mena-gmtdmp

العربية.. اللغة الأقوى 

د. سلوى الخليل الأمين
د. سلوى الخليل الأمين 
د. سلوى الخليل الأمين 

اللغة العربية، كانت وما زالت اللغة الأقوى في مفرداتها وبلاغتها وتعابيرها، وهي لغة القرآن الكريم، واللغة التي تحدّد هويتنا العربية، لكن أصابها الوهن في هذا العصر، عصر العولمة والانفتاح العالمي عبر وسائل التواصل التكنولوجي والإنترنت، وأصبحت أجيالنا الجديدة تعدّ اللغة العربية لغة مضى عليها الزمن، بل لغة ساقطة من أجنداتهم اليومية، وهذا لعمري الخطأ الجسيم الذي يقع فيه هذا الجيل، ويتحمّل مسؤوليته الأهل والمدارس والإعلام المرئي والمسموع والدولة قاطبة.
فنحن في المراحل التعليمية الأولى، حين تبدأ مرحلة التكوين للطفل وطنياً وعربياً، يبدأ الأهل بالتكلّم مع أولادهم باللغة الأجنبية وإهمال لغتهم الأساس التي هي العربية. حتى في المدارس يكون تعليم العلوم والرياضيات باللغة الأجنبية، مع العلم أن من وضع أسسها هم العرب. علماً أن العديد من المدارس يهتم بتعليم اللغات الأجنبية ويهملون اللغة العربية وهذا من مخلّفات الاستعمار الذي ما زال سائداً حتى اليوم.
لقد قال رسولنا الكريم محمد المصطفى: "من تعلّم لغة قوم آمن شرّهم"، لكن ليس معنى هذا أن يفقد أولادنا لغتهم العربية التي يتعلّمها الأجانب، بدليل أن الكثير من سفراء الدول يأتون بلادنا وهم على معرفة عالية بلغة الضاد.
نعم هناك العديد من الدول العربية والمؤسسات الخاصة والجمعيات التي وعت هذه المشكلة وبدأت بتسليط الضوء على إحياء اللغة العربية، وأسّست لذلك المسابقات والجوائز، كما أنها بدأت بعمل المحاضرات والندوات عن اللغة العربية وأهميتها، لأن من الضروري الحفاظ على هذا الموروث الغني بمفرداته وتعابيره وبلاغة نصوصه وبساطتها، ومداها الفكري القائم على لغة الضاد، وهذا لا يمنع الانفتاح على لغات الآخرين التي نجدها غنى ومعرفة، بشرط ألا تكون حاضرة في عملية تحدّ للغتنا الأصلية والعمل على اندثارها، وهنا ربما علي أن أعطي مثالاً حيّاً لمستوى الأغاني الهابطة التي يمتّعون بوساطتها الجيل الشبابي، وهم لا يدركون أنها مؤامرة كبرى على اللغة العربية، فنحن إذا نظرنا للماضي القريب كيف كان الطرب الأصيل يعتمد قصائد الشعراء المجلين، وكيف كانت أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وغيرهم من أساطين الطرب يقدمون تلك القصائد وكيف كان الجمهور يتلقفها، وما زالت لتاريخه تعيش مداها الحضاري، وذلك لأنها باللغة العربية الفصحى المفهومة من كل العرب بعكس ما يحدث اليوم.