mena-gmtdmp

داود عبد السيد.. المخرج الذي ترك بصمته الخاصة في الإخراج واعتزل الفن قبل رحيله

داوود عبد السيد- الصورة من حسابه على فيسبوك
داوود عبد السيد- الصورة من حسابه على فيسبوك
رحل عن عالمنا خلال الساعات الماضية المخرج الكبير داود عبد السيد عن عمرٍ ناهز الـ79 عاماً، وذلك بعد مشوار طويل من العمل السينمائي سواء من خلال الكتابة أو الإخراج تاركاً به بصمة لا تُنسى وأفلاماً تمثل علامة فارقة في تاريخ السينما المصرية والعربية.
لكن قبل وفاته بسنوات، اتخذ المخرج داود عبد السيد قراراً صادماً للوسط الفني ولكل زملائه ومحبيه وجمهوره وهو الاعتزال النهائي للإخراج؛ وهو ما أثار جدلاً واسعاً حول سبب هذا القرار الذي لم يكن مجرد قرار شخصي، بل كان نتاج لتغيرات في المشهد الفني والثقافي في مصر والعالم العربي.

متى اعتزل داود عبد السيد؟

في بداية شهر يناير عام 2022؛ صدم المخرج المصري داود عبد السيد، محبيه بعدما أكد أنه اعتزل الإخراج نهائياً بسبب ذوق جمهور السينما، إشارة منه إلى أن الأفلام المصرية مجرد نسخة من السينما التجارية الأمريكية.
ونفى داود وقتها تهمة "التعالي" على الجمهور في أفلامه وقال: "كيف استعلي على الجمهور الذي استهدفه؟! مبعملش حساب النقاد، لكن بعمل حساب الجمهور، لأن النقاد وظيفتهم تحليل العمل".

تغيير طبيعة وذوق الجمهور

وأضاف عبد السيد وقتها خلال حواره ببرنامج "في المساء مع قصواء"، الذي تقدمه الإعلامية قصواء الخلالي، المذاع على فضائية "CBC": "مقدرش أتعامل مع الجمهور الموجود حالياً ونوعية الأفلام التي يفضلها، لأنه يبحث عن التسلية".
تابع: "مشكلة أفلام التسلية أنها ممولة بشكل كبير، وأفضل أن يكون تمويل الفيلم من تذكرة السينما، ومن وجهة نظري أن جمهور هذه الأيام لا يهتم بمناقشة القضايا، لكنه يبحث عن التسلية".

وواصل المخرج عبد السيد: "في أحد الأفلام يقوم البطل بتحطيم سيارتين على غرار ما يحدث في بعض الأفلام الامريكية، هل هذا الأمر مهم؟! أرى أن هذا النوع من المشاهد غرضه التسلية، لا للبحث عن شيء حقيقي في النفس البشرية، ولا فائدة أيضاً من مشهد يحمل البطل فيه سلاحاً آلياً ويضرب الرصاص، لم أرَ هذه المشاهد في الحقيقة، وخاصة السيارات التي يتم تحطيمها إلا في حالات محدودة".
وأشار، إلى أن مشاهد تحطيم السيارات والإفراط في استخدام الأسلحة النارية منقولة عن الأفلام الأمريكية التي تقدم فناً تجارياً لكن بشكل احترافي وحبكة أقوى.
أكد داود عبد السيد، أنه يستهدف الجمهور العام، لكن الفئات الأكثر ثقافة وتعلماً في سن الشباب هم الأكثر تجاوباً معه، موضحاً: "لو أقدر أوصل لأي حد في العالم هحاول أوصله، بس مفيش فيلم أو عمل فني بيلم كل الناس".

وأضاف أن بعض الأعمال الفنية يشاهدها أكبر عدد من الجمهور، لكنه لا يصل إلى كل الفئات أيضاً، موضحاً: "فيلم مواطن ومخبر وحرامي شاهده عدد كبير من الجمهور، لعدة أسباب منها شعبان عبد الرحيم، لكنني لم أطلب منه المشاركة لهذا السبب، ورشحته للدور لأنه لائق فيه".
وتابع المخرج: "الفيلم وصل إلى عدد كبير من الجمهور، لكن هل جرى استيعاب كل أبعاد الفيلم، هل كل شخص شاهد فيلماً أعجبه لديه طاقة تمكنه من استيعاب المزيد من التفاصيل عنه، هذا الفيلم كان شعبياً ونخبوياً في الوقت نفسه، ولن أقول فلسفياً".
وأكد، أنه يستهدف من خلال أعماله، تحقيق ما يرضيه، ثم الجمهور، مشدداً على أنه لم يستهدف الاستعلاء في الأعمال الفنية التي قدمها: "الترفع يختلف عن الاستعلاء، كيف أستعلي على الجمهور الذي أستهدفه؟! مبعملش حساب النقاد، لكن بعمل حساب الجمهور، لأن النقاد وظيفتهم تحليل العمل".
ورداً على الضجة المثارة بعد إعلانه اعتزال مهنة الإخراج واتهامه بإهانة الجمهور، أكد المخرج المصري داود عبد السيد أن قراره "تحصيل حاصل"؛ لأنه متوقف عن العمل بالفعل منذ قدم آخر أفلامه "قدرات غير عادية"، في 2014، لافتاً إلى أن المناخ العام لا ينبئ بحدوث أي تغيير في مسار السينما المصرية.
اطلعوا على: داوود عبد السيد.. صاحب البصمة الخاصة في الإخراج بالسينما المصرية

