تسجّل سلطنة عُمان مشاركتها الأولى في المعرض الدولي التاسع عشر من بينالي البندقية للعمارة عبر جناحها الوطني "أثر"، بإشراف القيّمة الفنية والمعمارية العُمانية ماجدة الهنائي، يستلهم الجناح تصميمه من السبلة، تلك المساحة التقليدية للحوار والتجمّع في عُمان، ليقدّم تصورًا معماريًا معاصرًا يستند إلى استمرارية الثقافة المحلية وذكاء الفضاءات المجتمعية.
ويشكّل "أثر "مساحة للضيافة والتأمل والتجمع، يستند إلى منطق البُنى المدنية غير الرسمية المنتشرة في عُمان ويُعيد تصورها بما يواكب متطلبات الحياة العامة المعاصرة. فالسبلة لا تُستحضر هنا كرمز بصري، بل تُوظَّف كمنهج تصميمي متكامل، تُترجم من خلاله خصائصها المكانية والاجتماعية — كالتكيّف، والانفتاح، وروح الجماعة، والضيافة — إلى لغة معمارية مبتكرة. ومن خلال هذه المقاربة، يطرح الجناح تصورًا جديدًا لمساحات مدنية تجمع بين الخصوصية الثقافية والانخراط في حوارات عالمية حول التشاركية، وإعادة الاستخدام، والمسؤولية التصميمية.
تصميم جناح أثر في بينالي البندقية للعمارة
وقد شُيّد الجناح بالكامل من الألمنيوم الخام، باستخدام نظام مخصّص من الألواح المقصوصة والمطوية. وتضم كل لوحة فتحات دقيقة التصميم مستوحاة من مفردات الثقافة العُمانية، مثل أنماط نسج سعف النخيل، ونقوش الأبواب الخشبية التقليدية، وتفرّعات نظام الفلج للري. ولا تُستخدم هذه الرموز كزخارف جمالية فحسب، بل تُعد تعليمات تصميمية تؤثر في الضوء والفراغ والهيكل.
تم تصميم الجناح بالكامل بحيث يمكن تفكيكه وإعادة تركيبه دون فقدان أي من مواده، ما يتيح نقله وتركيبه الدائم في سلطنة عُمان بعد انتهاء المعرض، مع الحفاظ على حجمه ووظيفته كمساحة مدنية مستدامة.
ولا يفرض الجناح برنامجًا وظيفيًا محددًا، بل يشكّل سطحًا مفتوحًا يستدعي الاستخدام والتفاعل. فلا حدود أو مداخل مغلقة، ولا مسار حركة واحد، بل فضاء مفتوح يتيح للزوار المرور، أو التوقّف، أو التجمّع بحرية. وتولّد هندسته المنحنية تنوعًا مكانيًا بين الانفتاح والانغلاق، دون الاعتماد على الحدود المعمارية التقليدية. فالجناح يتحوّل إلى مساحة مضيافة تتماهى مع روح السبلة القائمة على الحوار والانفتاح.
وفي هذا السياق، صرّحت المهندسة ماجدة الهنائي قائلةً: يقدّم "أثر" إطارًا مكانيًا نابعًا من الذكاء الثقافي للممارسات العُمانية، ويظهر كيف يمكن للعمارة أن تنشأ من أنظمة موروثة في البناء والصيانة والتكيّف. "أثر" ليس رمزًا للتقاليد، بل نموذج عملي لإعادة تصوّر المساحات المدنية من خلال المعرفة المتجذّرة".
تابعوا المزيد: جناح سلطنة عُمان في إكسبو 2025 أوساكا قصة نجاح رسمها الشباب العُماني
مشاركة سلطنة عُمان جزء من طموحها
وتأتي مشاركة سلطنة عُمان في هذا الحدث العالمي كجزء من طموحها للتفاعل النقدي مع الحوارات المعمارية المعاصرة، مع الحفاظ على مرجعياتها المكانية والثقافية. كما تنسجم هذه المشاركة مع رؤية عُمان 2040، وتُجسد التزام السلطنة الطويل الأمد تجاه الاستدامة الثقافية، والابتكار المعماري، والتعاون الدولي.
سيفتح جناح سلطنة عُمان أبوابه في بينالي البندقية للعمارة أمام الزوار بدءًا من السبت 10 مايو وحتى الأحد 23 نوفمبر 2025.
يمكنكم متابعة آخر الأخبار عبر حساب سيدتي على منصة إكس
