بطل «باب الحارة 4» يفتح باب بيته لـ«سيدتي»على مائدة إفطار


كان المخرج بسام الملا محقاً عندما اختاره ليحمل إسم أبو حاتم، فهو بحق يتّصف بكرم حاتمي وبأخلاق وأصالة عالية، وهو بحق صمّام أمان وحكيم في حياته الشخصية الواقعية كما هو في «باب الحارة». بمجرّد اتصالنا به للتنسيق لأجل إعداد مقابلة معه في منزله وقد رحّب بنا على مائدة إفطاره، واصفاً «سيدتي» بأنها الجهة الإعلامية الأولى التي دخلت بيته وشاركته إفطاره. فهو بطبعه لا يحبّ الخلط بين عمله ومنزله، ويفضّل إبعاد منزله عن الأضواء الإعلامية. وفيق الزعيم في «باب الحارة 4» هو الفنان الأكثر مشاركة من حيث عدد المشاهد والأكثر فاعلية في أحداث العمل. فهو الأب الحنون وحكيم الحارة وكبيرها المقاوم للمستعمر وهو صاحب الرأي السديد. وفي هذه المقابلة الرمضانية وعلى مائدة أبو حاتم العامرة بالخيرات، تحدّث ضيفنا عن «باب الحارة 4» وعن توقّعاته عن الجزء الجديد والذي، كما تشير الإحصائيات، لا يزال في المقدّمة من حيث المشاهدة. كما تحدّث عن علاقته ببسام الملا.

 



 

طلب منّا الفنان وفيق الزعيم الحضور مبكراً وقبل الإفطار بنصف ساعة لنتجاذب أطراف الحديث ونتشاور حول النقاط التي سنناقشها في حوارنا معه. سرعان ما جاء موعد الإفطار الذي تناولناه سوياً، حيث بدا أبو حاتم متمسّكاً بقيم وعادات أهالي دمشق القديمة والمتّسمة بالكرم والجود وحب مشاركة الآخرين لإفطارهم. وقال لنا: «أنا اليوم سعيد جداً بتواجدكم على مائدة إفطاري. فرمضان كريم ولا تتمّ بهجته إلا بتواجد الأحباب والأصحاب معنا على مائدته، ومشاركتهم لنا طقوسه الجميلة والتي اندثر الكثير منها حالياً».

علمنا أن أبو حاتم شخص ملتزم بصومه وبأخلاقيات الشهر الفضيل وبطقوسه الدينية. كما أنه يفضّل قضاء الشهر الكريم مع عائلته وفي بيته. بعد تناول الفطور مع أبو حاتم، بدأنا حوارنا معه. وكما هي العادة، شكرناه على حسن ضيافته وكرمه معنا. وتوجّهنا إليه بسؤال عن رأيه بالإقبال الجماهيري على متابعة «باب الحارة» في جزئه الجديد كونه هو أحد أبطاله، فماذا قال لنا؟

الحقيقة، أنا متفائل جداً هذا الموسم بمسلسل «باب الحارة 4» الذي يتطوّر عاماً بعد عام، فهو مسلسل يحترم نفسه وينضج في مضمونه باستمرار. بالنسبة لي، نحن كمجموعة «باب الحارة» استفدنا كثيراً من تجربة الأجزاء الماضية وحاولنا تجاوز كل خلل مررنا به، وهذا الأمر ظهر في هذا الجزء. ونحن بطبعنا، تعوّدنا كفريق «باب الحارة» أن ننتقد أنفسنا ونصحح أخطاءنا قبل أن ينتقدنا المشاهدون ويطالبوا بتصحيحها. شعوري أن الجزء الرابع بات أكثر نضوجاً حيث يهتمّ أكثر بقضايا الناس. وهناك تطوّر في مسار شخصيات العمل وبأحداثه. ولا شكّ أن فيه أداءً متميّزاً على كل الأصعدة عمّا تقدّم. أما بالنسبة لمتابعة العمل، فلا زالت كبيرة والناس ما زالوا مع «باب الحارة». ولاحظت أن عدداً كبيراً ممّن انتقدوا «باب الحارة» سابقاً هم متبنّون له حالياً. ومن يتابع منتديات الإنترنت سيرى أن كل موضوع يخصّ العمل يحظى بمتابعة مذهلة، لدرجة أن بعض المواقع وصلت أعداد المداخلات فيها عن «باب الحارة» لعشرات الآلاف. وبتقديري العمل لا يزال الأكثر متابعة عربياً هذا الموسم.


