رومانسية ماجد المهندس ولكن!

رومانسية ماجد المهندس ولكن!

 

بهدوء تسلّل ماجد المهندس إلى الصفوف الأولى، ليصبح اسمه ضمن المجموعة أو الفئة (A) كما يصنّفها العاملون في الأوساط الفنية. اشتهر بأدائه للونين العراقي والخليجي، ومنحته مشاركته في الجنادرية، إلى جانب كبار فناني الخليج، فرصة أكبر ليعزّز هذا الحضور الفني، فيما ساهمت تأديته لمجموعة من الأغاني الخليجية بانتشاره بشكل أوسع في منطقة الخليج، كما حضوره في الأغنيــة العراقيــة التي لها جمهور في البلدان العربية كافّة، وهــذا سهّل عملية مشاركته في مهرجانــات عربية ذات طابع دولي كمهرجانَي جرش وقرطاج.

في ألبوم «اذكريني» الذي قدّمه لجمهوره تنوّعٌ بالكلمات والملحنين، فنجد اسم صلاح الشرنوبي المصري إلى جانب سعدون جابر العراقي المخضرم، وأحمد الهرمي الخليجي الذي لحّن كلمات ساري في أغنية «ندامة» المصوّرة بإدارة المخرج وليد ناصيف الذي من الواضح أنه لم يعمل بشكل كافٍ على تحضير المهندس ليمثّل هذا الدور في «الفيديو كليب»، الشاب الرومانسي الذي يحمل وروداً ويكتب رسائل حب على طريقة عبد الحليم حافظ والنظرة الحالمة التي تشبه إلى حدّ بعيد ملتقطي الصور في الأماكن السياحية والذين يطلقون نظرة نحو البعيد، على اعتبار أنهم لا يتابعون الكاميرا. فهنا لا بدّ من التذكير بأنه ليس من الضرورة أن يكون المطرب ممثلاً محترفاً، لكن هناك وسائل علمية قد تسهّل حياة هؤلاء الفنانين الذين اختاروا أن يسلكوا هذا الدرب الذي يحتاج للكثير كي يصمدوا، ولا يزيحهم القادمون الجدد بأدوات مختلفة وأكثر عصرية. فما المانع من أن يأخذ المطرب دروساً مكثّفة في التمثيل وأيضاً في الرقص أو اللياقة البدنية، كي يستطيع التحرّك أمام الكاميرا بلياقة مقبولة لجذب المشاهد، طالما أننا جميعاً دخلنا في هذه اللعبة.

لحن هذه الأغنية المصوّرة «مونوتونيك» أي يسير في نفس الوتيرة، لا يحمل أي تغيّر أو خروج على الإيقاع الخليجي الكلاسيكي من مطلع الأغنية حتى النهاية.. صوت الطبول «الخافت» عملياً قياساً بالأغنية الخليجية الحديثة، رغم أن الملحن والموزع هما من الجيل الجديد، المنفتح على التقنيات المساعدة للوصول إلى أفضل نوعية مسجّلة، فصوت الإيقاع يبدو في الأغنية (مكهرباً) ومكرّراً، والجملة الموسيقية تسير باتجاه واحد، لتمرّ الأغنية وتترك عنوانها في الفضاء بدون أي تأثير رغم حسن النوايا.

 

نانسي الصورة والصوت

 

جديد نانسي عمل «سينمائي» قصير، حمـل عنــــوان «في حاجات»، لا بدّ من الإشارة إلى اسم نادين لبكي المخرجة السينمائية اللبنانية، التي وجدت ضالتها في ممثلة موهوبة، ومقبولة أصلاً عند الجمهور، فمنذ تلك الإطلالة من على السطوح في أغنية «آه ونص» ظهرت موهبة استغلال الصورة. فلو أعدنا شريط الصور لنانسي، لوجدنا أنها ممثلة من النوع الناعم الذي لا يبالغ. فيحصد النتائج بهدوء، ليعيد الكرّة مرات أخرى بنجاح من حيث الانتشار، وكميات الإنتاج المتداول، وعدد الحفلات التي تقدمها.

في «كليبها» الجديد «في حاجات»، تنطلق كاميرا نادين من رشة العطر وإبراز بعض التفاصيل التي تقوم بها أي امرأة قبل خروجها من منزلها برفقة زوجها، فيما هو ـ الذي اعتاد جمال زوجته وعطرها ـ لم يعد هذا يشكّل له الكثير من الانفعال، كما كان في الأيام الأولى. كل هذه الصور مختصرة، سريعة، لكن الرسالة تتضح باستعجاله راكضاً نحو السيارة هارباً من الأمطار، مغطياً رأسه بدون الالتفات إلى من يحتاج لهذه العناية، وهي الزوجة في «الفيديو كليب» التي تؤدي دورها نانسي عجرم. تلتقطها الكاميرا صامتة مبتسمة، تبحث في عقلها عن أعذار لهذا الزوج الذي وجّه اهتمامه نحو شخص آخر، يظهر فجأة في الصورة وهي الابنة الصغيرة الجميلة، ترقص على المسرح وسط مجموعة من الأطفال.

