قراءة الآباء أو الأجداد لقصص الأطفال تعدّ من أفضل الأساليب التربوية فعالية في النمو الصحي للطفل عاطفيا وفكرياً، ومن اللقطات الثابتة التي تظل في وجدان الطفل ولا تُمحى بمرور الزمان، إلى جانب أنها نشاط ممتع ومحبب للطفل، ووسيلة رائعة لقضاء وقت جيد مع طفلك، بجانب تنميتها للعديد من المهارات.
اللقاء مع الدكتور علي دسوقي، أستاذ التربية وعلم نفس الطفل، الذي يحكي عن الطرق الصحيحة للقراءة، وأهمية القراءة للطفل، بجانب شرح وافٍ خاص لدور قصص الأطفال في تنمية المهارات اللغوية؛ نظراً لأنها تعتبر استثماراً قيّماً في مستقبل الطفل اللغوي والمعرفي.
أهمية قراءة القصص للأطفال

لا يقتصر دور القصص على تسلية الأطفال أو تهدئتهم قبل النوم، بل تعدّ وسيلة فعّالة تنقل القيم، وتعزز الخيال، وتطوّر المهارات، فيما يلي بعض فوائد قراءة القصص للأطفال:
تعزيز النضج النفسي والعاطفي
تساعد قراءة القصص الأطفال على فهم مشاعرهم وكيفية التعبير عنها، بالإضافة إلى فهم مشاعر الآخرين والتفاعل معها، ممّا يسهم في بناء ذكاء عاطفي يمكّنهم من التكيّف الاجتماعي، وبناء علاقات صحية مع من حولهم.
تنمية القدرات اللغوية والتعبيرية
تُعَدُّ القصص وسيلة فعّالة لإثراء مخزون الطفل من المفردات والعبارات، مما يعزّز قدرته على التعبير عن أفكاره ومشاعره بوضوح، كما تسهم في تحسين فهمه للتراكيب اللغوية، وتعزيز مهارات الاستماع والتركيز.
اكتساب المعرفة والثقافة
من خلال القصص، يتعرف الأطفال إلى ثقافات وحضارات بلدان مختلفة، ويتعلمون حقائق ومعلومات في مجالات متنوعة، مما يوسع آفاقهم المعرفية ويعزز فضولهم العلمي، كما تسمح القصص للأطفال بتخيل عوالم وشخصيات مختلفة، ما يحفز ملكة الإبداع والخيال.
تحسين مهارات الاستماع
عندما ينصت الطفل للقصة، يتعلم كيف يستمع باهتمام ويركز على التفاصيل، مما يعزز مهارات الاستماع الفعّال، وهذه المهارة أساسية للتعلم في المراحل التعليمية المختلفة.
تطوير مهارات التفكير النقدي
القصص التي تحتوي على مشاكل وحلول تشجع الأطفال على التفكير النقدي؛ مثل التنبؤ بما سيحدث بعد ذلك، أو فهم دوافع الشخصيات.
خطوات لكيفية قراءة قصة لطفلك

لقراءة قصة لطفلك بطريقة تعزز المهارات اللغوية لديه، يمكنك اتباع النصائح التالية:
اختيار الكتب المناسبة لعمر الطفل
يجب أن تتناسب الكتب التي تختارينها مع مستوى فهم طفلك اللغوي واهتماماته، فالأطفال الصغار ينجذبون إلى الكتب المصورة ذات النصوص البسيطة والألوان الزاهية، بينما يفضل الأطفال الأكبر سناً القصص ذات الحبكات الأكثر تعقيداً والشخصيات المتنوعة.
القراءة بصوت عالٍ وبطريقة مشوقة
استخدمي تعابير الوجه ونبرات الصوت المختلفة لإضفاء الحيوية على القصة وجذب انتباه الطفل، وقلّدي أصوات الشخصيات المختلفة، وعبّري عن المشاعر المختلفة في القصة، هذا يساعد الطفل على فهم العواطف والمواقف المختلفة في القصة، ويجعلها أكثر متعة وإثارة.
التفاعل مع الطفل أثناء القراءة
اطرحي أسئلة على الطفل حول القصة، وشجعيه على التنبؤ بما سيحدث بعد ذلك. يمكنك أيضاً أن تسأليه عن رأيه في الشخصيات والأحداث، أو أن تطلبي منه أن يصف الصور في الكتاب؛ هذا التفاعل يساعد على تنمية مهارات التفكير النقدي والفهم القرائي لدى الطفل، ويجعله مشاركاً فعالاً في عملية القراءة بجانب تأثير الأحداث عليه.
الربط بين القصة وحياة الطفل اليومية
ابحثي عن طرق لربط أحداث القصة بأحداث أو تجارب مرّ بها الطفل في حياته اليومية، على سبيل المثال إذا كانت القصة تدور حول طفل يذهب إلى المدرسة لأول مرة؛ يمكنك أن تسألي طفلك عن تجربته في المدرسة، هذا يجعل القصة أكثر واقعية، ويساعد الطفل على تذكر المفردات والعبارات الجديدة.
تشجيع الطفل على التفاعل مع الكتاب

