فوبيا الامتحانات!


إن جاز لنا التعبير، فإنّ الاختبارات نهاية كل عام، تعد قلقًا موسميًا في معظم الأسر، حيثُ يستنفر الأبوان وتزداد مخاوفهما وتوترهما أحيانًا أكثر من الطلبة أنفسهم تجاه الاختبارات، ودون أن يعلما فإنهما يزيدان الضغوط على أبنائهما، وبالذات أطفال المرحلة الابتدائية، الذين رغم تغير آليّة الاختبارات إلى ما يسمى بالتقييم المستمر، إلا أنّ انشغال جميع الآباء وحرصهم ينصبّ على حصول أطفالهم على تحقيق التقييم الكامل والمثالي, والقلق الذي ينصبّ على الدرجة، يجعل الآباء أشبه بمحاسب في شركة مالية، يتعقب نقصان هللة في دفتر حساباته، رغم أنّ الطالب الذي يحصل على درجة تتراوح ما بين (90 و 99) يُعدّ ممتازًا، إلا أنّ نقص درجة، يدفع بعض الآباء إلى تناسي وتجاهل تميّز ابنه، وإهمال تشجيعه وتضخيم عجز ونقص درجة لم يحصل عليها، وهذا له انعكاسه النفسي لدى الطالب، ويمثل تشكيكًا في قدرته، وينتابه شعورٌ بإحباط شديد، قد ينعكس عليه سلبًا، في شكل خوفٍ شديدٍ، قد يعيقه عن الإجابة في اختباراته اللاحقة، أو يؤدي به إلى حصوله على درجات منخفضة.

على الآباء والمعلمين أن يدركوا، أنّ درجة الاستعداد للامتحان ودرجة القلق، تختلف من طالب لآخر، وتبدو على الطالب المصاب بالقلق، أعراض نفسية وجسيمة عدة، حسب درجة القلق مثل: الضعف العام، والصداع المستمر، والبعض تنتابه مخاوف وهواجس تصل للحد الذي قد يعيقه عن دخول الاختبار، أو تُحدث تشويها وعدم تركيز واضطرابات في النوم، ومن الطبيعي في حالات ومواقف مختلفة أن نرى اضطرابات المعدة والقولون، متمثلة في غثيان وقيء وإسهال وانتفاخ وسوء هضم، مع اضطراب شهية، وحالات أخرى تظهر عليها التهابات جلدية وحكة وإكزيما، وقد يلجأ بعض الطلاب -بسبب الخوف من الاختبارات- إلى الهروب من الموقف، أو الغياب عن الاختبارات، وكلها وسائل دفاعية عصيبة تهدف إلى الدفاع عن الذات.

بينما يُعدّ القلق ظاهرة صحية أيام الاختبارات بشكل عام، لأنه يدفع الطالب دائمًا إلى التركيز على دراسته ومراجعته حتى ينجح في الامتحان.

 أما حين يكون القلق مبالغًا فيه أو مرضيًا، فإنه يؤدي ببعض الطلاب يوم الامتحان إلى حالة مرضية حادة، تُفقدهم القدرة على تذكر أي حرف من كل الذي درسوه.

 

إرشادات للآباء والمعلمين:

 

يتحمل الوالدان والمدرسة مسؤولية حدوث حالات القلق المبالغ فيه الذي قد يعاني منه الطالب؛ لأن هذه الحالات تحدث نتيجة لتربيته والأسلوب الذي تلقاه الطفل منذ عامه الدراسي الأول في المدرسة تجاه مستوى تحصيله، وهذا يتطلب إحداث تغيير في آلية التعامل مع الامتحانات، بحيث يكون الاختبار جزءًا طبيعيًا من الدراسة، هدفه مساعدة الطالب على تقييم ذاته وتصحيح عجزه وتقصيره.

> الدعم النفسي من قِبل المدرسة والأسرة وتوضيح أنّ الامتحانات ما هي إلا تحصيل حاصل، وأنّ يُذكِّروا الطالب من حين إلى آخر: «مجهودك طوال العام كان جزءًا من الاستعداد»، وتقع عليهم أيضًا تهيئة الطالب نفسيًا، بحيث يسيطر على أعصابه ويحافظ على هدوئه، سواء أثناء أداء الامتحانات، أو قبل فترة أدائها، وكل ذلك له دور في تحقيق أفضل النتائج.

البعد عن مقارنة الطلاب (من قِبل الآباء، والمعلمين)، وبالذات الأطفال، بطلاب آخرين، حتى ولو كانوا إخوتهم؛ لأنّ كل طالب له قدراته وظروفه، ولأنّ هذا النوع من المقارنة قاسٍ، ويحيل الخوف السوي والعقلاني من الاختبارات، إلى قلق مدمر، ولوم للذات، وترسيخ للعجز، مع شعور بالذنب وفقدان الدافع واستسلام لتقريع وتوبيخ الأسرة والمدرسة.

