وسط زحمة الحياة ورتابة الأيام المنغمسة بالروتين إلى حد الاختناق حيث تتكرر الوجوه والأشخاص يحتاج كل منا إلى مساحة حرية تكون أكثر من مجرد استراحة ... إنها فعلياً الحاجة إلى إجازة تفصلنا عن عالمنا المزدحم بالقيود والتكنولوجيا...فرصة نستطيع من خلالها الهروب إلى داخلنا لنستعيد بعضاً منا .

رحلتي هذه المرة كانت إلى جزر السيشيل وتحديداً إلى جزيرتي ماهي وديروش . انطلقت من بيروت إلى دبي حيث التقيت بالفريق الإعلامي المستضاف من قبل منتجع فورسيزونز السيشل ومنها اتجهنا سوياً إلى جزر سيشيل .. وجهة سياحية تستحق فعلاً أن تضعها ضمن لائحة وجهاتك المفضلة خاصّة إن كنت من محبي البحر والأجواء الاستوائية وطبعاً المغامرات.
تقع السيشيل وهي مجموعة جزر مستقلة في المحيط الهندي عاصمتها فكتوريا إلى الشمال الشرقي من مدغشقر وإلى الشرق من القارة الإفريقية، وخاصة شرق كينيا وتنزانيا. وتعتبر من أبرز الوجهات الفاخرة للباحثين عن تجربة استوائية استثنائية.رغم صغر مساحتها تُعد سيشل من الدول التي تهتم بالبيئة والتنمية المستدامة، وتسعى لاستخدام الطاقة النظيفة والحفاظ على الحياة البحرية.

وجهة فاخرة للباحثين عن تجربة استوائية استثنائية
بعد الانتهاء سريعاً من إجراءات الوصول إلى مطار سيشيل الدولي كان علينا الترتيب لرحلة السفر الداخلية إلى جزيرة ديروش وهي ترتيبات سهلة وسريعة لا تحتاج لجهد ووقت طويلين وبانتظار موعد الرحلة كان لا بدّ من فنجان قهوة وإفطارٍ سريعٍ في بيانكا لاونج المطل على أرض المطار حيث المشهد كان أشبه بلوحة فنية تتعانق فيها الجزر المكسوة باللون الأخضر مع المياه الفيروزية الساحرة وسط هدوء لا يسود عادة عالم المطارات ليتحول الإفطار إلى جلسة هدوء تنبىء باستعادة التوازن النفسي منذ اللحظات الاولى.
يحلّ موعد الرحلة الداخلية من ماهي باتجاه جزيرة ديروش ونحطّ بعد 35 دقيقة في مدرج طيران الجزيرة وسط ترحابٍ مميزٍ من فريق الأوتيل ولافتة كبيرة كتب فيها بالانكليزية welcome، ومع الاسقبال الحار الذي يلقاه كل زوار الأوتيل الوحيد على هذه الجزيرة تبدأ رحلة التعرف على عالمٍ يصر على بساطة لا تخلو من الترف والرفاهية الفاخرة إنما بأسلوبٍ طبيعيّ مستدام بعيداً عن تعقيدات العالم وإيقاعها المتسارع على وقع التكنولوجيا والحداثة.

تعدّ زيارة منتجع فورسيزونز السيشل في جزيرة ديروش تجربةً لا بدّ من خوضها بجميع تفاصيلها، تنخرط فيها إلى أبعد حدود لذا أنصحك وقبل النزول من على متن الطائرة الداخلية أن تقفل هاتفك النقّال وتبتعد عن جهاز الحاسوب وتستسلم للارتماء في أحضان الأجواء الإستوائية الرائعة لتنهل من سحر الطبيعة وتتغذى من هواءها المحمّل برائحة العشب والتراب ونسائم المحيط الهندي.
منتجع " فور سيزونز ريزورت سيشل في جزيرة ديروش" الفاخر هو المنتجع الوحيد على هذه الجزيرة الساحرة حيث لا طرقات مكسوّة بالأسفلت ولا حتى سيارات تلوث بانبعاثات عوادمها المكان، وحدها الطرقات الرملية وعربات الغولف والدراجات الكهربائية، وتلك الهوائية تجول في المكان وسط هدوء لا يقاطعه سوى صوت العصافير التي تتنقل في الأجواء دون خوفٍ أو تردد وصدى موج المحيط الهندي الساحر.