رجل من زمن آخر

دعنا نتحدّث عن تطوّر شخصية أبو حاتم الفاعلة في الجزء الرابع والذي بات رجل الحارة المقاوم؟

شخصية أبو حاتم من الشخصيات القليلة التي كتبت بشكل متكامل. والشخصية تطوّرت عن السابق بشكل كبير، ونحن نراها الآن في المنزل وفي الشارع وفي المقاومة بفعالية. وكلّنا سيرى عدّة وجوه لأبو حاتم، ذلك الشخص المحبّ لمن حوله والمتعاون مع الجميع والحنون. وتبنّي الشخصية بشكل صحيح أدّى لحب الناس لها، ولأن الشخصية قدّمت من القلب وصلت للناس بسهولة. الشخصية تطوّرت في الجزءين الأخيرين بعد أن كانت مهمّشة وغير فعّالة درامياً في الجزءين الأول والثاني. نموذج أبو حاتم هو لشخصية بدأنا نفتقدها وبدأت تنحسر في مجتمعنا المعاصر. والكثيرون يسألونني أحياناً: هل هناك شخصية مثل أبو حاتم في الحقيقة؟ فأقول لهم نعم هي موجودة وكانت موجودة بكثرة، ولكننا نعيش في زمن شحّت فيه الأخلاق والثقافة، لذا، نشعر أن هذه الشخصية باتت غريبة علينا وعلى مجتمعاتنا، والبعض يعتقد أن أبو حاتم رجل من زمن آخر. أبو حاتم في الجزء الثالث ظهر كرجل محبّ لزوجته وحنون على بناته، وبرز كرب أسرة مميّز. وفي الجزء الرابع، تفاجأ الناس أن أبو حاتم الرجل الدافئ والطيّب هو رجل مقاتل ومقاوم شرس، ويعرف كيف يحمل سلاحه ليقاتل المحتلّ ويرصّ الصفوف ضدّهم. فشخصية أبو حاتم في الجزء الرابع باتت مشاهدة في تصرّفاتها داخل وخارج المنزل وفي كل أبعادها وجوانبها الخفيّة.

ما مدى الشبه بين أبو حاتم في «باب الحارة» ووفيق الزعيم على أرض الواقع؟

أنا إبن دمشق وأبو حاتم إبن بيئتي. وما يجمعنا معاً رغم تبدّل المناخات والأيام هي الأخلاقيات الجميلة. وشخصية أبو حاتم هي جزء من حياتي الحقيقية، فأنا إبن رجل يدعى توفيق الزعيم والذي كان زعيماً في مناطق (باب سريجة والميدان والشاغور) وكان أحد أهم رجالات دمشق. وأبو حاتم الذي رأيناه على الشاشة لا يقارن  بذلك الرجل الحكيم والإنساني الذي استفدت منه كثيراً  في تقديمي وتجسيدي  لدوري في «باب الحارة»، ومنه تعلّمت ألا أتنازل عن الأخلاقيات الجميلة والمثل السوية وعن مكارم الأخلاق. في الحقيقة، إن مسلسل «باب الحارة» واجه مجتمعاً منسلخاً عن ماضيه. ولهذا، عندما شاهد الناس ماضيهم من خلاله تابعوه وتمسّكوا به وأحبّوه، لأنه أعاد إليهم جزءاً ممّا افتقدوه في زمن الإبهار والعولمة، وأعاد إليهم جزءاً من انتمائهم وماضيهم بعد أن انقطعت علاقتهم بماضيهم الجميل.



براء الزعيم يطعم والده وبينهما الزميل علي طه

إعتقاد خاطئ

بصراحة، هل سيضرّ غياب أبو شهاب بشعبية العمل كما حدث عندما غاب أبو عصام عن الجزء الثالث منه؟