اسمحي لطفلك بتقليب الصفحات، وأشيري إلى الصور واسأليه عما يراه، يُمكنكِ أيضاً جعله يشارك في القراءة بتكرار العبارات أو الجمل البسيطة، هذا يشجع الطفل على المشاركة بنشاط في عملية القراءة ويجعلها أكثر متعة.
استخدام الألعاب والأغاني ذات الصلة بالقصة
بعد قراءة القصة، يمكنك استخدام الألعاب أو الأغاني التي ترتبط بأحداث القصة؛ لتعزيز الفهم وتكرار المفردات بطريقة ممتعة، على سبيل المثال، إذا كانت القصة تدور حول حيوانات المزرعة؛ يمكنك أن تلعبي لعبة "صوت الحيوان"، أو أن تغني أغنية عن الحيوانات.
الاستمرار والتكرار
كرري قراءة نفس القصة عدة مرات، التكرار يساعد الطفل على استيعاب المفردات الجديدة وتذكرها بشكل أفضل، كما أنه يعزز الشعور بالراحة والثقة في فهم القصة.
دور القصص في تنمية المهارات اللغوية عند الأطفال
توسيع المفردات

قراءة القصص بشكل يومي ومنتظم تعزز مفردات الأطفال، فعلى عكس المحادثات اليومية، تقدّم القصص مجموعة واسعة من الكلمات، بدءاً من الصفات والأفعال، وصولاً إلى الكلمات الأكثر تعقيداً، كما أن تطور الأحداث بالقصة يساعد الأطفال على فهم معانيها، واحتفاظهم بها.
الأطفال الذين يعيشون في بيئة يتم فيها قراءة القصص بانتظام، يكتسبون مفردات أكبر، مقارنةً بالأطفال الذين لا يتم قراءة القصص لهم بانتظام، وبحلول عمر ثلاث سنوات؛ يكون الأطفال قد سمعوا ملايين الكلمات أكثر من أقرانهم.
بنية الجمل والقواعد اللغوية

القصص لا تقدم فقط كلمات جديدة، بل تقدم أيضاً للأطفال هياكل جمل وقواعد لغوية معقدة؛ فمن خلال الكتب يسمع الأطفال أنواعاً مختلفة من الجمل؛ جمل طويلة وقصيرة، أسئلة، أوامر، وغير ذلك، وهذا يساعد على فهم طبيعة عمل القواعد في اللغة.
وُجد أن الطفل الذي كان يُقرأ له بانتظام؛ أظهر فهماً أفضل للجمل المعقدة مقارنةً بأقرانه، حيث تحتوي القصص على هياكل نحوية لا يسمعها الأطفال عادةً في المحادثات اليومية.
التطوير المعرفي ومهارات الفهم
تُسهم عملية الاستماع ومعالجة القصص في تعزيز التطور المعرفي لدى الأطفال، أثناء متابعتهم للسرد، يتعلم الأطفال ربط الأفكار، وفهم العلاقات السببية، واستخلاص الاستنتاجات حول الشخصيات والأحداث، وهذه المهارات المعرفية أساسية للغة والنجاح الأكاديمي المستقبلي.
معنى الوعي الصوتي
الوعي الصوتي يعني القدرة على التعرف إلى الأصوات في الكلمات والتعامل معها، وهي مهارة أساسية في تطور اللغة، وهذا ما يتم من خلال قراءة القصص بصوت عالٍ، فيعرفون النطق الصحيح للكلمات، بالإضافة إلى أنماط اللغة الإيقاعية، وهذا أمر بالغ الأهمية للقراء في المراحل المبكرة.
مهارات الاستماع والحفظ
هل تعلمين أن الفهم من خلال السمع يعدّ جزءاً أساسياً من تطور اللغة، إذ تعزز قراءة القصص من مهارة الأطفال في اكتساب المعلومات والاحتفاظ بها أثناء الاستماع.
يتدرب الأطفال على التركيز على المدخلات الصوتية وتذكر التفاصيل، مما يقوي ذاكراتهم وفهمهم للغة ويحسّن مهارات الاستذكار لديهم وقدرتهم على سرد القصص وشرح المواقف بأسلوبهم.
التوسع الثقافي والمعرفي من خلال اللغة

يتعرض الأطفال من خلال القصص لمجموعة واسعة من التجارب الثقافية، سواء كانت قصة من بلد مختلف أو شخصية ذات خلفية ثقافية متنوعة، تُسهم هذه التجارب في تعزيز التعاطف، وتساعد الأطفال على فهم وجهات النظر المختلفة.
إعادة السرد والمشاركة
يعتبر إشراك الأطفال في إعادة السرد من خلال طرح الأسئلة، والتنبؤات، وسيلة فعّالة في تعزيز مهارات اللغة؛ إذ يساعد بشكل خاص في تعزيز تطوير اللغة؛ لأنه يشجع الأطفال على التفكير النقدي والرد بطريقة أكثر تفصيلاً.
يعزز الانخراط النشط أثناء قراءة القصص من الفهم، ويساعد الأطفال على التعبير عن أنفسهم بوضوح، كما يتيح لهم فرصة ممارسة تكوين الجمل، وإجراء التنبؤات، وطرح الأسئلة، مما يحسن تواصلهم اللفظي.