حاسب لتكسر

منار سعيد


هذا كان شعار حملتي الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، كيف أحاسب؟ وما الذي سوف يكسر؟ ما هو تأثير الكلمة على النفس الإنسانية؟
بكلمة يدخل الإنسان الإسلام، وبكلمة يخرج منه، وبها يدخل الجنة، وبها يحرم منها، وتستحل فروج بالكلمة، وتحرم بكلمة، وتبنى أسر ومجتمعات بكلمة، وتهدم بكلمة.


كلمة جميلة أو كلمة ثقيلة، بكلمة يمكن تشجيع الإنسان، وبكلمة يمكن تثبيط الإنسان، كيف يمكن بكلمة صغيرة وبسيطة يمكن أن نجعل الإنسان قوياً ولديه شجاعة، وكيف يمكن أن يصل الإنسان إلى حالة ضعف وانكسار بسبب كلمة؟ الكلمة تكسر والكلمة تبني، الكلمة تسعد والكلمة تحزن، الكلمة تهدئ من روع الإنسان، والكلمة أيضاً تغضبه، الدين الإسلامي دائماً يوجهنا إلى عدم جرح مشاعر الأشخاص بكلامنا، وأن الكلام السيئ سوف يذهب الأشخاص بعيداً عنا. قال تعالي: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}.
وأكيد توجد أحاديث كثيرة جداً، ومنها أنّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ».


نقول كلمة طيبة نسعد بها غيرنا، أو نصمت أفضل، هذه من أهم تعاليم الدين الإسلامي، وعندما نزل الوحي على سيدنا محمد، عليه الصلاة والسلام، لم يأمر بالصلاة والصيام، وإنما قال: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق». وانظروا معي كيف قدَّم الله ذكر الكلمة الطيبة على الصلاة، التي هي عماد الدين، في خطابه لبني إسرائيل: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ}، هذه من أهم القواعد التي يجب أن نتعلمها، ويؤكد النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم هذا المعنى؛ عندما أخبر أن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يدخل بها الجنة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يُلقي لها بالاً تهوي به في جهنم سبعين خريفاً!


أما بعد، فما تأثير الكلمة على النفس الإنسانية، وإلى أي مدى تصل؟
علماء النفس توصلوا لنتيجة مهمة جداً؛ أن تأثير الكلمة أقوى عشر مرات من الضرب، وفعلوا تجربة عملية بهذه النتائج، ويقول الألماني «مايكل هوجسمان» الأخصائي في علم نفس الطفل: إنه من المرجح أن تتعامل عدة أجزاء في المخ مع الألم العاطفي الذي يعتبر تأثيره أبعد مدى؛ أي أنه في الألم البدني يمكن رؤية الجراح والكدمات، أما الألم العاطفي فهو يخلف في الغالب القلق والخوف، فلو قال تلاميذ لزميل لهم إنهم سيعتدون عليه بعد نهاية دوام المدرسة، فهو سيعيش في قلق وخوف أكبر بكثير مما قد يحدث له بالفعل.
هل المستمع عليه دور؟ نعم بكل تأكيد، الذي يغرق بسبب كلمة عنده الاستعداد للغرق، والذي يقوي من الكلمة أيضاً عنده الاستعداد للتغلب على الصعاب، وعلى الكلمات القاسية وعلى تكملة حلمه، لا يجب أن نلعب دور الضحية لكسب تعاطف وهمي، نحن على أتم الاستعداد للتغلب والنجاح، نحن نقدر على مواكبة جميع الظروف ومواجهة الموجات السلبية.


والمستفاد من هذا الكلام أن الكلمة لها تأثير قوي على النفس، وأننا يجب أن نفكر جيداً قبل النطق بأي كلمة، يجب أن ندرس هذه الكلمة، هل ممكن أن تحزن الشخص الذي نتكلم معه؟ أو هل سوف تغضبه وتحزنه؟ بكلمة سوف ندخل الجنة، الموضوع يستحق التعب والتفكير كثيراً قبل أن نقول أي كلمة.
#حاسب_لتكسر