بعد الوصول والتعرف سريعاً على المكان توجهت إلى مكان إقامتي بضيافة المنتجع وكانت فيلا بحوض سباحة وكابانا مع حديقة صغيرة متصلة بشكل مباشر بشاطىء البحر حيث تشعر بفائضٍ من الخصوصية وفي الوقت عينه تضمن لك سهولة التنقل في المنتجع، فأنت قريب من كل شيء وتتمتع بخصوصيتك من دون أي إزعاج، وإذا أردت الخروج لا تحتاج سوى الاستعانة بالدراجة المركونة أمام الفيلا أو الاتصال بخدمة العملاء لتكون سيارة الغولف الكهربائية رهن إشارتك .

خلال إقامتك في أي من هذه الفلل يمكنك التمتع بزيارة أي من الشواطىء المتواجدة على الجزيرة والتي يتميز كل منها بهوية خاصة مع عزلة تامة تتطلب منك في بعضها الاتصال لاسلكياً لاستقدام خدمة العودة ..لكن مهلاً فالانعزال هنا لا يعني خدمة أقل أو رفاهية ناقصة بل إن كل شاطىء ستجد فيه كوخاً خاصاً مزوّداً بالماء البارد وبكافة أغراض الاستحمام اللازمة من منشفة وغيرها وحتى زيوت للحماية من الشمس وأكثر. ولا تفوّت فرصة الاستمتاع باستخدام الكاياك وأدوات ركوب الامواج وفي حال لم تكن محترفاً لا تتردد في طلب المساعدة أو التدريب الخاص وسيلبي طلبك المختصون هناك.
ملامح الثقافة الآسيوية والإفريقية إلى جانب لمسات من الجانب الأوروبي

يمتد منتجع" فور سيزونز ريزورت سيشل في جزيرة ديروش" على مساحة شاسعة من الجزيرة المرجانية الفسيحة في قلب المحيط الهندي، والتي تبلغ مساحتها 402 هكتارًا، ويحدها 14 كيلومترًا من الشواطئ الرملية البيضاء. ويتميز بتصميم ذات طابع خاص يدمج بين الطابع الإستوائي للمكان والتراث الثقافي المتنوع للجزيرة والذي لا ينعكس فقط في التصاميم والديكورات بل ينسحب إلى الهوية الثقافية للطعام حيث تلمس ملامح الثقافة الآسيوية والإفريقية إلى جانب لمسات من الجانب الأوروبي، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن اللغة المحلية لشعب السيشيل قريب جداً من اللغة الفرنسية، عند سماعه للوهلة الأولى تظن أنك تستمع لعبارة فرنسية لكن مع التدقيق تكتشف أن اللغة لاقت من التعديل من أهل الجزر الكثير حتى باتت لا تشبهها سوى في إطار النغمات الصوتية.
يضم المنتجع 40 وحدةَ إقامةٍ فاخرة موزعة على الساحل الجنوبي الغربي، يحتوي كل منها على مسبح خاص ووحدة دش مطري في الهواء الطلق وإطلالة خلابة على المحيط. أما الفيلات السكنية البالغ عددها 31، فهي مثالية للعائلات الكبيرة، والمجموعات، ولمن يبحثون عن إقامة راقية ومميزة للمناسبات الخاصة.

يقدم المنتجع قوائم طعام متنوعة ومريحة طوال اليوم في مطعمي AHI وClaudine، بالإضافة إلى قائمة طعام عصرية تمزج بين النكهات العالمية في مطعم The Lighthouse المميز والذي أنصحكم بزيارته وقت المغيب للاستمتاع بمشهد رائع من الإطلالات البانورامية على المحيط الهندي بزاوية 180 درجة ولا تفوتوا جلسة النار في الطابق الأول من المنارة مع بعض العصائر والمأكوات الخفيفة إلى أن يحلّ الجوع الفعلي، وهنا لا بدّ من تجربة العشاء المميز وسط الأشجار وبين الإضاءة الخافتة تحت النجوم إلى جانب مبنى المنارة حيث يحلو الأكل والسمر.

