دانة الفـهـيم سيدة الأعمال الإماراتية: قصة «فرِيا» بدأت من فستان زفافي 

دانة الفـهـــيم سيدة الأعمال الإماراتية
دانة الفـهـــيم سيدة الأعمال الإماراتية

علاقة المرأة بالمنسوجات والأقمشة متجذّرة بعمق في تاريخ منطقتنا وثقافتها. فالقماش في الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الخليج العربي هو أكثر من مجرد مادة لازمة لمهارة الخياطة التي تتعلّمها البنات من الأمهات، بل هو هدية ثمينة تعبّر عن الحبّ والصداقة.
وعند دخول هذا المكان الساحر والمتميز «فريا»، تجد نفسك أمام حقيقة مبهرة، وأحلام تتحقق، تحتار الحواس أمام كلّ ما يخطر على البال من أقمشة فريدة من نوعها ومصنوعة بدقّة لتحويل أي تصميم أو حلم يتعلّق بالأزياء والموضة إلى حقيقة، بينما كانت سيدة الأعمال دانة محمد الفهيم، تتجول في الصالة العصرية الكبيرة، وتتابع كل جديد يدخل عليه، لتحيي كل شغف، بدءاً من الإلهام، حتى الإطلالة الأخيرة لكل سيدة تقصد صالتها، لقطع غريبة في تصاميمها، وكأنها «أليس في بلاد العجائب».
في جلسة دافئة كان لنا هذا اللقاء، الذي أحيت فيه دانة، زمناً كانت النساء فيه تقبل على شراء الأقمشة، متجاوزة انتشار الألبسة الجاهزة، عبر خطة جريئة تدعى «فرِيا».
 

لينا الحوراني Lina Alhorani
الصور | خاص لـ «سيدتي»
الأزياء | متجر «فريا»

 


دانة الفـهـــيم

دانة الفـهـيم سيدة الأعمال الإماراتية

كنت مليئة بالأمل والشغف والتفاؤل وأنا أفتح قنوات للتواصل والتعاون بين رواد عالميين في صناعة القماش


فخ التكرار


«إن توجه السيدات نحو شراء الملابس الجاهزة لم يفقد رونق اقتناء قطع الأقمشة وجمالياتها، لكن بعضهن يتوجهن إلى الطريقة الأسهل لاقتناء الملابس لمختلف المناسبات والفعاليات؛ نظراً إلى كون الملابس الجاهزة متوافرة على منصات التسوق المختلفة «أونلاين»، إضافة إلى المراكز التجارية، فهن يتجنبن مسألة التوجه إلى متجر القماش واختيار القطعة المناسبة، ومن ثم اختيار خياط يتقن حياكة الملابس بطريقة احترافية».. بهذا بدأت دانة الفهيم، قصتها مع «فرِيا»، واستدركت قائلة: «المشكلة أن تكرار التصاميم الموجودة أونلاين أو في المراكز التجارية يضع المرأة في فخ التكرار، تكرار قطع الملابس التي ترتديها العديد من النساء؛ لأنها تتسوق من المتاجر أو المنصات نفسها؛ ما يفقد رونق الفرادة والتميز، فقد تحضر السيدة مناسبة معينة لترى غيرها يقتني قطعة الملابس نفسها أو الفستان».


إضافة السعادة والفرادة


قامت الشابة الإماراتية، التي تخرجت في تخصص إدارة الأعمال، بإجراء العديد من الأبحاث التسويقية في مرحلة تأسيس المشروع، وتبين لها أن العديد من السيدات يبحثن عن الطريقة المحترفة والمثلى لشراء الأقمشة، وتصميم قطعة تخصهن تروي تفاصيل أذواقهن المختلفة ليتميزن بها عن نظيراتهن من السيدات، تتابع قائلة: «كان الهدف وراء تأسيس «فريا» ابتكار تجربة تسوق فريدة ومتميزة للسيدات اللواتي يبحثن عن التميز، بدءاً من اختيار الأقمشة لأكبر دور صناعة الأقمشة في العالم، وصولاً إلى خدمات الاستشارة التي نقدمها للسيدة في اختيار التصميم الذي يتناسب مع شخصيتها وذوقها ونوعية القماش المختارة وفقاً للمناسبة، ساعين إلى إضافة السعادة والفرادة للقطعة التي ستتزين بها».
تابعي معنا تفاصيل لقاء سابق مع فاطمة الشيراوي رائدة أعمال في مجال استشارات حلول الألوان

