الملحن سمير صفير ليس شخصية مثيرة للجدل كما جرت العادة عند وصفه، إنما شخصية فنية حقيقية تبحث عن الكمال في كل شيء، لذلك يعطي دائماً رأيه بصراحة من باب خبرته الطويلة في مجال التلحين والغناء على حدّ سواء ومن باب صدقه مع نفسه أولاً ومع الآخرين ثانياً... أعداؤه كثر لكن محبّيه أكثر.
صراحته قد تجرح لكنها لا تدمي. ذوقه في التلحين والغناء يشبه إلى حدّ بعيد ذوقه في منزله من حياة طبيعية جمع فيها التراث والحضارة معاً. من داخل منزله في أدما شرقي بيروت تكلّم الملحن والفنان سمير صفير بصراحة متناهية عن الكثير من الأمور الفنية:
• من يزرك في منزلك الجميل يفاجأ في تناقض ذوقك بين اختيار الديكور الهادئ لمنزلك وبين اختيار مفرداتك العاصفة ورأيك الصريح عن الفنانين والساحة الفنية واعتراضك على الشوائب فيها. كيف استطعت أن تجد هذا التوازن بين رومانسية أثاث وديكور منزلك وبين الجرأة في تصريحاتك؟
التوليفة هذه بين مملكتي (بيتي) وبين تصريحاتي الجريئة هي الرومانسية بحدّ ذاتها. والقاسم المشترك بينهما هو ذوق زوجتي الجميل. فأنا إنسان "بيتوتي" وأمكث في منزلي معظم وقتي لأنني جعلت منه قرية صغيرة. فأنا أحب الحجر والخشب والصاج (لوح حديدي يخبز عليه الخبز المرقوق) والمياه والخضار، وأحب الأرض وأزرع فيها جميع أنواع الخضار. ولقد اخترت منزلي في الطابق الأرضي من المبنى لكي تتلاصق قدماي مع الأرض.
• كم عدد الفنانين الذين يزورونك في المنزل؟ وهل أنت حريص على نوعية الفنانين الذين تستقبلهم في منزلك؟
يزورني الجميع: الكبير من الفنانين والصغير منهم و"النكرة" والجيد. فالفنان مهما علا شأنه أو صغر، عندما يدخل بيتي يصبح بيتي له، فهو "جوّا" (في الداخل) وأنا "برّا" (في الخارج).
بين هيفاء ومايا
• إذا قامت الفنانة هيفاء وهبي بزيارتك، هل تستقبلها؟
أهلاً وسهلاً بها، أنا "برّا" وهيّ "جوّا". ضيوفي في بيتي لا علاقة لهم بآرائي في الفن، لكن أنا لا أستقبل أو أُدخل إلى بيتي المجرمين والحثالة، لكن من أتهجّم عليهم فنياً، يدخلون بيتي بشكل عادي.
• لكنك انتقدت الفنانة هيفاء وهبي كثيراً. لماذا هذه الحملة الشرسة عليها؟
أصبحت أشعر عندما أنتقد هيفاء بأنني "هايف" (سطحي). أنا أقول لها Sorry أعتذر منها (يقصد أنه يعتذر من نفسه كونه يأتي دائماً على ذكرها وليس اعتذاراً منها). وأقول لها: "أنا ليس لديّ علاقة بحياتك الخاصة، وأنت تعرفين تمام المعرفة أن ما أقوله عنك فنياً هو قول صحيح. ولا يمكن للأمة العربية أن تتوّجك يوماً نجمة عليها، أنت تعرفين أنك في الغناء (صفر مكعّب)". وأريد أن أتكلّم عمّن حولها من مدراء أعمال وشركات إنتاج ووسائل إعلام وصحافيين ممّن يصفون أنفسهم بـ "الدكتور وعميد الصحافة": "ماذا ترون بهيفاء؟ الفنانة الجميلة؟ أنا أبصم بالعشرة أنها جميلة وجمالها يؤهّلها لأن تكون ممثلة أو عارضة أزياء، لكن ليس أن تحمل ميكروفون وتغني".