لا أعتقد أنه سيضرّ بالعمل. «باب الحارة» عمل جماعي، وكل من يعمل فيه مؤثّر وهو مطلوب ومحبوب. وسواء تواجد أم لم يتواجد أبو شهاب، نحن نمارس أدوارنا بنفس الفعالية والنشاط والكفاءة. على كل فنان أن يقوم بأداء دوره بحرفية. وهنا أودّ الردّ على من يراهنون على الأشخاص، بأنه لا يوجد عمل متكامل ناجح يؤثّر فيه غياب شخص واحد. والفن الناجح يعتمد على العمل الجماعي. و«باب الحارة» لم ينجح أساساً بسبب أحد، بل بفضل الجميع من أكبر دور لأصغره. وكل من يعتقد أن «باب الحارة» شخص بعينه هو مخطىء. فهذا المسلسل هو مجموعة عمل متكاملة، تبدأ من فنيي الديكور إلى من يصنع الملابس والمصوّر والمخرج والفنانين والكاتب والمخرج وكل من ساهم في نجاح العمل. ولا فضل لشخص بعينه فقط في إنجاح العمل. قد يبرز جهد معيّن أو شخص معيّن، وهذا له علاقة بشخصية الفنان وحجم دوره وما يقوم به في العمل. وهنا سأقول إن «باب الحارة» لم ينجح بسبب الإدعشري أو أبو عصام أو أبو شهاب أو أبو حاتم ولا أي شخص آخر، بل نجح بفضل جهد الجميع معاً. كما إن بسام الملا لا يستطيع النجاح في «باب الحارة» من دوننا، ونحن من دونه لن نستطيع صنع «باب الحارة». هناك من اغترّ بنفسه واعتقد أن بغيابه، لن يكون هناك «باب الحارة»، وأن العمل من دونه سيكون مقبرة ولن يساوي شيئاً، وهو مخطئ بتقديري ولا يعرف الحقيقة. فالعمل الذي سيسقط بسبب فنان تركه، هو عمل تافه وغير جدير بالمتابعة.

 

 

عائلة وفيق الزعيم

إكسترا

 

أحداث الجزء الخامس

لماذا لم نرك هذا العام في أعمال درامية أخرى غير "باب الحارة"؟

يربطني وعد مع المخرج بعدم العمل في أي مسلسل بيئي آخر حتى أنهي عملي في "باب الحارة"، علماً أن هذا أضرّ بي مادياً. ولكن، عقدي الشفهي معه أهم من كل شيء.

 

لديك مشروع كتابي كما علمنا ستنجزه قريباً وهو من النوع البيئي الدمشقي، هل تحدّثنا عنه قليلاً؟

مشروعي الذي بدأت بكتابته أصبح شبه جاهز وهو دمشقي بيئي، وكل حدث فيه موثّق تاريخياً وله علاقة بحياتي وحارتي (باب سريجة) التي عشت فيها في طفولتي وعاشت فيها عائلتي. هذا العمل أعمل عليه منذ عدّة سنوات، وأحداثه وشخصياته ستكون مختلفة عمّا قدّمته الدراما البيئية حتى الآن، أما الرجل والمرأة لديّ فلهما قصص مختلفة عمّا قدم. كما حاولت أن أتحدّث عن فترة زمنية لم تطرح في الدراما البيئية. يتناول العمل كمية كبيرة من الأحداث التي اعتمدت على الأمثال الموثّقة والأشعار والأقوال والزغاريد والأهازيج التي اندثر بعضها والتي بحثت عنها ووثّقتها، لتضفي على العمل جواً من المصداقية والتوثيق التاريخي الجميل. العمل سيرى النور بعد الإنتهاء من "باب الحارة". وطالما أن هناك أجزاء جديدة من "باب الحارة" فلن أقوم بتصويره أبداً، وهذا وعد مني لـ "باب الحارة" ووفاء لبسام الملا. فأنا لا أعمل ضد نفسي وضد مجموعتي الفنية.

نعلم أن هناك جزءاً خامساً لـ "باب الحارة"، متى ستبدأون بتصويره؟

ربما نبدأ بتصويره في بداية العام المقبل. وهو ليس مكمّلاً للجزء الرابع إنما أحداثه جديدة ومشوّقة. ويجهّزه حالياً الكاتب كمال مرّة، وهو كاتب جيّد وله أسلوبه في الكتابة الدرامية. وهذا العام قدّمنا معه شيئاً جديداً ومختلفاً عمّا كتبه مروان قاووق في الماضي.

 

لماذا توصف العلاقة بين وفيق الزعيم وبسام الملا بالمميزة؟ وماهو الإعتراف الذي سجله لمخرج باب الحارة ويحتفظ به؟ تابعوا المزيد من التفاصيل في العدد 1488 من مجلة «سيدتي» المتوفر في الأسواق.