نرى الأب غارقاً مستمتعاً بمتابعة الصغيرة، ونرى البطلة الأم تراقب انشغال الأب عنها، لكنها لا تستطيع أن تمنع هذا الحب الجارف لأنها أيضاً بذات القالب، فحبهما بنفس الاتجاه. المخرجة لبكي ـ وكما جرت عادتها ـ لا تترك الشاشة للمطرب كي يصول ويجول على حصانه، أو يقود سيارته الفخمة، ولا تظهر أبطالها في صور غير واقعية، فإنْ دلّ هذا على شيء، فإنما يدل على الراحة المباشرة التي يشعر بها المشاهد من خلال متابعته قصة قصيرة، قد يكون هو من أبطالها في زمن ما. هناك العنصر المساعد لهذا الانفعال الدرامي وهو العامل الأساسي، الموسيقى المرافقة التي عزّزها (هادي شرارة) في استخدامه للآلات الكهربائية بطريقة لا تخلو من السلاسة والاستغلال الإيجابي، ما مكّنه من جعل الأغنية بجميع عناصرها موسيقى تصويرية حتى ظهور الإشارة التي تحمل أسماء الفنانين في النهاية.

 

هيفاء تكمل رسالة مايكل جاكسون!!

 

نذكرك  بالخير يا مايكل جاكسون، فإن المنية جاءتك قبل أن ترى هيفاء وهبي تقلّدك في «كليبها» الجديد «يا ما ليالي» إخراج يحيى سعادة، غناء ورقص هيفاء وهبي، وما تيسّر من الراقصين قليلي الموهبة.

سألت نفسي: إذا كان المخرجون الذين يسطون على أفكار الآخرين من دون اللجوء إلى بعض المبرّرات المعمول بها إنسانياً، كاستخدام كلمة «اقتباس» من فيلم، أو من موسيقى، كما جرت العادة عند الأقدمين من أهل الفن، الذين اقتبسوا موسيقى من الغير لكن أبى ضميرهم أن ينسخوا بدون أن يبرّروا ذلك، وهم من كبار الموسيقيين العرب والأجانب، ومنهم الرحابنة وعبد الوهاب وفريد الأطرش وغيرهم، هذا في زمن لم تكن فيه وسائل الإعلام متوفّرة بكثرة، أما اليوم فتأتي السرقة بمثابة «فضيحة».. فالأقمار الصناعية تعمل بكل قوتها. فلا عاد الغرب بعيداً، ولا الشرق بات لغزاً، والشاشة باتت ثلاثية الأبعاد في المنازل، وما زال هناك من يقول عن فكرة مسروقة إنها فكرة جديدة!!

فالرقصة التي تؤدّيها هيفاء، ومن خلفها مجموعة رجال، منهم ما هو حقيقي ومنهم ما هو وهم شكله (الغرافيك)، هي محاولة فاضحة لتقليد مايكل جاكسون في إطلالته الأخيرة من خلال فيلم THIS IS IT قبل أن يودّع هذا العالم، تاركاً خلفه فناً للأجيال القادمة، علّهم ينظرون ويتعلّمون ويطوّرون أو على الأقل يجيدون التقليد ويحترمون المصدر.  اللافت في هذه الأعمال «الفنية» أن من يؤدّيها يفتعل ثقة بالنفس قد تدفعه للإصابة بـ (الفتق) وهي نوع من التمزّق العضلي الذي ينتج عن الشد أو التشدّد، وهذا الخلل معروف بأنه يصيب عضلات البطن في معظم الأحيان.

كل ما يحدث على الساحة الفنية يحتاج إلى محلّلين نفسيين لمعرفة أين وصل (الإيغو) أي الغرور الذي يصيب المشاهير، معدومي الموهبة بالدرجة الأولى. فالشهرة المجانية تمنح صاحبها الحرية، إلى جانب جمهور لا يحاسب، ولم يعتد المحاسبة أصلاً، فسرقة «كليب» أو مقطوعة موسيقية أو حتى كتاب بدون الإشارة إلى المصدر تنبّئ بأننا سنبقى في عداد العالم الثالث حتى إشعار آخر.