات إلى رسالة، وقصّة، وتجربة تحمل بصمة سعودية أصيلة.
بدأت عبير رحلتها خلال دراستها العليا في الولايات المتحدة، حين قررت أن تلتحق بدورات تصميم المجوهرات؛ لتحصل على شهادة في هذا المجال عام 2016. وبعد أن قدّمت دراسة جدوى طموحة لمشروعها إلى الملحقية الثقافية السعودية في واشنطن، عادت إلى وطنها عام 2017؛ لتطلق أولى مجموعاتها في الرياض، وتُطلق اسم والدتها "دلال" على علامتها، تكريماً ومحبة.
في هذا اللقاء، وبمناسبة اليوم الوطني السعودي، نغوص مع عبير في تفاصيل البدايات، ونتأمل في مشاعرها، وإلهامها، وكيف استطاعت من خلال تصميماتها أن تروي قصصاً تعكس التراث، وتُجسّد الأنوثة، وتُكرّم الروح السعودية. كما نتعرف إلى أحدث مجموعاتها، وعلى رؤيتها لتمكين المرأة السعودية، وعلى طموحاتها القادمة لعلامة "دلال"، التي باتت تُعبّر عن الفخامة والفرادة في كل تفاصيلها.
عن البداية والشغف
ما الذي أشعل شغفكِ بتصميم المجوهرات، وكيف وُلدت علامة "دلال"؟
بدأ شغفي بالمجوهرات من إعجابي العميق بكيف يمكن لكل قطعة أن تحكي قصة، وتحمل معنى يتجاوز الجمال الظاهري. ومن هذا الإحساس، وُلدت علامة "دلال" التي تمزج بين الحرفية الكلاسيكية والتصميم العصري؛ لتُقدّم مجوهرات فاخرة تحمل طابعاً شخصياً عميقاً.
قد يهمكِ أيضاً: في يوم المرأة العالمي..قصة ملهمة وراء علامة "94 جولري"
هل واجهتِ تحديات فريدة كونكِ امرأة سعودية في مجال المجوهرات؟ وكيف أثّرت هذه التجارب على رحلتك؟
نعم، بداية الطريق كامرأة سعودية في صناعة المجوهرات لم تكن سهلة؛ سواء من ناحية كسب الاحترام في سوق تنافسي، أو دخول مجال تقليدي تقوده أسماء راسخة. لكن هذه التحديات لم تُحبطني، بل دفعتني لأكون أكثر إصراراً وابتكاراً، ولأتمسّك برؤيتي. لقد شكّلت هذه التجربة شخصيتي كمصمّمة، ومنحتني القوة والإيمان بقيمة تصميم يجمع بين الجذور والهوية الحديثة.
الإلهام
قطعكِ كثيراً ما تحمل لمسة من التراث والرقي، من أين تستمدين إلهامكِ الإبداعي على الصعيدين الشخصي والثقافي؟
إلهامي ينبع من مكانين: شخصياً، من تجاربي ومشاعري، فأنا أؤمن أن المجوهرات يجب أن تحمل قصة ومعنى. وثقافياً، أستمد الكثير من التراث السعودي، من الفن والتقاليد، وأمزجها مع لمسات عصرية. هذا التوازن يجعل كل قطعة تبدو شخصية وعالمية في آنٍ واحدٍ متجذّرة في الثقافة، لكنها مصممة بروح معاصرة.
كيف تؤثر جذوركِ السعودية على فلسفتكِ في التصميم والقصص التي تحكيها مجموعاتكِ؟
جذوري السعودية هي جوهر فلسفتي في التصميم. ثقافتنا غنية بالتاريخ والفن والرمزية، وأحب أن أدمج هذه العناصر في قطع عصرية وخالدة. كل مجموعة أقدّمها تحكي قصة ترتكز على التراث سواء من خلال النقوش أو الرموز أو المعاني، وتتحدث في الوقت ذاته للمرأة العصرية التي تعتز بأناقتها وهويتها.
المجموعة الأخيرة
حدّثينا عن مجموعتكِ الأخيرة.. ما هي الموضوعات أو المشاعر التي أردتِ إيصالها من خلالها؟
مجموعتي الأخيرة تحمل اسم "حب عميق". استلهمتها من فكرة أن أعمق أشكال الحب تظهر من خلال المواقف والتجارب في الحياة. صمّمتها من خلال استخدام لونين متقابلين يعكسان التباينات كالحزن والفرح، والليل والنهار. معاً، يجسّدان التوازن العاطفي، الذي يجعل من الحب شعوراً عميقاً ومؤثراً.
هل هناك قطعة معينة من هذه المجموعة تحمل لكِ معنى خاصاً؟ ولماذا؟
نعم، خاتم "حب الأم"، يحمل لي معنى خاصاً جداً. يُجسّد العلاقة العميقة بيني وبين والدتي، وهي علاقة مبنية على الرعاية، والقوة، والحب غير المشروط. بالنسبة لي، هذه القطعة أكثر من مجرد تصميم، إنها تكريم لأهم رابطة في حياتي، وتحمل روح المجموعة بأكملها.
مشهد المجوهرات في السعودية وتمكين المرأة
كيف ترين تطور مشهد المجوهرات في السعودية في السنوات الأخيرة، خاصة مع دخول عدد أكبر من النساء لمجال التصميم؟
شهدت صناعة المجوهرات في السعودية تطوراً كبيراً مؤخراً، خاصة مع بروز عدد من المصممات اللواتي يقدمن رؤى جديدة، تجمع بين التراث والحداثة. هذا التنوع أضاف للمشهد روحاً مميزة وأصيلة.
كمصمّمة سعودية، كيف تأملين أن يُلهم عملكِ أو يُمكّن النساء الأخريات في سعيهن وراء شغفهن الإبداعي؟
أطمح من خلال عملي أن أُلهم النساء السعوديات لاحتضان إبداعهن والتعبير عن أنفسهن بثقة من خلال التصميم. وأؤمن أن كل امرأة تحمل قصة فريدة، ومن خلال التصميم يمكنها أن تُبرز تلك القصة للعالم.
رسالة اليوم الوطني
في اليوم الوطني السعودي، ما الرسالة التي تأملين أن توصلها علامتكِ ومجوهراتكِ عن قوة وهوية المرأة السعودية اليوم؟
في اليوم الوطني، آمل أن تعكس مجوهرات "دلال" قوة وأناقة وهوية المرأة السعودية العصرية، المرأة التي تفتخر بتراثها، وتعيش بثقة وحداثة. هي رسالة فخر واعتزاز بقدرتنا على مزج الماضي بالمستقبل.
خطط مستقبلية
هل هناك تعاونات أو ابتكارات جديدة في الأفق؟
في المرحلة القادمة، ستواصل "دلال" الابتكار من خلال مجموعات جديدة وتعاونات مُلهمة، بالإضافة إلى تصاميم تحمل رسائل ومعاني عميقة. نسعى لأن نظل مصدر إلهام واحتفاء بالتميّز الفردي، من خلال مجوهرات تتصل بعمق مع منْ ترتديها.
تابعي أيضاً: إيلينا منصور.. رحلة ملهمة من التراث اللبناني إلى ابتكار المجوهرات العصرية
