"المتزوجون"

فاطمة أحمد
فاطمة أحمد
فاطمة أحمد

 

تلك المسرحية الجميلة للفنان المرحوم سمير غانم والنجمة شيرين... يتذكرها معظم (إن لم يكن جميع) جيل ما قبل التسعينيات من القرن الماضي، وتتحدث، ببساطة وسلاسة الفنان الراحل سمير غانم المعهودة، عن الزواج المتسرع بين طبقتين متفاوتتين في المجتمع بصورة كوميدية رائعة بقيت خالدة في أذهان كل من حضرها.. ولكني اليوم لست بصدد الحديث عن المسرحية.. إنما حديثنا عن "المتزوجون" بشكل عام وما حدث من تغيير للمفهوم خلال 50 عاماً.

في ثمانينيات القرن الماضي كانت دول الخليج قد تعدت بشكل طفيف الزيجات التقليدية المرتبة من قبل الأهل والأقارب إلى حد ما، ووصلت إلى مرحلة التعارف المسبق للخطبة إن طول أو قصر زمانه، حتى وصلنا اليوم حيث تتم جميع التوافقات بين الشابين قبل إشراك أي فرد من الأسرتين في أمرهما، وهذا تطور طبيعي لعالم تسوده العولمة، ولكن تبقى الكثير من هذه الزيجات ناقصة أو معلقة بسبب نقص خبرة الشابين وعدم اللجوء إلى الخبرات المتراكمة لذويهم اعتقاداً بأن تلك المشورة قد تفسد خصوصية حياتهما الجديدة.

في السابق كانت الأسر الممتدة داخل "البيت العود"، رغم وجود مشاحنات يومية بين الأطفال والكبار، إلا أن الجميع كان يتصافى ويتراضى قبل النوم أسوةً بنبينا المصطفى "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال"، واحتراماً لكبير البيت.

في حديثي مع السيد ع. م. يقول: "سكنت مع أهلي حتى الطفل الثالث، ورغم ضيق المكان إلا أننا كنا سعداء، حتى حدث خلاف وتهجم لفظي من أخي الكبير على زوجتي، والتي بدورها لم تتمالك نفسها وأجهشت في البكاء، فلم أر بداً من إخراجها من حزنها إلا باستئجار شقة، واحتاج الوضع وقتاً لتعود المياه إلى ما هو قريب مما كان سابقاً".

السيدة س. ق. تقول: "كنت سعيدة رغم ضيق المكان فقد كنت أذهب للعمل أو زيارات الأهل والأصدقاء وحتى السفر من دون القلق على تغير النظام اليومي لأطفالي، ولم أفكر بالخروج إلا بعد عن كبروا جميعاً وضاق بنا المكان".

بينما السيدة م. أ. تقول: "لم أسكن مع أهله إنما طلبت منه أن نسكن مع أهلي في غرفتي حتى نتمكن من شراء بيت العمر، وهكذا كان".

مع اختلاف الشخصيات، وبغض النظر عن مستوياتهم العلمية والاجتماعية، نخلص إلى عدة عوامل رئيسة كانت تجعل العائلة الممتدة داخل البيت العود أكثر استقراراً من الأسر المكوكية، منها عدم نضج الزوجين أو أحدهما ونقص الخبرة الحياتية والقدرة على إدارة الأزمات الأسرية، عدم التشاور لا مع الأهل أو مع مستشاري الحياة الزوجية، ويليه التنافس والغيرة بين والأصدقاء والصديقات واحياناً التسابق ليكون الأول أو الاكثر بذخاً.

بعد مناداة الكثير من مؤسسات المجتمع المدني بأهمية الفحص قبل الزواج، نشكر الجهات المعنية في الكثير من دول الشرق الأوسط بتفعيلها، ولكن تبقى ناقصة من دون دخول الزوجين في دورات تثقيفية وعملية تكون إلزامية للتكيف مع الحياة الزوجية بحلوها ومرها.

بالنسبة لي، فبعد 34 سنة من الزواج الرائع، الذي يصادف في شهر مارس، نتاجه 4 أبناء وبنات وحفيد، أقول: لم تخل حياتنا يوماً مما يعكر صفوه حيث إننا من بيئتين وخلفيتين وثقافتين مختلفتين إلى حد كبير، ولكن للحق أقول على الرغم من عصبيتي وهدوئه الدائم، أعترف أنه كان دوماً الأكثر حرصاً على استقامة واستمرار حياتنا... في الذكرى 35 لزواجنا أقول: "لو اعتمدنا على الحب وحده لانتهت حياتنا منذ زمن بعيد".