 

قطعة القماش كالشِّعر إن لم تكن أبياته جميلة وتوصلك إلى الرسالة المنشودة لا يمكن إكمال القصيدة


أحقق أماني السيدات

 

يشبه فضاء «فريا» عالم «أليس في أرض العجائب»، ويحقق أحلام الزبائن.. لذلك كان من المهم اختيار اسم مميز للصالة، يسهل على الجميع من مختلف الجنسيات لفظه، لا سيما أننا في دولة الإمارات نعيش بانسجام كامل مع أكثر من 190 جنسية، لذلك كان من المهم اختيار اسم سهل ومبسط، تتابع دانة: «كلمة «فريا» تعني الأنوثة وفقاً للثقافة النرويجية، لذا كان اختياري لهذا الاسم كون الماركة مهداة من امرأة إلى النساء جميعاً، فجميع النساء جميلات بطريقتهن الخاصة وماركة «فريا» جاءت لتعزز هذا الجمال وتضيف التميز والفرادة إلى المرأة. أشعر في «فريا» بأنني أحقق أماني السيدات لتكون كل سيدة مختلفة ومميزة عن غيرها، نحن نعلم أن القماش هو القاعدة الأساسية في عالم الموضة والتصميم، وفي نظري قطعة القماش كأبيات الشعر إن لم تكن هذه الأبيات جميلة وتوصلك إلى الرسالة المنشودة فلا يمكن إكمال القصيدة».
عند دخول الصالة تنجذب السيدة إلى طريقة عرض قطع القماش المتدلية بطريقة انسيابية تعكس جماليات القطعة، وتأخذها إلى تخيل تصميم يتناسب مع شخصيتها وذوقها، وهذه أول خطوة لإلهامها ليأتي دور المصممين في تنفيذ وابتكار التصميم الذي ترغب فيه. كما تم تصميم مجالس خاصة تتسم بالخصوصية «لاونج» تتيح للزبونة الجلوس والاسترخاء بعد عملية انتقاء الأقمشة؛ حيث تلتقي فيها الاستشاريات المتخصصات بتقديم النصح والإرشادات الخاصة بالقماش والتصميم، وخلق التصاميم التي تتطلع إليها مهما كانت سهلة أو معقدة.


إقناع موردي الأقمشة العالميين


أول ما يشعر به الزائر في «فريا» هو عنصر الإبهار، فعند الدخول إلى المتجر الكبير، تسحرك تلك الأقمشة المتدلية من السقف، كأنها شلالات وأنهر تتساقط من أعالي الجبال لتكون كل قطعة قماش قصة مختلفة تجعل كل من يشاهدها يشعر بتواصل قوي، سواء أكان الزبون امرأة أم رجلاً، لينتقي قطعة قماش لوالدته أو أخته أو زوجته.
وعلى الرغم من تحديات المشروع، تقول دانة: «بشكلٍ عام، هناك دائماً تحديات عند إطلاق أي مشروع، ولكن العبرة في خلق فرص في ظل هذه التحديات. إن تجارة الأقمشة أحد أبرز الأعمال التجارية التي يرجع عمرها إلى أكثر من 100 سنة فهي تجارة، تم توارثها من أجدادنا الذين اعتمدوا على الطريقة التقليدية في شراء الأقمشة وبيعها، فأول التحديات كانت كيفية إيصال فكرتي إلى الناس والمجتمع عن «فريا»، فهم تعودوا على زيارة محلات الأقمشة المتواضعة والغنية في الوقت نفسه في العديد من مناطق الدولة، فكرتي التي كانت وما زالت تتبلور حول «تجربة تسوق الأقمشة بطريقة فريدة ومميزة وغنية، أقمشة ليست موجودة إلا في فريا»؛ حيث سوق الأقمشة مختلف عما هو متعارفٌ عليه؛ إذ أسعى فيه إلى دمج مجموعة من الأعمال تحت مظلةٍ واحدة، وهي اقتناء أقمشة غير موجودة في الأسواق من أرقى دور صناعة القماش في العالم، ووصولاً إلى تجربة التسوق، وانتهاءً بتصميم القطعة».
من التحديات التي واجهتها دانة إقناع موردي الأقمشة العالميين بفرادة «فريا» وأهمية اقتنائها لأقمشة غير موجودة في السوق «أقمشة حصرية»؛ لأنهم تعودوا على توريد هذه القطع لأشهر دور التصميم والمصممين العالميين، حتى وصلت الرؤية إليهم، ومن هنا جاء التعاون والدعم من قبلهم.