فور سيزونز ريزورت سيشل في جزيرة ديروش إقامة استثنائية
تكاد الأجواء تكون استثنائية ، ليس على صعيد تقديم الخدمات ومتابعة أدق تفاصيل احتياجات الزوار وتلبية تمنياتهم فقط بل أيضاً على صعيد العلاقة بين الموظفين والزوار وحتى الموظفين أنفسهم إذ باتت العلاقة أشبه بقصص الخيال فأنت هناك تعيش مع الموظفين والعمال وهم أهل الجزيرة فتكون في ضيافتهم وتتعرف إلى مجتمعهم وتطّلع على ثقافتهم.في كل جولة يتحول الحديث إلى بحث عميق في أصول العيش في هذه المساحة الخضراء المتصلة والحفاظ على ملامحها بل والاستفادة من خيراتها ... هذه الجزيرة أكسبتني أصدقاء جدد وأعادتني إلى زمن الطيبين حيث كنا نبني الصداقات بالتواصل المباشر لا من خلف الشاشات.

لا تفارق الابتسامة وجه أي من العاملين والموظفين وطيلة الوقت تراهم يسعون لمتابعة أدق التفاصيل وتأمين احتياجات الزوار بأرقى وأحسن صورة فالخدمة الاستثنائية هنا هي السعي الدائم والمستمر لمنحك فرصة العيش برفاهية مع الغوص في أعماقك لاستعادة توازنك النفسي من خلال بساطة العيش.. ولأول مرة أرى معيار البساطة يلتقي بالخدمة الفاخرة.
التمسك بجمال الطبيعة المحلية واعتماد السبل المستدامة

الإصرار على التمسك بجمال الطبيعة المحلية والابتعاد عن ملامح العصر وعدم الاستناد إلى خدمات ترتكز على التكنولوجيا واعتماد السبل المستدامة على كل الصعد وأهمها الطاقة النظيفة لم يقلل من جودة الخدمة الراقية التي تجدها في المنتجع الذي يعتمد بنسبة كبيرة مزرعة الطاقة الشمسية الوحيدة في ديروش ، وهي ثاني أكبر محطة للطاقة الشمسية في سيشل.
في ديروش لا زحمة سيارات لا إشارات سير وحدها زحمة جدولك اليومي المثقل بالنشاطات والتجارب اليومية تثقل نهارك تاركة الكلمة الفصل للخدمة الفاخرة والرفاهية الاستثنائية وسط جزيرة اختارت لنفسها إيقاعاً هادئاً.
صوت السكينة يصدح في المكان، تقاطعه ضحكات زوار هنا أو هناك يسبحون في المياه الفيروزية الساحرة أو يتجولون في المكان أو حتى يتناولون طعامهم في زاوية من زوايا المطعم الذي يكاد يتحول إلى ساحة لقاء لأصدقاء تتعرف إليهم على متن جولة بسيارة جولف إن كنت من الذين لا يمانعون مشاركة الرحلة مع غيره من النزلاء أو تلتقي بهم في إحدى الشواطىء الساحرة الممتدة حول الجزيرة أو في أحد الملاعب الرياضية على مدرج الهبوط الذي وما إن تغادره الطائرة الداخلية الصغيرة حتى يتحوّل إلى ملعب كرة قدم أو كرة طائرة يتنافس فيه الموظفين والعمال ومعهم زوار الفندق في مباريات تترجم فعلياً الأجواء التي تلمسها في هذه الجزيرة ...هنا الجميع أصدقاء وهنا الجميع يحاول الاستمتاع بكل لحظة لتغدو الرحلة مغامرة لا تنسى.
سلاحف معمرة أبرزها جورجي ولكل منها قصة

وبالحديث عن المغامرة أؤكد لجميع محبي السباحة والرياضات البحرية والغوص ولمحبي الحيوانات أن ديروش هي الوجهة التي تبحثون عنها . ففي ديروش يمكنك الانتقال من مغامرة السباحة في المحيط الواسع إلى ركوب الأمواج فالغوص ومشاهدة السلاحف والأسماك وغيرها من النشاطات، لكن المغامرة الأجمل تبقى زيارة أمكنة الزارعة التي تزود المنتجع بالمنتجات العضوية والعمل على قطف ثمارها ولا تنتهي هنا مغامرتكم إذ خلال رحلة العودة ستتعرفون إلى أحد أقدم السلاحف وأكبرها سناً على هذه الجزيرة: السلحفاة جورج الملقب بجورجي وهو السلحفاة الأشهر على هذه الجزيرة التي تلتقي خلال التنزه فيها على الكثير من هذه السلاحف الكبيرة التي يقف خلف كل منها قصة تخبرنا عن رحلة وصولها إلى محمية المنتجع الذي يرعى ويهتم بها بل ويراعي الصغار منها في مساحات خاصة خوفاً عليها من القطط والكلاب التي تسبب بأذية لقوقعتها عند مهاجمتها.
كمحبة للحيوانات وعاشقة للطبيعة والأرض شكّل اللقاء بكل سلحفاة فرصة جديدة للتعرف عليها حتى أنني اكتشفت أنها كما الكلاب والقطط لها شخصياتها ومزاجها الذي يختلف من سلحفاة إلى أخرى فبينما "جورجي" ولكبر السن ثقيل الحركة محب للنوم تجد "دريلي" يحب الحركة والتفاعل مع الزوار ويتحرك سريعاً نحوهم بمجرد التواصل والاقتراب لتدليك قوقعته وهي طريقة التدليل التي تعرفنا عليها في رحلتنا مشاهد تتكرر ونقاط تسطر وجودها فوق حروف حياتك المزدحمة بين عالم السوشيال الميديا والتكنولوجيا، فتدعوك لهدوء يعيد إليك توازنك النفسي والصحي.

