اليوم الوطني السعودي، مُناسبة مُميّزة لتسليط الضوء على أعمال شابات مبتكرات ومُتأثّرات بالتراث والثقافة؛ في هذا الإطار، تندرج قصّة الأختين السعوديتين يارا زين الشهري (25 عاماً) ولورا زين الشهري (23 عاماً)، اللتين تقفان خلف شركة دار المعلقات، والأخيرة تضمّ تحت مظلتها "مُعلَّقة"، و"مربَع"، فهما تعيدان، وبلغة معاصرة، تقديم التراث والثقافة السعوديتين، لتقريبهما من الجيل، وذلك من خلال جداريات ذات معنى منفذة بالمخمل أو الخشب أو غيرهما من المواد، بصورة تخاطب العيون والقلوب، بهذا تصبح الأعمال حلقة وصل بين الماضي والحاضر، وبين الأصالة والابتكار. من المعروف أن الجدران تشغل مساحات كبيرة في المنزل وهي محط أنظار المصممين الداخليين وأصحاب المنازل الذين يشتغلون عليها بصورة تتحول من خلال الزينة إلى نقطة مركزية في الديكور، وكان للأختين هدف في إعادة تعريف الجدار كمساحة تستحق أن تُزيَّن بما يُشبه مالكي المنازل ويُعبّر عنهم، لا بقطع تُختار بعشوائية، فوجدا في التراث السعودي معيناً.
شراكة فنية

حدّثانا أكثر عن شراكتكما؛ متى بدأت، وما كانت الفكرة الرئيسية والهدف عند التأسيس؟ وكيف أثّرت على كلّ منكما؟
بدأت شراكتنا كأختين في عام 2022، وكان يجمعنا شغف مشترك وهدف بتغيير مفهوم "ما يُعلّق على الجدران" في منازلنا، فلم نكن نبحث عن ديكور أو زينة فحسب بل عن فنّ يحمل قصّة، ومعنى، ويورَّث للأجيال. كانت الفكرة الرئيسة تتمثّل في تقديم أعمال فنية تُعبّر عن هوية، وتلامس مشاعر الناس، وتُضيف بعداً إنسانياً وثقافياً للمكان. يارا، الفنانة التي ترى الجمال في التفاصيل وتنظر لكل شيء بعمق وإحساس، قادت الجانب الإبداعي في شركة دار المعلقات، ولورا، التي تتحدث بلغة الأرقام والإدارة، تولّت الجانبين التشغيلي والتجاري، مما جعل المشروع قائماً على أسس متينة، أما عن الأثر، فقد شكّلت هذه الشراكة نقطة تحول لكلّ واحدة منا؛ تعلّمنا كيف نُعبّر عن شغفنا بطريقة عملية، وتوسّع فهمنا لكلّ من الفن والإدارة، أصبح المشروع مساحة نكبر ونتطور فيها سوياً، كأختين وشريكتين.
تحديات

ما كانت التحديات في البداية؟
كان التحدّي هو تغيير المفهوم السائد حول ما نُعلّقه على جدران مساحاتنا الخاصة، فقد أردنا أن نُعيد تعريف الجدار كمساحة تستحق أن تُزيَّن بما يُشبهنا ويُعبّر عنّا، لا بقطع تُختار بعشوائية أو لمجرد ملء الفراغ، وكنا نؤمن بأن وضع شيء بلا معنى على الجدار لا يُكمل المكان... بل قد يُضيف فراغاً آخر. رؤيتنا كانت واضحة: أن نُشجّع الناس على اختيار أعمال فنية تحمل هوية، قصة، ورسالة. قطع تُضفي على المكان قيمة حقيقية، وتحوّله من مساحة عادية إلى مساحة تمثلك.
قد يهمك الاطّلاع أيضاً إلى: مقترحات لتمييز ديكور الجدران في الصالون المودرن الشتوي
التراث السعودي

