هل سبق أن تساءلتِ يوماً عن الوجهة التي يمكن أن تجمع بين الثقافة العريقة والطبيعة البكر والمغامرات الفريدة في آنٍ واحد؟ وهل هناك مكان يستطيع أن يقدّم لكِ تجربة متكاملة تمتد من قمم الجبال المغطاة بالغابات إلى الشواطئ التي تعانق المحيط الهادئ؟ إن ولاية أواكساكا المكسيكية هي الإجابة التي تبحثين عنها. في هذه الولاية، تتبدّل الفصول لتقدّم لكل زائرة تجربة مختلفة، فهل تفضلين أجواء الشتاء المعتدلة لمشاهدة الحيتان المهاجرة في بويرتو إسكونديدو، أم أنكِ من عشّاق الألوان والاحتفالات التي تُضيء سماء الصيف خلال مهرجان غيلاغيتسا الشعبي؟ وربما يجذبكِ سحر الخريف عندما تتهادى السلاحف البحرية إلى شواطئ بلايا إسكوبييا لتضع بيضها في مشهد طبيعي يأسر الأنفاس. لكن، كم من الوقت يكفي لاكتشاف كل هذا الجمال؟ يومان في عاصمة الولاية قد يتيحان لكِ تذوّق نكهات أواكساكا المميزة وزيارة متاحفها الغنية، بينما يمنحك أسبوع كامل فرصة الغوص في أعماق تاريخها وثقافتها؛ عبر الأطلال القديمة والينابيع المعدنية المتدفقة بين الجبال.
متى يُفضَّل زيارة أواكساكا؟

يُعَدّ مطلع العام وقتاً مثالياً لزيارة أواكساكا، إذ يكون الطقس معتدلاً ومناسباً لمشاهدة الحيتان الحدباء المهاجرة قبالة سواحل بويرتو إسكونديدو. كما أن الطقس الجاف يجعل هذه الفترة الأفضل للمغامرات الجبلية، لكن لا تنسي إحضار معطفٍ شتوي. يظل الطقس معتدلاً وجافاً في جميع أنحاء الولاية، ما يمنحكِ أياماً مثالية على الشاطئ. في شهر مارس، تزدهر رياضة صيد الأسماك في أعماق البحر، خاصة أسماك الشراعية والمارلن، بينما تبلغ مراقبة الطيور ذروتها في بحيرة مانيالتبيك. أما في الصيف، فترتفع درجات الحرارة وتزداد الأمطار، لكن ذلك لا يُقلّل من روعة المهرجانات المنتشرة في جميع أنحاء الولاية، مثل مهرجان غيلاغيتسا؛ وهو احتفال ثقافي أيقوني للشعوب الأصلية يُقام في شهر يوليو. وفي سبتمبر، يحين موسم ركوب الأمواج في ذروته، كما تشهد شواطئ بلايا إسكوبييا ظاهرة وصول آلاف السلاحف البحرية للتعشيش في مشهدٍ طبيعيٍ مذهل.
كم من الوقت ينبغي أن تقضي في ولاية واهاكا؟