تلمّسي قطعة القماش وتنشقي رائحتها، واشعري بها، فعّلي جميع حواسك وستستطيعين أن تختاري ما يناسبك


تخيلي فستانك

دانة الفـهـيم سيدة الأعمال الإماراتية


لا يقتصر استقبال زبائن المتجر الكبير على النساء والشابات فقط، بل هناك العديد من الرجال الذين يبتاعون الأقمشة ويهدونها لأمهاتهم وأخواتهم وزوجاتهم، تستطرد دانة: «لا يمكن أن أذكر سبب واحد لميل الشابات إلى الأقمشة، فهن يملن إلى القطع التي يشعرن بتواصل كبير معها، أقمشة تشبههن وتناسب أذواقهن وشخصياتهن. كما أن تصميم المحل على مساحة كبيرة وطريقة عرض الأقمشة تساعدهن على رؤية قلوبهن تتراقص على القطع المتدلية، فيسهل عليهن الاختيار؛ لأن جميعها معروضة بطريقة مبتكرة وسهلة، لكنني أرغب في تقديم نصائح معينة لهن، عند اختيار نسيج يناسب فستاناً صممن موديله:
أولاً: اختاري القطعة التي تتواصلين معها وتتخيلين فستانك مصمماً بها.
ثانياً: اشعري بقطعة القماش وتلمسيها وتنشقي رائحتها. باختصار، فعّلي جميع حواسك عند اختيارك لقطع الأقمشة، وستستطيعين أن تختاري حينها القطعة المناسبة لك.
ثالثاً: هناك تنوع كبير في نوعية الأقمشة المعروضة وطريقة حياكتها وصنعها، وعلى تنوعها أنصح دائماً زبائننا في تقنية «التنظيف الجاف» للحفاظ على القطعة مدة أطول وجعلها تبدو دائماً بشكل مبهر ولافت».
نفترح عليك متابعة هذا الحوار مع نورة المريخي رئيسة مجلس إدارة جمعية «همّة»


مصممون معاصرون


تتعاون دانة من خلال «فريا» مع العديد من موردي الأقمشة العالميين، من بينهم: »جاكوب شلايبفر»، و«لوسي، و«روفو كولي»، و«ريكاميفيكو ألدو بيانكي»، و«صوفي هاليت»... وغيرهم من صناع الأقمشة الفريدة الذين يوردون لمصممين العالميين، تروي علاقتها بهم قائلة: «تعدّ دار «صوفي هاليت» مرجعاً فعلياً عالمياً في فن صناعة الدانتيل والتول الفرنسي، وقد نسجت قصتها من خلال التعاون مع أهم الأسماء في عالم الأزياء الراقية في القرن العشرين، وتستمر حتى اليوم مع مصممي الأزياء الشباب والمصممين المعاصرين. وعلى مدار أكثر من 130 عاماً، ابتكرت دار «صوفي هاليت» بشغف ودقة عالية أقمشة التول والأربطة عالية الجودة التي تلهم مصممي الأزياء الراقية والملابس الجاهزة والديكور والملابس الداخلية الفاخرة في جميع أنحاء العالم كفيرساتشي، وبربري، ودولتشي آند غابانا، وستيلا مكارتني، وأليساندرا ريتش، وبوتيغا فينيتا، وبالمان، وكوشي، وميو ميو، وفالنتينو، وأتلين، ورالف وروسو، وأرماني بريفي، وستيفان رولاند، إضافة إلى جيفنشي وألكسندر ماكوين.
أما أبزر مصممي الأزياء ودور الأزياء الذين عملوا مع «جاكوب شلايبفر»: فهم: توني ورد، وجورج شقرا، وجورج حبيقة، وفندي، وكوم دي غارسون، وبراندون ماكسويل، وجان بول غوتييه، ورامي القاضي، ومارك جاكوبس، وجولي دي ليبران، ورامي العلي، تعلّق قائلة: «من المهم أن أذكر بأننا في «فريا» نملك قطع قماش من هؤلاء الموردين حصرية وغير موجودة في أي مكانٍ في المنطقة (محلياً وإقليمياً).

