حنان الأمومة دفعها لتربيتها..حكاية منى والقردة «نانا»

تفاصيل علاقة منى مع قردتها «نانا» ترويها لـ«سيدتي» قائلة:

كنت أعمل بمنزل إحدى العائلات، وكان ابن صاحبة المنزل معوّقًا، وكنت أهتم به وأحنّ عليه فتعلق بي، وأراد أن يكافئني بطريقته الخاصة فأهداني إياها. تقبلت الهدية وشعرت بشعور غريب عندما تسلمتها منه، حيث شعرت بالأمومة تجاه القردة التي أطلقت عليها اسم «نانا».

 

عناية خاصة

كيف اعتنيتِ بها؟ وهل واجهتِ صعوبة في ذلك؟

أوليت «نانا» عناية خاصة وكأنها ابنة لي، وليست مجرد حيوان كما يعتقد البعض. سبعة أشهر مضت وأنا أهتم بها وأعلّمها الكثير من الأشياء التي تتقنها، وكانت تتصرف مثل الأطفال الصغار، قمت بتربيتها والاعتناء بها وشراء الملابس لها، وعاملتها كطفلة صغيرة تحتاج إلى عناية، وكانت تذهب معي للأسواق وكل مكان؛ لأنني اشتريت لها عربة خاصة بالأطفال؛ حتى أتنقل بها براحة أكثر، وعندما تريد أن تأكل أو تخلد إلى النوم تكون في مكان مريح.

ألم يكن الزائرون لكِ بالمنزل أو من تذهبين أنتِ إلى زيارتهم في منازلهم يتضايقون منها؟

من يتضايق من «نانا» أترك له المجلس وأرحل، ولا أستقبل بمنزلي من لا يحبها أو ينفر منها، كما لا أسمح لأي شخص مهما كانت معزته وحبي له أن يتفوه عليها بأي كلمة؛ لذلك فرضتها على الجميع، وتلقائيًّا أصبحوا يحبونها، والجميع يعلم الحدود التي وضعتها لهم بسببها؛ لأنّ لديَّ استعدادًا أن أخسر الجميع ولا أخسر «نانا».

 

ذكريات

حدثينا عن ذكرياتكِ مع «نانا»، وكيف كنتِ تتعاملين معها، وكيف تأقلمت بالعيش معكم بالمنزل؟

علاقتي كانت كعلاقة الأم بابنتها، هذه التسمية التي أستطيع أن أسميها مع «نانا»، التي تأقلمت معي ومع من حولي، كانت تتعلم بسرعة، فعندما تحاول أن تعضني أتظاهر أنني أتألم، فتبتعد ثم تعود لتقبّل يدي. قد لا يصدقني البعض عندما أقول إنها كانت تنطق بعض الأسماء من كثرة تكرارها لها كالطفل الصغير، ولي معها مواقف لا تنسى مثل مواقف الأم وابنتها.

ظروفكِ متواضعة فكيف كنتِ تعتنين بـ«نانا» وتوفرين متطلباتها؟

رغم ظروفي المتواضعة إلا أنّ «نانا» لم تكن تكلفني المال الكثير؛ لأنني عودتها على أكل أي شيء موجود في المنزل، فهي تأكل من طعامي وتشرب من شرابي؛ لذلك لا تكلفني الكثير.

متى توفيت؟ وهل كانت تعاني من مرض ما؟

توفيت في 1/12/1432 يوم الجمعة، وعندما رآها الطبيب قبل وفاتها بيوم قال لي: «لا أخفي عليكِ أنها ستموت إذا لم يكن اليوم فغدًا»، وبالفعل ماتت.

كيف شعرتِ بأنها مريضة؟

قلّ نشاطها وحركتها بالمنزل، كانت تنادي وتصرخ وتصعد الدرج بشكل غريب، ثم هدأت بطريقة مرعبة.

 

أجواء من الحزن

وكيف تشعرين بعد فراقها؟

لا تزال أجواء الحزن تملأ المنزل، وأشعر بضيق كأنني فقدت ابنة لي، وليس حيوانًا كما يعتقد البعض، ولا أزال أنا وأبنائي الكبار نذكرها.

