في اليوم العالمي للإذاعة: سعوديات اقتحمن الأثير وأطلقن المسيرة

المذيعة والفنانة مريم الغامدي - مصدر الصور: المذيعة والفنانة مريم الغامدي
المذيعة والفنانة مريم الغامدي - مصدر الصور: المذيعة والفنانة مريم الغامدي


احتفاءً بالدَور الهام الذي تلعبه الإذاعة كوسيلة إعلامية في تثقيف الشعوب ونقل الخبر والإضاءة على الأحداث، والوصول بها إلى شريحة واسعة من المستمعين، اختير الثالث عشر من فبراير من كل عام؛ ليكون يوماً عالمياً للإذاعة، وأقرّته الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثّقافة، اليونسكو.


وبنظرة على تاريخ الإذاعة في المملكة العربية السعودية، نجد أن نشوء الإذاعة تزامن مع المراحل الأولى لتأسيس الدولة؛ لتستمر عبْر التاريخ، وتسجل عقوداً زمنية من الخبرات والعطاء المستمر والتميّز؛ مواكبة كل التحولات والنقلات النوعية التي حصلت في المملكة والعالم، ولاسيّما من حيث التقنيات والأدوات وتميّز المحتوى.


أما المذيعات السعوديات فقد رسمن مساراً لا شبيه له منذ البدايات، رافقته تحديات جمة؛ فأثبتن خلاله أنهن على قدر التحديات، وأن في جعبتهن مهارة وتمكناً من أدوات المهنة تُبقي أسماءهن محفورة في ذهن المستمع عقوداً وعقوداً من الزمن؛ فسجّل تاريخ الإذاعة في المملكة بعض الأسماء النسائية البارزة، التي اقتحمت هذا الأثير بجدارة وإتقان، واليوم يُذكرن كرائدات في المجال، في كل مناسبة يُحتفى خلالها بالرسالة الإذاعية.


«سيدتي» تعيدكم إلى بدايات دخول المرأة السعودية إلى عالم الإذاعة، من خلال بعض الأسماء البارزة، والتي هي جزء من مسيرة غنية لمبدعات رائدات في هذا القطاع.

 

أسماء الزعزوع

 

من الهند، ومن القسم العربي في إذاعة عموم الهند في نيودلهي، التي كانت قديماً من أقوى الإذاعات الموجهة للعالم العربي، كانت الانطلاقة الأولى لـ"أسماء الزعزوع"، ابنة مكة المكرمة، وأول صوت نسائي سعودي يصل عبْر الإذاعة للمستمعين في المملكة وفي العالم العربي. فبتشجيع من زوجها الأديب عزيز ضياء "رحمه الله"، الذي كان وقتها يعمل في تلك الإذاعة كمذيع ومترجم من اللغة الإنجليزية، وقارئ مُعِدّ لنشرة الأخبار، انضمت "أسماء الزعزوع" للعمل كمذيعة ربط، بالإضافة إلى إعداد وتقديم برنامج (الأطفال)، وبرنامج (ما يطلبه المستمعون)، كما وكُلّفت أيضاً بتدريب المذيعين والمذيعات الجدد في القسم العربي.
وبعد عودتها للوطن، انقطعت فترة عن العمل الإذاعي؛ لتعود عام 1963م، حين طُلبت منها المشاركة في العمل الإذاعي في إذاعة المملكة العربية السعودية. ولخبرتها السابقة، أسندت إليها الإذاعة إعداد وتقديم برنامج للأطفال، لاقى نجاحاً كبيراً وحفر اسمها في أذهان الناس كـ"ماما أسماء"؛ لتستمر بعطائها كمُعِدّة ومقدمة لبرامج الأطفال حتى عام 1972م، ثم بعد تعرُّضها لعارض صحي، توقفت عن تقديم البرامج واستمرت لفترة بالإعداد وتدريب المذيعات؛ حتى تقاعدت عام 1985م لتتفرغ لعائلتها. تلقت أسماء زعزوع العديد من التكريمات، وتُوفيت عام 2014، عن عمر ناهز 86 عاماً.

 

نجدية الحجيلان

 

نجدية الحجيلان التي عرفها المستمعون باسم «سلوى إبراهيم»، لم تدرس الإعلام كتخصص، لكن شغفها وعشقها لهذه المهنة، قاداها لتكون من أول الأصوات النسائية التي صدحت عبْر أثير الإذاعة السعودية في مطلع الستينات، رغم كل التحديات التي رافقت هذه المهنة خلال تلك الحقبة الزمانية، وذلك بعد أن حصلت على دورات في محطة (بي بي سي) والتليفزيون الإيطالي. حظيت نجدية الحجيلان بتشجيع زوجها الراحل عباس غزاوي، الذي كان أول مدير عام لـ الإذاعة والتلفزيون، وخضعت للتدريب على الإلقاء ومخارج الحروف واللفظ الصحيح على يده، كما وحظيت بدعم من شقيقها وزير الإعلام السابق جميل الحجيلان.
وخلال عملها في الإذاعة، قدّمت نجدية الحجيلان العديد من البرامج، منها: (البيت السعيد)، و(صباح الخير)؛ لتنتقل بعدها إلى عالم التليفزيون؛ حيث تولّت مهام مختلفة، منها مهمة المونتاج للبرامج الأجنبية.

