قالوا وقلنا الكثير عن معتقل «غوانتانامو» القبيح، إنه أسوأ وأضيق مكان في العالم، إلى أن اكتشفنا أن هناك معتقلاً يمنياً يرفض مغادرة سجن «غوانتانامو»، وهو ما ذكره المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية «غاري روس إن»؛ بأن معتقلاً يمنياً قرر عدم مغادرة معتقل «غوانتانامو» في كوبا، بعد حصوله على موافقة بمغادرة السجن العسكري الأميركي، الذي أمضى فيه 14 عاماً، ولاحظ محامي اليمني أن موكله لم يعد بإمكانه التأقلم مع الحياة خارج سجن، قائلاً: بقي فترة طويلة في «غوانتانامو»، وهو مرعوب من العالم الآخر!
هذا الخبر القصير يحكي قصة طويلة، إما أن يكون العالم الواسع مكاناً ضيقاً، وإما أن يكون السجن الضيق مكاناً أوسع مما نتصور، ليس لأنه واسع فعلاً، ولكن لأن العالم مكان ضيق، وإما أن يكون «غوانتانامو» قبيحاً والعالم جميلاً، أو أن يكون «غوانتانامو» جميلاً والعالم قبيحاً.
هذا الوضع يذكرنا بسعيد صالح عندما قال إن أجمل أيام عمره هي التي قضاها في الزنزانة، بعد أن حكم عليه بالسجن لمدة عام.. كان ذلك رداً على سؤال: لو عاد بك الزمان فهل تدخل السجن مرة أخرى؟! فهو يقول: «يا ريت»؛ لأنني عشت أجمل أيام عمري وأنا داخل السجن!!.
ويضيف: «لعلمكم.. قبل خروجي أصبت باكتئاب فظيع؛ لأنني رتبت حياتي عليه.. ففي السجن تعرف الحق، تعرف الحرامي والقاتل والمزيف.. أما خارج السجن فكل الناس شبه بعض!! أشعر بأن السجن أكثر أماناً؛ بعد أن اكتسبت أصدقاء أكثر صدقاً.. في السجن يكتشف الناس أنفسهم.. يعودون إلى معادنهم بعد أن لوثتهم الحياة!
هذه ليست دعوة لدخول السجن.. ولكنها دعوة لاكتشاف الذات.. فليس بالضرورة أن ندخل السجن لنكتشف أنفسنا.. فالحياة قد تكون سجناً كبيراً لبعضنا.. ولكنهم مع ذلك لا يكتشفون أنفسهم.. وآخرون يكونون خارج أسوار الحياة ويعيدون اكتشاف أنفسهم.. فالمهم هو أن نقرأ الحياة بشكل صحيح.. المشكلة أن كثيرين ليس لديهم الوقت لقراءة أي شيء حتى قراءة أنفسهم؛ لذلك يكون السجن مكاناً مناسباً لتوفير الوقت للقراءة وقراءة النفس بالدرجة الأولى. ومما قاله سعيد صالح: ورغم أن عندي خوف من الأماكن المغلقة، لكن الزنزانة بعدما تغلق كنت أعيش حياتي.. أقرأ القرآن وأصلي بانتظام.. عرفت الله أكثر.. واقتربت منه أكثر.. وندمت لأنني كنت بعيداً عن الله. المهم في كل ذلك أنني كنت أقرأ نفسي وأعيد اكتشاف ذاتي.. لذلك السجن أفضل في بعض الأحيان من الحياة المزيفة في الخارج!
شعلانيات:
| إذا كان ممنوعاً رمي النفايات، فمن باب أولى منع رمي الكلمات النابية بالفضائيات.. النفايات تأثيرها على شارع.. نفايات الكلمات تدخل البيوت!
| في الحقيقة نحن لا نحتاج شيئاً.. فقط نحتاج إلى أن يكون الله معنا؛ لأنه بوجود الله معنا تتحقق كل الأشياء!
| استمتع بكل الأشياء والأمور الصغيرة في حياتك، فقد يأتي يوم وتدرك أن هذه الأشياء «الصغيرة» كانت هي الأشياء الكبيرة!