• أنت دائماً تنتقد هيفاء وهبي فنياً ولكن في المقابل تمدح الفنانة مايا دياب. هناك تناقض واضح في موقفك تجاه حالتين فنيتين متشابهتين نوعاً ما؟
مايا دياب أراها أجمل وأهضم من هيفاء. والإغراء لدى مايا هو إغراء طبيعي على عكس هيفاء حيث الإغراء لديها مصطنع، وصوت مايا على المسرح أجمل بكثير من صوت هيفاء على المسرح. إنما مايا ليست أم كلثوم لكنها أنجح من هيفاء.
• لكن هيفاء تدرّبت على الغناء وتعمل ما بوسعها لتحسين صوتها. ولقد تقدّمت أشواطاً في أدائها عن السابق؟
هيفاء لم تشتغل على صوتها، ولكن تبدو كذلك بفضل الـ Autotune. و70% من الفنانين بلا Autotune (تركيز وتحسين الصوت من خلال برنامج خاص يعمل عليه مهندس الصوت أثناء وضع الفنان صوته على الأغنية في الاستوديو يجعل من الصوت مهما كان ضعيفاً يؤدي الأغنية أداءً صحيحاً دون نشاز)، يجلسون معظمهم في بيوتهم.
برافو فضل شاكر
• هل أنت نادم اليوم كونك تقول دائماً الحقيقة في تصريحاتك؟
لو كنت نادماً، لكنت أقدمت على تغيير تصريحاتي. وأنا قادر بثلاث دقائق أن أجعل كل من شتمني يمدحني وأستطيع أن ألحّن لهم وأكسب من ورائهم المال، لكني لم أسعَ يوماً لجني المال. فأنا والحمدلله أعيش أفضل من الفنانين بألف مرّة.
• إذن أنت موافق على تصريحات الفنان فضل شاكر الأخيرة النارية عبر "سيدتي"؟
"برافو عليه" لقد قال الحقيقة. الجميع يجب عليهم قول الحقيقة، كما يجب على الصحافيين أيضاً قول الحقيقة. فعتبي شديد على الإعلامي طوني خليفة، وذلك عندما ذكر جان صليبا، في برنامجه "للنشر" أن سمير صفير قد تهجّم على وديع الصافي وصباح وفيروز وهيفاء وهبي، إذ كان من واجب طوني خليفة أن يقول له Stop (كفى) بعد ذكر أسماء العمالقة وديع الصافي، صباح وفيروز ويطلب إليه أن يتوقّف عن الكلام نصف ساعة. ثم يعود ويذكر اسم هيفاء وهبي لكي يثبت طوني خليفة أنه مذيع معتدل. فجان صليبا هو من أساء إلى وديع الصافي وصباح وفيروز عندما ذكر معهم اسم هيفاء. أنا لم أسئ إليهم، بل قلت من محبّتي واحترامي لصباح أن تجلس جانباً وتقضي شيخوختها بهدوء بالراحة والصلاة. وقلت عن وديع الصافي إنه يجب أن تكون لديه إدارة أعمال أفضل، حتى لا يسمح لكل من شاء، بالغناء إلى جانبه. فوديع الصافي قيمة فنية كبيرة. وتحدّثت عن السيدة فيروز وأنا من عشّاق فنها وصوتها، ولكن الأغاني التي تؤدّيها مؤخراً تليق بالمونولوجيست الفنانة الراحلة فريال كريم. فيروز أرزة لا نستطيع أن نلبسها مثلاً سروال جينز.
• إذن أنت تلتقي مع الفنان فضل شاكر عندما طلب من الفنانة وردة الجزائرية الاعتزال والحج إلى بيت الله احتراماً وتقديراً لسنها؟
أكيد أنا مع ما قاله. فالفنان أو الفنانة عندما يصلان إلى القمة لماذا يعودان إلى الأسفل؟ على الفنانين احترام الشيخوخة وهذا ما قلته للسيدة صباح، لكن هناك "قبابيط"(نوع من الحشرات) يفسّرون الأشياء على ذوقهم.