تغيُّر الوسط السينمائي

أضاف داود عبد السيد، خلال مداخلة هاتفية مع الدكتور محمد الباز، في برنامج "آخر النهار" المذاع عبر فضائية "النهار"، أن بقاءه فترات طويلة من دون عمل ليست المشكلة، ولكن الجو العام في السينما، لا ينبئ بأي تغيير.
وتابع قائلاً: "لم أفكر طويلاً في قرار الاعتزال، وليس اعتزالاً مشروطاً؛ فلا أرى احتمالات لتغيُّر السينما، لو يوجد مكان قرر يقدم فيلماً هدية لي، القضية ليست أنا وإنما أجيال، ومواهب موجودة في السينما المصرية، الأمور محتاجة إلى إصلاح عميق؛ فالسينما الحالية سينما تجارية أو تشحذ دعماً من الخارج، وتقدم أفلاماً هائلة، لكن لا يقبل عليها الجمهور؛ لأن الأفلام المدعومة وفقاً لوجهة نظر الداعم وليس الجمهور".
ولفت إلى أنه في الثمانينيات والتسعينيات في القرن الماضي كانت توجد مجموعة جيدة من الأفلام للمخرجين الشباب، هي السائدة، والمشكلة الآن أن الجمهور تغيَّر، وقال: "أنت غيرت الجمهور، الجمهور اللي بيروح السينما في غالبيته ليست لديه هموم ولا اهتمامات، وإنما يبحث عن التسلية، في قاعات فاخرة متناثرة في المولات بعيدة عن التجمعات السكنية".

مرض داود عبد السيد

وخلال السنوات الأخيرة من حياته، عانى المخرج داود عبد السيد من مشكلة صحية في الكُلَى، وكان يخضع لجلسات غسيل كلوي بشكل منتظم، وذلك في ظل متابعة طبية دقيقة من الجهات الثقافية المختصة في مصر؛ حيث اهتم وزير الثقافة المصري إبراهيم هنو بمتابعة تطورات حالته الصحية لتسهيل إجراءات علاجه، وذلك تقديراً لمسيرته الفنية المميزة وكونه واحداً من الرموز الفنية المؤثرة في تاريخ مصر.
وقد تدهورت صحته تدريجياً حتى فارق الحياة في منزله، بعد صراع مع المرض استمر فترة طويلة قبل أن ينعكس ذلك على نشاطه وإنتاجه الفني.

أبرز أعمال داود عبد السيد

داود عبد السيد لم يكن مجرد مخرج، بل فيلسوف سينمائي طرح الأسئلة قبل أن يقدم الإجابات، وسعى في كل عمل إلى أن يكون مرآة للمجتمع وضميره؛ واعتزاله لم يكن نهاية مسيرة فحسب، بل كان انعكاساً نقدياً لعصر تغيَّر فيه مفهوم الجمهور والفن نفسه.
فـ"داود عبد السيد" صاحب المسيرة الفنية الكبيرة قدم خلالها الكثير من الأعمال منها: "الصعاليك، البحث عن سيد مرزوق، الكيت كات، أرض الأحلام، أرض الخوف، مواطن ومخبر وحرامي، رسائل البحر، قدرات غير عادية، سارق الفرح"، وغيرها العديد من الأعمال المميزة.

وطوال مسيرته السينمائية، حصد داود عبد السيد العديد من الجوائز سواء بالإخراج أو السيناريو، وقد تم اختيار ثلاثة أفلام له ضمن قائمة أهم 100 فيلم عربي بحسب مهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته العاشرة التي أُقيمت عام 2013، وهي أفلام: "الكيت كات -1991، أرض الخوف -1999، رسائل البحر -2010".

يمكنك أيضاً قراءة: الرسالة الأخيرة من سمية الألفي لـ أحمد الفيشاوي: بحب سنين عمري.. وشكراً على حنانك عليَّا

لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا «إنستغرام سيدتي».

وللاطلاع على فيديوغراف المشاهير زوروا «تيك توك سيدتي».

ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر «تويتر» «سيدتي فن».