من مغتربة إلى مغترب

 من مغتربة إلى مغترب

ها أنا أكتب لك الجواب... أكتب من مغتربة إلى مغترب، وأسألك: ماذا عن أحمد ابن عمي في الغربة؟ وهل تأقلمت هبة حينما بدأت سلسلة هجراتها «الميمية»؟ «منصورة... مينسوتا... مكة» عقب زواجها؟ وماذا عن إيمان؟ هل تجد صعوبات في تربية ابنتها الجميلة جومانة بأميركا؟

لقد تذكرتكم جميعًا منذ يومين حين التقينا، ياسر وأنا، بمهندس سوداني عند قيامنا بدفع فاتورة «كيوتل»، تذكرتكم حين أخبرنا الشاب السوداني أنه أوشك على إنهاء آخر صفحة في كتاب غربته... وشرع في عدّ الليالي، كونه على بعد أيام من مقابلة والديه، الذي عاش ما يزيد على عقد من الزمان دون رؤيتهما... فقد سرقته سنوات التعليم في الهند... ونهبته أعوام الماجستير في ماليزيا... وقضت عليه أحوال العمل في قطر.

ولكنه ها هو عائد أخيرًا «للوطن»؛ لأنه وجد فرصة عمل في السودان بمزايا أفضل من المتعاقد عليها في قطر.

ولأنني قررت طرد هاجس الرفض وترك نفسي إلى الله... فلقد نُصِحت بضرورة أن «أعيش اللحظة »؛ كي لا أحزن! أنا هنا في قطر... وليكن... أنا هنا مغتربة بعيدًا عن أرضي... ولكم سمعت من مغتربين أنهم يحملون معهم تاريخ أوطانهم... ثم بعد فترة صاروا يتحدثون عن حمل الجنسيات... وفي النهاية تحوّل الحديث إلى حمل جوازات سفر.

نهلة

 

 

 أعمدة

مدينة صغيرة تموج بوجوده معها، فراستها وجماله، تموج خصلات ثابتة في حياتهما، قناعة متأصلة يفرضها صبره، الرقص في سماء وجنتيها الغرتين، يصاحب تقويم العشق بينهما نفحات من عبق المسك، تهيم شوارع المدينة عندما يلحقانها بخطواتهما، ومع كل صباح يتجددان بسرّ الحياة.

رحاب حسين الصائغ – العراق

 

 

 حب من ركلة جزاء

سمعت أن نساء الدنيا ينظمن بطولة لدوري قلبك، وسوف تشارك كل الفرق... كل الجميلات... كل الحسناوات، فمن يا ترى الموعودة بكأس قلبك... هذا العام؟! أظن وبعض الظن (جميل) أنها تلك المتجولة في شوارع (الربيع الأول من عمرها وردي التفاصيل)، أو تلك التي (تحرز الهدف الواحد بعينيها) فيحتسبه الحكم (ثلاثة أهداف)، ومع ذلك لا يحتج الجمهور، ولا يرمي الملعب بقارورات المياه.

أو دعني أقول وأرشح (عربية العيون... غربية القوام) والتي نظرت إليك فأخذت من عمرك أعوامًا وأعوامًا. وربما تلك التي غنت لك (كل شيء منك حلو)، وكان كل شيء منها حلوًا. أما بالاعتماد على ما نقلته (كاميرا عيوني التي لا أحملها)، فقد كان الجمهور متفاعلاً جدًا مع تلك التي كانت (تمشي على إيقاع الحب)، ثم (تسقط في منطقة الجزاء)، و(الحكم) لا يحتسب شيئًا.

حتى تلك التي نالت (إنذارًا عاطفيًّا في مشاعرها) لم يكن (الكارت الأصفر) عقابها الوحيد... بل (نظرة الهزيمة منك) كانت أقوى. هل أنا على حق؟ أم أنّ إحساسي اتجه (يمينًا) ولن تقام بطولة لدوري قلبك هذا العام، وليس لهذه أو تلك من كأس قلبك نصيب؟!

هناء إبراهيم

 

 

حقيقة

كبريائي يخفي غموضًا

حبي ليس له حدود

كراهيتي كراهية الأسود

ولكنّ جذوري طيبة مليئة بالإيمان والسجود

وأؤمن رغم أخطائي أنني من التراب خلقت وإليه أعود

للذين لا يعرفونني، فإنني كائنٌ حقود

لا يحتمل الخطأ... ولكنه ليس بجَحود!

سالي أبو بكر – لبنان

 

 

سرقة الأحلام

لم يجد أي مخرج من المأزق الذي كان فيه، لقد تحوّل فجأة إلى قطعة خشبية جامدة لا تتحرك. ولا يمكن تشبيهه بأي شيء؛ لأن الرياح كانت قوية، ويمكن أن تحرك بعض الأشياء، ولكنه أصبح جامدًا كجمود الصخر. نعم إنه الصخر بكل عنفوانه وتاريخه، هو كالقدامى، الذي يمكن للإنسان أن ينسلخ من كل شيء إلا منهم... هكذا كانت توحي صورته للناظرين.

أما في داخله فكان هناك صراع رهيب بين كل الأضداد، إنه يصرخ بصمت، صرخة تخرج من عينيه عندما تنظر إليهما، أو صرخة تظهر في ملامح وجهه عندما تتمعن بها، هكذا كانت هيئته، لكن ما السبب في كل ذلك؟ أهي لعنة الزمان؟ أم أنها تراكمات قديمة خرجت فجأة... لأنه كان يكابر؟

نعم إن في داخله صراعات متراكمة، وكثيرة أيضًا، وإن حيرة الصغر وشموخ الكبر كلها تجمعت، تذكّر العادات والتقاليد التي تعلمها في طفولته، لكنه الآن كبر وبدأ يفسر الأشياء على غير حالها القديم! كلها كانت في داخله عندما كنت أنظر إليه بشوق وخوف، شوق يجرني إلى معرفة المجهول، وخوف من الصحوة التي كنت أغفو بها عندما رأيته.

أتعرفون من هو!

إنه أنا... أنا الغائب في جسدي عندما أنام وأصحو... أنا الذي أود أن أوقف عجلة التفكير... دق جرس الباب في أذني، استيقظت مسرعًا لأفتح الباب لشيء جيد... فتحت الباب ولم أجد أحدًا... وكل ما كنت فيه سرق بضربة جرس.

مرتضى جاسم السعيري