بين صباح وفيروز ونجوى
• هل الحضور الإعلامي والاجتماعي الدائم لصباح، انعكس إيجاباً وأعطى قيمة كبيرة لغياب السيدة فيروز؟
طبعاً، كثرة الظهور تخفّف من هالة (قيمة) الفنان. صباح فنانة شعبية تتميّز بالشكل "الحلو" والطلّة الجميلة. فالشيخوخة التي رأينا صباح عليها قد مسحت من رؤوسنا الصورة الجميلة التي عرفنا فيها صباح، وترسّخت في رؤوسنا صورة شيخوختها.
• يتردّد دائماً أن الفنانة نجوى كرم ستكون خليفة السيدة فيروز وتارة خليفة السيدة صباح. هل ترى نجوى كرم مستقبلاً في هذا المشهد؟
إذا كانت نجوى كرم ستكون خليفة فيروز، فيجب أن تمشي على نهجها. في الماضي بدأ العمالقة مسيرتهم الفنية بأغنيات شعبية ثم أكملوا طريقهم باللون الطربي، ثم قال متسائلاً: "لماذا لم يحِن الأوان مع نجوى لاختيار اللون الطربي، علماً أنها تجيد الغناء الطربي ولديها مساحات في صوتها؟ لقد آن الأوان لتدخل نجوى في الاختصاص الغنائي. فما الذي يمنعها من ذلك؟". مقولة "الجمهور عاوز كده"؟ غير صحيحة. اليوم نجوى قادرة على فرض الأغنية التي تريدها. لماذا لا تقدّم الغناء على المسرح بدلاً من الغناء في المطاعم؟
• كان لك أغنية طربية في بداية مسيرة نجوى كرم بعنوان "حبيبي يلي بحبو غاب". لماذا لم يعد بينكما تعامل على هذا المستوى من الأعمال؟
"آه" على هذه الأغنية. لقد وقع على أثرها بيننا اختلاف في وجهات النظر وابتعدنا. وكان ذلك بسبب إدارة أعمالها (شقيقها) بعدما "كبرت عائلتها الخسّة برأسهم" (أصبحوا مغرورين).
• وحالياً هل عادت المياه إلى مجاريها بينكما؟
علاقتنا بألف خير. لدينا تعامل في المستقبل، لكن أريد أن أغيّر بسكّة نجوى الفنية ويجب عليها الاقتناع بالتغيير. فأنا أرى نجوى بأوبريت وتيليفيلم وفي المسرح الغنائي حيث تستطيع أن تجني أموالاً أكثر، وهكذا يخفّ عليها الركض من حفلة إلى أخرى.
•هل هي موافقة على اقتراحك هذا؟
نجوى منطقية وتفهم قصدي. على نجوى الاستفادة من اسمها في هذا التوجّه المسرحي.
أحب وفاء نانسي
• لقد أشدت مرّات عدّة بالفنانة نانسي عجرم، لماذا سمير صفير يرى بنانسي فنانة مختلفة عن سواها من الفنانات الموجودات على الساحة الغنائية؟
لأسباب عدّة أراها مختلفة عن سواها، علماً أن نانسي لا تعطيني "معاشاً" (أجراً) لأتحدّث عنها، لكني أحب وفاءها وذكاءها وتواضعها. كانت نانسي نجمة شباك تذاكر وهي في عمر التاسعة عشر من عمرها وثروتها حينها وصلت إلى 20 مليون دولار، وبقيت قدماها على الأرض واحتضنت أهلها وما زالت ولم يغيّرها المال ولا الشهرة. نانسي فنانة صوتها جميل وتؤدّي اللون الطربي بحرفية، وأكبر دليل أداؤها لأغنيتي "يا كثر" و"بجيبو سيرتك". في الحياة هناك رجل وهناك (رجّال)، (الرجّال في العرف اللبناني هو الشخص الذي يتحلّى بصفات الوفاء والكرم والموقف الثابت والأصالة) وفي الوسط الفني اثنان يتحلّيان بصفة الرجّال هما الفنانان عاصي الحلاني ونانسي عجرم كونهما تربّيا على هذه القيم.