يمكنكِ بسهولة قضاء أسابيع في استكشاف عاصمة ولاية واهاكا ووِديانها المحيطة، لكن لا تنسي أن تخصصي بعض الوقت للشواطئ الخلابة والمجتمعات الساحلية، أو توجهي نحو الجبال؛ لتعيشي مغامرات في الهواء الطلق وتتعرفي إلى الثقافة الأصلية للسكان المحليين. إذا كان لديكِ يوم أو يومان فقط، فاجعلي قاعدتكِ في العاصمة الثقافية، مدينة واهاكا، حيث تنتظركِ مأكولات شهية تُغري الحواس ومشهد فني نابض بالحياة، إضافة إلى متاحف عالمية المستوى. وإن أتيحت لكِ الفرصة، لا تفوتي زيارة شجرة إل تولي الشهيرة، أوسع شجرة في العالم. أما إذا كانت رحلتك تمتد لخمسة أيام، فخصّصي وقتاً لاكتشاف روعة النقوش الحجرية في أطلال ميتلا. وفي اليوم نفسه، استمتعي بالاستحمام في ينابيع هيرفي إل آغوا المعدنية الواقعة على منحدر يبدو كأنه شلال متحجر. ويمكنكِ أيضاً الانطلاق إلى جبال سييرا نورتِه المهيبة؛ لممارسة المشي أو ركوب الدراجات وسط غابات بيوبلوس مانكومونادوس، وهي اتحاد يضم ثماني قرى زابوتيكية ودودة تستقبل الزائرين بحرارة. وإذا كان لديكِ أكثر من أسبوع، فلا تترددي في الاتجاه مباشرة نحو ساحل واهاكا الباسيفيكي الرائع. إذ يُعتبر بورتو إيسكونديدو، وجهة مفضلة لعاشقات ركوب الأمواج، بينما تنتظركِ تجربة أكثر هدوءاً في محمية باهِياس دي هُواتولكو الطبيعية، حيث تكشف السواحل الوعرة عن شواطئ خفية ومياه غنية بالحياة البحرية.
التنقّل في ولاية واهاكا
يُعدّ امتلاك سيارة الخيار الأكثر راحة للوصول إلى بلدات واهاكا الجبلية البعيدة والأطلال الأثرية الواقعة خارج الطرق المأهولة والقرى الساحلية التي تفتقر إلى وسائل النقل العام أو تكاد. لكن من الأفضل أن تتخلي عن سيارتكِ إذا كنتِ تنوين قضاء وقت طويل في العاصمة المزدحمة. أما إذا كنتِ تفضلين الاعتماد على وسائل النقل العام، فشبكة الحافلات بين المدن في واهاكا تُعدّ فعّالة ومريحة وبأسعار معقولة، وهي الخيار الأنسب للتنقّل بين الوجهات الرئيسية. تخدم الحافلات القديمة من الدرجة الثانية العديد من البلدات الصغيرة، في حين تسير سيارات الفان الصغيرة عبر الطرق الجبلية المتعرجة المؤدية إلى الساحل وتتوقف في القرى الواقعة على الطريق.
أبرز الأنشطة في ولاية أواكساكا
في ولاية أواكساكا المكسيكية، تنتظرك مجموعة من التجارب الفريدة التي تمزج بين الطبيعة والثقافة والمغامرة.
إطلاق صغار السلاحف على الشاطئ

على الطرف الغربي من مدينة بويرتو إسكونديدو الساحلية الخلابة، يمتد شاطئ باكوتشو كخيط من الرمال الذهبية التي تجذب عشاق البحر والاسترخاء. ومع غروب الشمس، يتحوّل المشهد إلى تجربة من نوع مختلف، إذ يشهد الشاطئ لحظات مؤثرة عندما تُطلَق صغار السلاحف البحرية وغالباً من نوع أوليف ريدلي والسلحفاة الخضراء نحو المحيط لأول مرة في حياتها. تنظم هذه الأنشطة على مدار العام، إذ تبدأ الجولة بجلسة توعوية قصيرة باللغتين الإنجليزية والإسبانية تشرح أهمية حماية هذه الكائنات المهددة بالانقراض، قبل أن تتسلّمي سلحفاة صغيرة داخل ثمرة مجففة من الجيكارا، لتشاركي بعدها مع باقي الزائرين في لحظة الإطلاق. تسير السلاحف الصغيرة بخطوات مترددة على الرمال الرطبة، متجهة نحو الموج للمرة الأولى، بينما لا يمكن مقاومة رغبة التشجيع والتصفيق لها وهي تبدأ رحلتها في الحياة البحرية. إنها تجربة مؤثرة تمزج بين الجمال والتوعية البيئية وروح العطاء وتترك في النفس ذكرى لا تُنسى.
اكتشاف آثار الزابوتيك
تحظى مونتي ألبان بإطلالات مدهشة على وديان أواكساكا وجبالها البعيدة، ولهذا ليس غريباً أن يختار شعب الزابوتيك تشييد عاصمتهم القديمة على هذا الموقع المرتفع منذ أكثر من 2500 عام، حيث استمرت مزدهرة لمدة تقارب 1450 عاماً. وعلى الرغم من أن سبب تخلي السكان عنها حوالي عام 950 ميلادياً، لا يزال لغزاً غامضاً، فإن بقايا المدينة تمنح الزائرة تصوراً حياً لعظمة المكان الذي كان يضم معابد شاهقة ومنصات حجرية ضخمة وقصوراً مهيبة ومساكن متدرجة كانت تؤوي نحو 35 ألف نسمة. احرصي على تسلق المنصة الشمالية التي توفر أفضل إطلالة على كامل الموقع الأثري، وكذلك المنصة الجنوبية وهي أعلى بناء في مونتي ألبان، بدرج يبلغ ارتفاعه نحو 40 متراً يقودك إلى مناظر بانورامية ساحرة تمتد إلى الأفق.
