mena-gmtdmp

النفس الأمارة بالحب!

مبارك الشعلان
| لنفتح دفاترنا كما يفتح التاجر دفاتره؛ لنرى، ماذا ربحنا في سنتنا التي مضت؟ وماذا خسرنا؟ ولنمدّ أيدينا فنقول: يا ربنا، اغفر لنا ما سلف، ووفقنا فيما بقي. حاسب نفسك أكثر من الشريك الشحيح. فهذا العالم الكبير سيبدو صغيراً أمام عالمك، وعلاقتك مع الأشياء تبدو صغيرة أمام علاقتك برب الأشياء، فأنت في هذا الشهر تدخل في علاقة شديدة الخصوصية لا تضاهيها أي خصوصية في أي علاقة أخرى، ففي كل علاقاتك تستطيع أن تجامل الآخرين، أن تخدعهم، أو تخدع نفسك، تكذب عليهم، وتكذب على ذاتك، وتدعي بعد ذلك أنك لا تكذب ولكن تتجمل؛ لأن الآخرين يريدونك أن تتجمل، لا أن تكون صادقاً. في رمضان لا يمكنك أن تتجمل، فخياراتك محدودة إما أن تكون صادقاً أو لا تكون. فهذا الشهر الجميل يمنحك عرضاً لا يمكنك أن ترفضه لتعرف كم أنت صادق مع نفسك، وإلى أي حد نفسك الأمّارة بالسوء يمكنها أن تكون طيبة، أو تكون نفساً أمّارة بالخير بدلاً من السوء، وإلى أي حد يمكنك أن تتجاوز عن الآخرين، وعن هفواتهم وأخطائهم التي تحصى؛ لكي يتجاوزوا هم بدورهم عن هفواتك، وأخطائك التي لا تحصى. فهذه النفس الأمّارة بالسوء يمكنها أن تكون أمارة بالحب، وهذه العين التي لا ترى محاسن الآخرين، وجمال أرواحهم، كل ذلك ليس لأنك كنت سيئاً إلى هذا الحد، وليس لأن الآخرين جميلون إلى هذا الحد، ولكن لأنك تركت قاعدة التعامل مع الأشياء بقاعدة رب الأشياء، التي تجعل الخطأ هفوة، بدلاً من أن تجعل الهفوة خطأً، ومن الخطأ خطيئة، لذلك تبدو حتى الكبائر صغيرة، بدلاً من أن تكون الصغائر كبيرة، هذه المعادلة لا يمكن أن نتعلمها إلا في مدرسة رمضان العظيمة. ولا يفهمها إلا الراسخون في علم المحبة، ولا يطبقها إلا الذين يتعلمون في هذه المدرسة، ولا يقبلها نظام دفع إلا نظام ادفع بالتي هي أحسن. فهذا النظام الوحيد الذي يجعل من الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم. شعلانيات: | لا أحد يتغير فجأة من حالة لأخرى، كل ما في الأمر أننا في لحظة ما نغلق عين القلب، ونفتح عين العقل، فنرى بعقولنا حقائق لم نكن نراها بقلوبنا. | السعادة التي تضعها في جيوب الآخرين ستعود يوماً؛ لتختبئ في جيوبك عندما تحزن. | الحياة مثل السوبر ماركت تتجول فيه، وتأخذ ما يطيب لك من المعروض، ولكن تذكر بأن الحِساب أمامك، وستدفع ثمن كل شيء أخذته