 

مريم الغامدي

 

مريم الغامدي هي أيضاً من أوليات المذيعات السعوديات؛ حيث دخلت الإذاعة وهي طفلة، وهي أول سعودية تملك مؤسسة إنتاج وتوزيع أعمال إذاعية وتليفزيونية، ومن أوليات من قرأن نشرات الأخبار عند انطلاقة قناة الإخبارية السعودية، ونشرة الأخبار في إذاعة الرياض، كما أنها أول سعودية تكتب السيناريو في الأعمال التليفزيونية منذ عام 1983م، وأول امرأة سعودية تقف على خشبة المسرح وتعمل في مجال التمثيل، عُيّنت مع زميلتيها د. حنان الأحمد، وكوثر الأربش، كأول ثلاث عضوات نساء في مجلس إدارة جمعية الثقافة والفنون ولأول مرة في تاريخ الجمعية.
شاركت في العديد من الأعمال الفنية، كالمسلسلات والأفلام والبرامج التليفزيونية والإذاعية، ولها العديد من المؤلفات التي تُرجم بعضها إلى لغات مختلفة، منها: الإيطالية والنرويجية والإنجليزية. حصلت مريم الغامدي كإعلامية وكاتبة وممثلة، على العديد من الجوائز والتكريمات، منها: جائزة أفضل ممثلة، في مهرجان الإعلام العربي بالقاهرة، عن مسلسل (الأبواب المغلقة)، إنتاج اذاعتي الرياض وصوت العرب، وجائزة أفضل مؤلفة للدراما الاجتماعية الإذاعية، وجائزة الجدارة، عن دورها في مسلسل (شذى الأندلس)، الذي أنتجته إذاعة صوت العرب المصرية.

 

سلوى شاكر

 

لعل نشأتها في كنف أسرة إعلامية مثقفة، ساهم بشكل رئيسي في تكوين شغفها بالعمل الإعلامي؛ لتنخرط في هذا الحقل منذ طفولتها، من خلال برامج الأطفال في التليفزيون والإذاعة؛ لتشارك في عام 1965م بتقديم أوبريت افتتاح إذاعة الرياض.
الداعم الأول لها كان والدها، عبدالمعين شاكر، وعمها هو الأديب والمؤرخ السعودي فؤاد شاكر. تزوّجت من الفنان الراحل عبدالعزيز الحماد، وسافرا سوياً إلى الولايات المتحدة الأميركية؛ حيث تخصصت بمجال التواصل الإعلامي.
وبعد تخرجها كانت انطلاقتها الرسمية في الإعلام كأول سيدة موظفة رسمية، وعادت لعمل البرامج في الإذاعة أو التليفزيون، ثم اقتحمت مجال التمثيل بالمسلسلات التليفزيونية؛ فرسخت صورتها كإعلامية شاملة، وكُرّمت في العديد من المحافل كرائدة من رواد الإعلام السعودي.
هي صاحبة مشوار حافل بالعطاء، ومن أبرز أعمالها: برامج «مجلة الأطفال»، «إذاعة الرياض»، «عالم المرأة»، «من الرياض إلى التحية»، «انسَ هُمومك»، «أبجد هوز»، ومسلسلات مثل: المسلسل التاريخي «الفارس الحمداني»، مسلسل «المهند»، مسلسل «هوامير الصحراء». هذا بالإضافة إلى العمل التحريري، والمشاركة بالعمل المسرحي.

 

هدى الرشيد

المذيعة هدى الرشيد - الصورة من موقع إذاعة BBC


أول صوت نسائي عربي يتردد من هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) لأكثر من ثلاثة عقود، تلقّت دراساتها في مدارس وجامعات مختلفة، من بيروت إلى لندن؛ وصولاً إلى الماجستير في أكثر من تخصص، ثم الدكتوراه في مجال الإعلام.
بدأت هدى عبدالمحسن الرشيد حياتها العملية في مطلع السبعينات، كإعلامية متعاونة مع إذاعة جدة، كما شاركت في تحرير صحيفة عكاظ بين عامي 1971 و1974، وكانت أول مذيعة سعودية ظهرت على شاشة تليفزيون الرياض لتقديم نشرة الأخبار بالعربية في صيف عام 1974، ثم سافرت إلى بريطانيا لتتلقى تدريباً مكثفاً قبل أن تبدأ العمل في القسم العربي من هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)؛ مقدمةً أهم النشرات الإخبارية، ومحاورة كبار القادة، ومقدمةً لبرامج مختلفة في الثقافة والمنوعات، مواصلة في تلك الأثناء تحصيلها العلمي. ثم استقالت من «بي بي سي» في عام 1998. لها العديد من المؤلفات، منها: غداً يكون الخميس، العبث، الطلاق، ومن الحب، بالإضافة إلى كتاب "نساء عبْر الأثير" الصادر في عام 1973.
"هدى إذاعة"، بهذه التسمية كان أهلها ينادونها لِما تحمله في قلبها من عشق للإذاعة، لكن المرحلة التي برزت فيها الإعلامية السعودية هدى الرشيد لم تكن مرحلة سهلة، وواجهت فيها الكثير من العقبات، إن كان باختيار التخصص والمهنة، أو بالسفر على الخارج وغير ذلك، ولم تحظ بالتشجيع من والدها في البداية إلى أن أقنعته بمساعدة شقيقها، وصار بعد ذلك الأب الفخور بابنته، كما نقلت بعض المصادر.


هناك العديد من الأسماء التي تركت أثراً في هذا المجال منذ بداياته، ولاتزال مرجعاً ومضربَ مثل، وفي اليوم العالمي للإذاعة: رحلة الذكريات مع المذيعة نوال بخش