«فرِيا» مهداة من امرأة إلى النساء جميعاً


رحلاتي وحب الأقمشة

دانة الفـهـيم سيدة الأعمال الإماراتية


شغف دانة بالأقمشة، جعل هناك قصة وراء كل شيء تراه، فهناك حبكة محكمة وراء كل خيط وتصميم ورسمة تم وضعها لكل قطعة قماش؛ الأمر الذي زرع حب الأقمشة في نفسها، كما تستفيد من رحلاتها لجمع أو ابتكار أنواع الأقمشة، فهي تعدّ رحلاتها الأولى لتوريد الأقمشة، تتابع: «كنت مليئة بالأمل والشغف والتفاؤل وأنا أفتح قنوات للتواصل والتعاون بين رواد عالميين في صناعة القماش وبين «فريا»؛ حيث كانت المهمة إقناعهم بعرض أقمشتهم المميزة، وقد تكلل شغفي بنجاح كبير ترجم على أرض الواقع، من خلال اقتنائي لقطع حصرية غير موجودة في أي مكانٍ اَخر، فالموردون لم يقتصر دورهم على تزويدنا بالأقمشة، بل تعدى ذلك إلى مرحلة مشاركتنا خبراتهم وأفكارهم في هذا المجال، إضافة إلى تقديمهم النصح والمشورة بما يخدم أهدافنا، وذلك لإيمانهم برؤيتنا وفكرة المتجر المتميزة، كما تعلمت أن صناعة الأقمشة ليست كالصناعات الأخرى في العالم، فهي فنٌ بحد ذاتها، والذين يعملون في هذا القطاع هم عائلات عريقة امتهنوا هذه المهنة أباً عن جد، وساعدهم شغفهم لهذه الصناعة على الابتكار والتميز.
كانت إيطاليا وجهة دانة المفضلة لاقتناء الأقمشة، فالشغف والحب الكبير الذي لمسته من قبل العائلات التي تعمل في هذا المجال تجاه أقمشتهم جعلها تتعلق أكثر بمشروعها وتشعر بالشغف الكبير نحو تحقيق النجاح لها ولعائلتها.


حكاية وسر


تذكر دانة أنه في زفافها لم يكن لديها الوقت الكافي لتصميم الفستان؛ نظراً إلى الفترة الزمنية القليلة بين حفلة الخطوبة وحفل الزفاف، وهنا كانت تبحث عن طريقة سهلة وفعالة لاقتناء فستان، وواجهت التحدي حينها بحثاً عن مصمم يبدع فكرة تناسب ذوقها، تقول: «أذكر أنني أحببت حينها القصص التي كانت تتوارى خلف كل تصميم من تصاميم مصممة إماراتية، وهذا الأمر خلق في داخلي الحافز للتعاون معها في تصميم فستان زفافي؛ حيث كانت هذه المرحلة بالنسبة إليّ إلهاماً لأصنع قصة اسمها «فريا»، لتكون هناك حكاية وسر وراء كل قطعة قماش».
اختارت دانة فستاناً من مجموعة فساتين الزفاف الأولى للمصممة، تعلّق: «الفستان كان يحمل الكثير من التفاصيل، وهو عالمي بامتياز في تصميمه وأفكار قصاته».
ما برأيك بمتابعة اللقاء مع الشيخة مريم بنت صقر القاسمي