
عبور
يسألني ضابط الجوازات، هادئ الملامح طيب الوجه:
- «كم ستبقى في كليفلاند؟»
- «أتمنى ألا تزيد إقامتي على شهر»
يتطلع إليَّ، نظراته سيَّالة إليَّ، إنسانية، أستعيد نبره
« I can understand what do you mean»
كررها مرتين، يتمنى لي إقامة طيبة وشفاء.
يا رب
في استراحة الفندق الملحق بالمستشفى، يسألني علي صبري، رئيس البنك العقاري سابقًا، البالغ سبعين عامًا.
- «من سيجري العملية»؟
- «الدكتور كاسيجروف.. يقولون إنه أستاذ مثل هذه العملية
المزدوجة، الصمامات والشرايين..»
يتطلع إلى صامتًا، ثم يقول:
- «قول يا رب..»
أهتف من أعماقي:
- «يا رب»
حسرة
ما ورائي أكثر مما يبدو أمامي، ما فعلته أغزر مما أستقبله، أكرر رغبتي، أمنيتي المستحيلة، أن أمنح فرصة أخرى للعيش، أو أولد من جديد لكن في ظروف مغايرة، أجيء مزودًا بتلك المعارف التي اكتسبتها في وجودي الأول الموشك على النفاد، أولد وأنا أعلم أن تلك النار تلسع: وهذا الماء يغرق فيه من لا يتقن العوم، وتلك النظرة تعني الود، وتلك للتحذير، وتلك تنبئ عن ضغينة.
كم من أوقات أنفقتها لأدرك البديهيات، وما زلت أتهجى بعض مفردات الأبجدية، كم من أمور سيتم عبوري ولن أدرك كنهها، لن أقف على دقائقها، أدركت ما يتعلق بغيري، ولم أقف على ما يتصل بي، فيا حسرة على العباد!