mena-gmtdmp

هيفاء وهبي صديقتي! ـ 1 ـ

 

"هيفاء وهبي!" نطقت اسمها بارتباك واضح، وتراجعت للوراء أدفع ساقًا وأؤخر أخرى، عيناي شخصتا إلى فستانها وهو يبرز قوامها الرشيق، تسمرت في مكاني كجسد مصنوع من الشمع، مشدوهة أمام ما أراه، بقميص نومي الشبيه بسرير لم يعد ترتيبه، كان الجو شديد البرودة ذلك الصباح، لكنني تصببت شلال عرق من هول المفاجأة، «هل فزت بمسابقة الهاتف أول أمس، لتقف هذه الفاتنة بدون سابق ميعاد على بابي في عز الصباح»، هي لا غيرها بشحمها ولحمها، شيء طفيف من النحافة يعرفه خصرها، لكنها هي هيفاء، بأنفها جد الدقيق، وشفتيها المكتنزتين الممتلئتين كفاكهة توت سقطت لتوها سهوًا من أغصانها، بادرتني بالسؤال: «ألا تسمحين لزوارك بالدخول؟»، «ما هذا الصوت الأليف؟ إني أعرفه، ألا تكون هي..؟ يا ابنة الذين..»، وصرخت صرخة هزت جدران البناية، تلتها ضجة «أم حفيظة» الفضولية مع أوعيتها، وهي تحاول استطلاع الأمر من نافذة مطبخها، وفي سرعة سحبتها للداخل، رغم طرطقة «صندلها» المزعجة، وأقفلت خلفها الباب قبل أن تكتشف «وكالة أخبار الحي» أم حفيظة الأمر، ولا نسلم بعدها من الفضوليين.

«إيه! حاولي على الفستان؟» قالت ممتعضة: «أنت تأتيني على هيئة هيفاء وهبي، وتظنين أن الأمر سيسلم إذا علم أحد بالأمر»، «وماذا سيقع؟» قالت لا مبالية، وهزت كتفها في كبرياء مصطنع، «لا لن يقع أي شيء، كل ما في الأمر أنك ستتسببين في حالة طوارئ، قولي لي أولاً ما هذا؟» وأشرت إلى جسدها باشمئزاز مفتعل، رغم أنها أصبحت تحسد عليه، «لم يكلفني الأمر أكثر من خمسة آلاف دولار»، «خمسة آلاف دولار؟ كيف؟ ومن أين حصلت أساسًا على النقود، اسمعي لا تتعبي مزاجي فهو معكر، هل تشربين قهوة؟»، «لا شكرًا، أريد فقط أن أنام»، «تنامين أين؟»، «لا تشغلي نفسك بالأمر، سأرمي نفسي في أي ركن، القطار إلى الجنوب سينطلق حوالي الساعة الواحدة ظهرًا، فقلت أزور حبيبتي الغالية»، «لا طبعًا حبيبتك، اسمعي، الزوج والأطفال مازالوا نيامًا، نامي على هذه الكنبة، عليّ أن أسرع، لدينا اجتماع طارئ في المصلحة»، وانصرفت إلى تحضير القهوة، وتغيير ملابسي، وبين الفيـــنة والأخــرى، أرمي نظراتي المختلسة إلى شكلها الاصطناعي، حقيقة ولا في الأحلام، أصبحت تهوس بجاذبيتــها، وخطفت نظرة إلى قوامي في الحمام، لأصاب بخيبة أمل «ماذا لو عدلت شيئًا من أنفي، أو لنقل فقط شفطت قليلاً من دهوني، لكن الحاجبين بدءا ينامان، ماذا لو رفعتهما، شرب القهوة منح اصفرارًا لأسناني، فلماذا لا أقوم بتبييضها، والقبيحة يمكن أن تتحول إلى جميلة، فلم لا، إذا أنا عدلت ورممت ما هدمته السنون، عملية ترميم لجلد الوجه ستعفيني العمر كله من كيلو الكريمات التي أضــعها ليلاً على وجهي.