ضرورة تنبيه إدارة المدرسة على أولياء أمور الطلاب، لمتابعة أبنائهم وحمايتهم من استخدام أي أدوية أو حبوب، قد يُسوّق لها بأنها تساعد على التركيز أو المذاكرة الجيدة، كحبوب «الكبتاجون» التي يتعاطها بعض الطلاب أثناء الاختبارات، وتكثيف المحاضرات واللقاءات، من خلال برامج توعية، يقدمها معلموهم، لتوضيح الآثار

 

عادات خاطئة

 

1. تأخير المذاكرة الجادة إلى ليلة الامتحان.

2. الاعتماد على مجرد الحفظ.

3.  عدم ربط الأفكار.

4. التفكير في الاضطرابات والمشكلات النفسية والاجتماعية.

5.  عدم معرفة القدرات الذاتية.

6. عدم استخدام التلخيص وتحديد الأفكار الأساسية.

والحصيلة النهائية لهذه العادات الخاطئة قلق مرتفع وإخفاق في الحصول على درجات مرضية أو فشل تحصيلي.

 

عادات صحيحة

 

1. تعويد الطلاب على تنظيم الوقت واستخدام أسلوب وأسس الاستذكار الجيدة.

2. استخدام أسلوب المتابعة المستمرة منذ بداية العام دون مبالغة.

3. أن تهتم المدرسة بتحفيز الطلاب المتميزين، ومساعدة المتأخرين.

4. القيام ببرامج توعية للطلاب لكيفية المذاكرة والتعامل مع الاختبارات.

5. استخدام أسلوب التبسيط والتوضيح في المناهج الدراسية.

6. المذاكرة من خلال التلخيص بأسلوب الطالب لبعض المواد الكثيفة في محتواها.

 

إرشادات للطلاب:

·           النوم الكافي للجسم مهم جدًا، لأنّ السهر يؤثر على نشاط واستعداد المخ والجسم لاستقبال المعلومات وحفظها وعرضها على ورقة الامتحان، كما أنّ قلة النوم تؤدي إلى زيادة إرهاق الجهاز العصبي، فيصبح الطالب عرضة للتوتر والقلق أكثر من غيره.

 

·           عليك بالغذاء الجيد والمتكامل، خاصة وجبة الإفطار؛ لأنها تجعل الجسم في وضع جيد والأعصاب هادئة، وجميع الأعضاء والأجهزة داخل الجسم تعمل بنظام ثابت ومتوازن، بينما لو استمر الجوع لفترة طويلة، فإنه يساهم في إحداث خلل في نظام الجسم كاملاً، وأوصيك بالبعد عن المشروبات الغازية والقهوة، أو على الأقل التخفيف منها، وفي المقابل تناول الفيتامينات الطبيعية بمختلف أنواع الفواكه.

 

·           ضرورة ممارسة الاسترخاء من حين إلى آخر، ولمدة عشرين دقيقة، والاسترخاء عبارة عن إيقاف شامل وكامل للانقباضات والتقلصات الفعلية المصاحبة لحالات القلق والتوتر والإجهاد التي يعاني منها الطالبة، مما يجعلها تشعر بارتياح عام.


بعض الإرشادات قبل الاختبار:

1- لا تفكري فيما مضى وركزي على الوقت الراهن.

2- حاولي استرجاع المنهج بشكل سريع، ورؤوس الأقلام (عناوين رئيسية).

3- هناك بعض الموضوعات يجب التركيز عليها ليلة الامتحان.

4- عدم إجهاد الجسم والعقل أكثر من طاقته.

5- دوِّني الموضوعات التي تريدين استرجاعها من المذاكرة وبشكل سريع.

6- توقفي عن شرب المنبهات (قهوة أو شاي) ليلة الامتحان.

7- استخدمي أسلوب الممارسة الموزّعة عند القراءة، بأن تخصصي فترات راحة عند الاسترجاع، لا تتعدى عشر دقائق، ثم العودة إلى المراجعة مرة ثانية.

8- استخدمي أسلوب التفاؤل، وثقي بأنّ لديك القدرة على الإجابة.

9- تحاوري مع نفسك في خصائص المادة وكيفية الإجابة، وكيفية عرض السؤال.

10- لا تنسَي الدعاء، وسَمِّ الله، ورددي قوله سبحانه وتعالى: «ربِ اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني».

 الاختصاصي سليمان القحطاني

* ماجستير في علم النفس العيادي.

* يعمل حاليًا بوحدة الخدمات الإرشادية لمشاكل الطلاب في وزارة التربية في السعودية.