mena-gmtdmp

المدينة العتيقة

تلهفت  لجولتي في مدينة تونس القديمة (المدينة العتيقة) على الأقدام، وأنا أشعر برغبة في أن أنسى هموم الوطن، والثورات ولو لحين. السوق القديمة بأزقتها الضيقة، والمتراصة على جانبيها الأسواق الشعبية تعرض كل ما هو عربي تونسي من ملبس، وتحف، وتوابل، ومنتوجات جلدية وتراثية. وكان من المريح المشي في بعض الأزقة المسقوفة والتي تقي حر الشمس، ومن ثم الجلوس في أحد أقدم محلات القهوة التونسية المشهورة داخل السوق. جلسنا لشرب القهوة التونسية ونتبادل الحديث عن الحياة، وثورات العالم العربي، بينما يحوم حولنا السواح الغربيون؛ لالتقاط الصور لمحل القهوة العتيق، والمنمق برسوم تراثية على الجدران، ورفوف خشبية وكنبات عربية مريحة لمدخني الشيشة.

مررنا بحمامات تونس القديمة والشهيرة بأعشاب ومساحيق التدليك الطبيعية. كانت الروائح الزكية للأعشاب تدلك حواسي بعبق جميل وخاص.

المساجد القديمة تتناثر حولنا شامخة بتاريخها الغني، الذي يحكي سير أوائل المسلمين، الذين كان لهم الفضل في الفتوحات الإسلامية في شتى بقاع العالم، ومنها تونس التي وصل إليها الفتح الإسلامي منذ 1300 عامٍ تقريبًا على يد نوع من الفاتحين يُسمى «المُجاهدين القراء» من الصحابة والتابعين، الذين مكثوا، واستقروا بتونس وبلاد المغرب العربي لتعليم الناس، وتوطين الثقافة الإسلامية في نفوسهم. وعبر هؤلاء الفاتحين تم بناء جامع الزيتونة الشهير، أحد معالم الفتح الإسلامي بتونس، والذي يعد أول جامعة في العالم الإسلامي، وثاني الجوامع التي بنيت في «أفريقية» بعد جامع عقبة بن نافع في القيروان.

بعد المدينة القديمة تمشينا في أشهر شوارع تونس وأهمها؛ شارع الحبيب بورقيبة، والذي انطلقت منه شرارة الثورة التونسية. التوتر يسود المكان بتواجد الجيش بكثافة ودباباته، وعلى طول الشارع الرئيس المحاط بالأشجار من الجانبين، بينما تقف مجموعات من الشباب تواصل اعتصاماتها.

وفي هذا الخضم انتشر الباعة المتجولون الذين لم يكن يسمح لهم بالتواجد في عهد الرئيس المخلوع، وهم الآن يتسابقون في رص عرباتهم المليئة بالبضاعة الرخيصة، والمقلدة، وأصواتهم تعلو بالفرنسية حينًا والتونسية حينًا آخر لجذب الزبائن.