كم دامت مدة عنايتكِ لها؟

سبعة أشهر.

ما المواقف التي مرت بكِ ولا تستطيعين نسيانها؟

عندما قررت أن آخذها إلى حديقة الحيوانات؛ حتى تعيش مع أقرانها وتتزاوج مع فصيلتها. ولأنني عشت وحيدة في طفولتي لم أرغب أن تعيش مثلي، رغم أنها أدخلت الفرحة إلى منزلي والحياة من جديد لي ولأبنائي، وعندما أخذتها إلى هناك طلبوا مني أن أعود بعد أسبوع لزيارتها، وبعد أسبوع ذهبت إلى زيارتها فوجدتها ممتنعة عن الطعام والشراب، ولجأت إلى الصراخ للتعبير عن الاحتجاج، رغم أنها كانت هادئة لديَّ بالمنزل، كما رفضت الخروج من القفص، إلى أن حضرت وأخرجتها منه، وأخبرني المسؤولون في الحديقة بأنها لم تتأقلم مع الحيوانات، وكانت ترتدي الملابس التي كنت قد ألبستها إياها.

 

ابنتي «نانا»

كيف كانت أجواء المنزل بعد أن وضعتها في الحديقة؟

المنزل أصبح كئيبًا وفارغًا، وفقدنا صوتها وحركتها.

كيف تصرفت عندما رأتكِ بعد غيابكِ عنها لمدة أسبوع؟ وكيف أخرجتها؟

بدأت بالصراخ وكأنها تطلب النجدة لتخليصها من المكان الذي وضعتها فيه، فرفضوا في البداية إرجاعها لي، ولكني أصررت وطالبت بأخذها، وبإصراري وبكائي تعاطف معي المسؤولون وأخرجوها.

وكم استمرت معكِ قبل موتها؟

بعد خروجها من حديقة الحيوانات مكثت لديَّ شهرًا، ثم ماتت.

ما أجمل ذكرياتكِ مع نانا؟

كنا نأكل معًا أنا وهي، وكانت تدافع عن أغراضي الشخصية، وإذا أقدم أي شخص على أخذها تضربه وتعيدها إليَّ، وعندما كانت تمسك الطعام بيدها اليسرى كنت أضربها، فتتحول إلى الأكل باليمنى، كما علّمتها عندما أكون غاضبة وأصرخ تصرخ معي، ولها مواقف كثيرة معي لا أستطيع نسيانها.

هل تأقلم ابنكِ الكبير الذي يسكن معكِ في المنزل معها؟

نعم، وكان يحبها ويشعر بأنها طفلة صغيرة بتصرفاتها وليست حيوانًا، ويأخذها إلى السوبر الماركت القريب من منزلنا.

 

الدمى واللون الأخضر

ماذا كانت تحب؟

تحب الدمى؛ لذا اشتريت لها دمية تلعب بها، وكانت تحب الفساتين، وكذلك تحب اللون الأخضر، فكنت أشتري لها أشياءها المفضلة بهذا اللون.

ما آخر مشوار أخذتها إليه؟

إلى السوبر ماركت، وتجمّع عليها الناس، ولعب الأطفال معها.

هل كنتِ تمنعين من الدخول إلى الأسواق وهي معكِ؟

لا؛ لأنها كانت تمتلك شهادة ميلاد وأعتني بها.

هل كنتِ تتابعين حالتها الصحية؟

نعم كنت أعتني بها، ولها طبيب خاص أذهب إليه لأطمئن على صحتها، وكنت أخاف عليها من المرض.

كيف تقبّلها الأهل؟

أهلي يحبونها حبًّا جنونيًّا، وعندما توفيت أقمنا عزاء، وجاء الأهل والأصدقاء والجيران وحضروا العزاء، وتلقيت الاتصالات من أشخاص أعرفهم عزوني بوفاتها.

*أين دفنتها؟

في منطقة البحيرة بالرياض.

ما آخر الكلمات التي قلتها لـ«نانا» بعد وفاتها؟

 قلت لها عندما أنزلتها إلى القبر: «سامحيني يا «نانا» إذا كنت قد قصرت بحقكِ أنا وابني»، فقد شعرت بأنني فقدت طفلة وليس حيوانًا.