ولمناسبة التطرق لجانب الصحة ولاستكمال حالة الاسترخاء الأشبه بالعلاج أنصحكم بتجربة جلسات اليوغا والعلاج الصوتي وأضمن لكم الحصول على تجربة رائعة خاصة إذ يتحول المغيب في مدرج الطائرات حيث تتم هذه الجلسات إلى لوحة مغيب بديعة تسهم بألوانها في وضع لمسات إضافيه على هذه الجلسات، ويا حبذا لو أن الحظ كان حليفك وأمطرت قليلاً فإن بضع قطرات من المطر كفيلة بنقل التجربة إلى بعد استثنائي.
كما أنصحكم بتجربة السبا والحصول على فرصة التدليك والعناية بالبشرة والتي تتم بمنتجات عالمية وطبيعية عالية الجودة بأيدي خبراء مختصين يقدمون أعلى درجات الرعاية والخدمة الراقية وسط أجواء مفعمة بالرفاهية.
أطلقوا العنان للشيف في داخلكم

أما محبي الطبخ أنصحكم بتجربة الطبخ الحي ، اختاروا أحد صفوف الطبخ المتوفرة والتي تعكس ثقافة الطعام على هذه الجزيرة ومزيجها الاستثنائي المستمد من مزيج الثقافة الآسيوية والإفريقية والهندية ، أطلقوا العنان للشيف في داخلكم واطرقوا باب الطبخ الممتع.
الكثير الكثير من المغامرات والنشاطات يقدمها المنتجع ، حاولت الإضاءة على بعض منها لعلّي أستطيع أن أنقل لكم تجربتي لكن تبقى نصيحتي في حال قررتم زيارتها استمتعوا بكل لحظة وعيشوا فرصة الغوص في تفاصيل الطبيعة .
ومع انتهاء إقامتنا في ديروش كان علينا العودة إلى ماهي، ولكن ليس للعودة إلى دبي، بل هذه المرة لنكون ضيوف منتجع فورسيزونز سيشل في ماهي .. وهنا حزمنا حقائبنا وذكرياتنا لنفتح صفحة جديدة في ألبومات الصور.

استوقفني في منتجع فورسيزونز السيشل في جزيرة ديروش حيّز الاهتمام بالمسؤولية الاجتماعية فهو:
- عضو في برنامج Green Globe للسفر والسياحة المستدامة.
- لديهم خطة إدارة استدامة خاصة بالمنتجع لضمان تقليل الأثر البيئي.
- تتوفر دراجات هوائية لاستخدام الضيوف، لتشجيع التنقل الصديق للبيئة.
- يستخدم الموظفون عربات جولف وسكوترات كهربائية للتنقل داخل المنتجع.
- يقدمون خيارات نباتية ونباتية صرف (فيغان) ضمن قوائم الطعام لدينا.
- يتم توليد الطاقة من مزرعة شمسية داخل الجزيرة، وهي ثاني أكبر محطة من نوعها في سيشيل.
- تم الاستغناء تمامًا عن عبوات المياه البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد.
- يستخدمون البيض من دجاج غير محتجز في أقفاص، دعمًا للرفق بالحيوان.
- يشارك الموظفون سنويًا في فعالية خيرية بعنوان Run for Hope لجمع التبرعات وزيادة الوعي بأبحاث السرطان.
تابعوا معنا منتجع فورسيزونز سيشل في جزيرة ماهي