أحب شيرين
• مَن مِن الأصوات النسائية العربية تحب أن تلحّن لها؟
الفنانة شيرين عبد الوهاب، فهي مطربة قديرة ومن الأوائل. لو لم تكن "نص مجنونة" في عملها كونها قد تغيّر رأيها في آخر لحظة وتعدل عن إحياء حفل.
• أي صوت نسائي خليجي أهم بالنسبة إليك: الفنانة نوال الكويتية أو الفنانة أحلام؟
بالتأكيد وبدون شك صوت الفنانة نوال الكويتية جميل ويملك قدرة كبيرة من الإحساس والأداء. صوت الفنانة أحلام لا يطربني مع احترامي لها، لكن دعمها وشهرتها يعودان للمال والتسويق. هناك أصوات شابة خطيرة ورائعة أسمعها على قناة "وناسة" ومنهما منى أمرشا وأسماء المنور.
أفتقد صوت ذكرى
• أي من أصوات الرجال الخليجيين تحب؟
بالتأكيد الفنان محمد عبده أصبح عنواناً للأغنية الخليجية. كما أحب صوت الفنان عبد الله الرويشد فهو صاحب صوت عريض وأحب طريقة أدائه. كذلك أحب كثيراً صوت الفنان حسين الجسمي وأعتبره من أكثر الأصوات خطورة في الساحة الخليجية. يعجبني في الغناء الخليجي اعتماد الفنانين الخليجيين على النص الشعري. فهم لا يغنون كلاماً تافهاً، إنما يتذوّقون الشعر بطريقة راقية.
• أي صوت غنائي غاب عن الساحة الغنائية وشعرت أنك افتقدته؟
صوت الفنانة الراحلة ذكرى الدافئ ذو النكهة الشرقية والغربية. صوتها يتحلّى بمساحة كبيرة ومهما علت طبقاته لا يزعج. هذا الصوت لا يتكرّر إلا مرّة واحدة كل ألف سنة.
صوت الفنانة أصالة جميل لكنه كالماس الذي يتكسّر ويجرح. أصالة تستعرض عضلات صوتها، وهذا يبعدها عن الناس وحفلاتها قليلة لهذا السبب.
الناس أجناس
• أغنية "الناس أجناس" أغنية جريئة تعكس فيها واقع الحياة الاجتماعية. لماذا اخترت نفسك لأدائها؟
لأن الجرأة الموجودة في النص خاف منها العديد من الفنانين وطلبوا إليّ تغيير بعض الجمل منها "كومة زبالة" و"بالقدم تنداس"، فرفضت لأن هاتين الجملتين هما بيت القصيد في الأغنية وهما الحقيقة. وقرّرت أن أغنّيها بصوتي والحمدلله حصدت نجاحاً لافتاً، والآن صوّرت "كليباً" يشبه النص إلى حدّ بعيد.
سمير صفير مع الزميلة زلفا رمضان
• ماذا لديك بعد "الناس أجناس"؟
حضّرت أغنيتين، واحدة للأم وثانية للتاريخ. لقد قرّرت اعتماد الغناء الهجائي على طريقة الفنان عمر الزعني لأننا بحاجة إليه اليوم كما الأمس.
إليسا متضايقة مني
• كيف تصف علاقتك اليوم بالفنانة إليسا؟
إليسا قد تتضايق مني إذا أردت تصنيفها فنياً، لكنها حرّة. فهذا رأيي. هي فنانة تستطيع أن تخرق العالم العربي من خلال إحساسها الغنائي، فإحساسها جميل جداً، لكن في حفلاتها المباشرة على المسرح هي غير متمكّنة وتنقصها القدرة القوية في صوتها.
ما ينقص يارا
• كيف تصنّف الفنانة يارا؟
يارا لديها الصوت وفي غنائها المباشر "مش طبيعية فظيعة" تبدو كأنها في الاستوديو، لكن تنقصها الـ Image (الصورة)، على عكس الفنانة إليسا التي تتميّز بـ Image إعلاني راقٍ. وعدم انتشار يارا فنياً وخاصة في لبنان يعود لإدارة أعمالها. وأقول لها ركّزي في لبنان وانطلقي أولاً في بلدك ثم انتشري في الخارج، فأنت غائبة فنياً في بلدك.