لماذا تركزان على التراث السعودي؟
التراث السعودي أعمق من أن يُختصر في كلمات أو يُحصر في شكل واحد؛ هو مساحة واسعة من الجمال والمعاني والقصص، يحمل في تفاصيله تنوّعاً ثقافياً وبصرياً يعكس ثراء الوطن، ما يدفعنا هو هذا التنوع وعمق الرموز في كل نقش وخامة ولون، هدفنا أن نظهر التراث بروح معاصرة تواكب تطور السعودية اليوم وتليق بمكانتها، مع الحفاظ على الأصالة. لا نُعيد صياغة الماضي لنجمّله، بل نمنحه حضوراً جديداً؛ فالأصل موجود، ثابت وراسخ، ولن يُنسى.
لمسة معاصرة لديكور الجدران

كيف تتجلى اللمسة المعاصرة في أعمالكما؟
تتجلى اللمسة المعاصرة من خلال إعادة صياغة العناصر التراثية بأسلوب بسيط، وأنيق، وقريب من الذائقة الحديثة. لا نكرر الرموز أو الأشكال، بل نُعيد تفسيرها برؤية فنية جديدة، تُحافظ على جوهرها، وتُقدّمها بروح تناسب العصر، نؤمن أن الحداثة لا تعني التخلي عن التراث، بل تعني القدرة على تقديمه بلغة يفهمها هذا الجيل، ويحبّها، ويرتبط بها، وبهذا تصبح كل قطعة من أعمالنا حلقة وصل بين الماضي والحاضر، وبين الأصالة والابتكار.
الحداثة لا تعني التخلي عن التراث بل تعني القدرة على تقديمه بلغة يفهمها هذا الجيل ويحبّها ويرتبط بها
هل تعتقدان أن دمج الطراز المعاصر بالتراث عبارة عن "هبّة" أم أن المفهوم سيظل سائداً؟
دمج الطراز المعاصر بالتراث ليس مجرّد "هبّة"، بل حوارٌ بصري بين زمنين، هو فنّ نستلهم فيه من الذاكرة لنرسم الحاضر بلغة أصيلة، فالماضي لا يغيب، بل يمدّ الحاضر بجذوره... ومن لا ماضِيَ له، لا حاضر له. نُعيد تقديم كل تفصيلة تراثية بروح معاصرة، ونُعلن أن هويتنا قادرة على أن تتطور دون أن تتخلى عن ذاتها.
المخمل والخشب

ما هي طبيعة المواد المستخدمة والتقنيات في الأعمال؟
يهمّنا أن يشعر كل من يقتني أعمالنا بفخامة الفكر، وقيمة التراث، من خلال تقديمه بأسلوب حديث يليق بالذوق المعاصر، لذلك اخترنا المخمل الفاخر كعنصر أساسي في "معلقة" يتناغم مع قوة التراث ورؤية الفكرة، كما اخترنا الخشب المنحوت في "مَربع" لأنه يشبه تراثنا، فهو صلب، وعميق، ومتجذّر.
قد يهمك الاطّلاع أيضاً إلى: الخشب في المساحات الداخلية شعور بالدفء وثراء الطبيعة
الجدران

لديكور الجدران أهمية في المنازل الكلاسيكية والمودرن والمعاصرة؛ كيف تحولان هذه الأسطح الصامتة لتنطق بالجمالية؟
نبدأ بفهم هوية العميل وما يريد التعبير عنه، ثم نصمم الجدارية بما يتناسب مع ديكور المنزل أو المكان، وننفذها بخامات تتناغم مع أثاثه، لتصبح قطعة تعكس شخصيته وتكمل المكان.
اليوم الوطني السعودي

في مناسبة اليوم الوطني السعودي، ما هي أفكار الديكور لتزيين المنزل؟
في اليوم الوطني السعودي، نحب أن نكون جزءاً من الاحتفالات الجماعية التي تعبر عن الفخر والوفاء للوطن، أما أعمالنا الفنية والجداريات، فهي ليست فقط لتزيين يوم واحد، بل تبقى وتحكي قصة الانتماء والهوية طوال العام.
ما كلمتكما في المناسبة؟
إنه يومٌ نستحضر فيه أمجاد الماضي، ونتطلع لنهضة حاضرِهِ، ونتفاءل برؤيةٍ واعدة، ونجدد فيه عهدنا وولاءنا لوطننا المعطاء وقيادته الرشيدة، ونسأل الله أن يديم أمننا وأماننا في عزٍ وتمكين.
___
- الصور من شركة دار المعلقات