تحرير الإنسان

الدكتور نزار ضاهر
الدكتور نزار ضاهر
الدكتور نزار ضاهر

إن التعريف الأساسي للأميّة، كما ورد في معجم المعاني الجامع، يشير إلى عدم معرفة القراءة والكتابة، كما يمكن أيضاً أن يتمدّد هذا المفهوم ليطاول الغفلة أو الجهالة. هذا، وقد حاولت الدول القضاء على هذه الظاهرة التي كانت منتشرة بين سكانها، في حين أشارت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (الأونيسكو) إلى أن الأميّة ليست فقط عدم قدرة الفرد على القراءة والكتابة، بل أيضاً عدم قدرته على اكتساب المهارات اللازمة للمشاركة  الكاملة في المجتمع، والتي لا بدّ منها من أجل الممارسات الفعّالة داخله. 
كما يرتبط مفهوم الأمية، ووفقاً للأونيسكو أيضاً، بمسألة المواطنة والهويّة الثقافية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وحقوق الإنسان والعدل، والحاجة إلى خلق مجتمع قادر على استحصال العلوم اللازمة؛ من أجل بقائه وتطوّره. لكن هذه الإضافات التي أوردتها منظمة الأونيسكو إلى المفهوم الأساسي قد لا تكون معروفة للكثيرين، أو على الأقل يقتصر تعريفهم  للأمية على المفهوم الأساسي المبسّط. وهكذا فقد دأب بعض العلماء على استخدام مصطلحات أخرى، مثل: غير المتعلّمين، والقصد منها المجتمعات والأفراد ممن لا يعدّون القراءة والكتابة مسألة مهمّة، إضافة إلى مصطلح: ما قبل التعلّم تمييزاً للمجتمعات التي لم تظهر فيها علوم القراءة والكتابة. 
 وقد أدى التطور في مجال العلم والتكنولوجيا إلى ظهور مفاهيم جديدة تتجاوز المصطلح التقليدي للأمية إلى تعريف الأمي في بعض البلدان بأنه ذلك الشخص الذي لا يجيد استعمال أجهزة التكنولوجيا، والذي تغيب لديه المعارف اللازمة للتعامل مع الآلات والمهارات الأساسية والأجهزة والمخترعات الحديثة وفي مقدّمتها الكمبيوتر. كما أن هناك نوعاً من الأمية تُطلق عليه عبارة "أمية المتعلّمين"، وهو حال أولئك الحاصلين على شهادات تعليم علم، وحتى الذين حصّلوا شهادات جامعية، ولكنهم مع ذلك لا يجيدون قواعد القراءة والكتابة الصحيحتين.    
إلى ذلك، ظهر مصطلح: "التعليم غير النظامي" والذي يقصد به أي نشاط تعليمي منهجي يجري خارج إطار التعليم النظامي، بغرض تقديم أنواع مختلفة من التعليم لمجموعات خاصة من السكان الكبار منهم والصغار، وهذا يختلف عن مصطلح "محو الأمية الاجتماعية" أو الأبجدية كما هو الشائع ويقصد به برامج تعليمية تكون وسيلة لتحقيق قدر أكبر من إجادة الكلمة المكتوبة، وهي ليست مجرد عملية تعلم مهارات القراءة والكتابة والحساب فقط، بل هي عملية تسهم في تحرير الإنسان من التخلف والعمل من أجل تنميته. كما تهدف إلى تهيئة الظروف الملائمة للفرد؛ لكي يكتسب الوعي بحقوقه وتنمية مجتمعه.