mena-gmtdmp

ديمقراطية القتل وقتل الديمقراطية

مبارك الشعلان
أنتمي إلى جيل تفتحت عيونه على اللافتات.. والشعارات القومية الكبيرة.. والانكسارات الكبيرة.. والانتصارات الصغيرة.. ورضع الهزائم مع كل ما هو مستورد، بدءاً من الحليب المستورد وحتى الأحلام الكبيرة المستوردة التي لا تصلح للاستخدام في هذا الوطن العربي الكبير.. لأنها طرحت في الأسواق العربية وهي منتهية الصلاحية، فتلقفتها الأيدي لتحولها إلى شعارات ولافتات فاسدة تجوب الفكر العربي قبل أن تجوب الشارع العربي، لذلك فتح هذا الجيل عيونه على النكسة فأصبح «منكوسًا» ومنحوسًا تطارده الحروب.. على طريقة حرب تلد أخرى.. فهو ما كاد يمسح غبار النكسة والوكسة عن جبينه ويمسح معها الأحلام الكبيرة.. والأوهام الكبيرة حتى دخل في نفق معركة السلام، فلم يعد يعرف معنى السلام من الاستسلام، والانتصار من الهزيمة، بعد أن اختلطت أوراق الحرب بمبادرات السلام، فعاش حالة اللاحرب واللاسلم، فلم يعد يعرف هل ينزع بدلة العسكر أم يحشو عقله بأفكار السلام، بذلك أصبح جيلاً محاربًا ومستسلمًا في الوقت نفسه محاربًا لنفسه وأفكاره وقناعاته ومستسلمًا لواقعه، فعاش جيلاً تائهًا إلى أن دخلت المنطقة في حرب الخليج الأولى.. فعاد لهوايته القديمة في رفع اللافتات والشعارات.. شعارات القومية.. ولافتات البوابة الشرقية والتمرغ في تراب القادسية، فخرج منتصرا يجر أذيال الهزيمة.. أو خرج مهزوما بطعم الانتصار على طريقة انتصارات أم المعارك، وهي المعركة التي سبقتها أوهام الطريق إلى القدس والذي ضل طريقه ولم يجد طريقًا إلا عن طريق ضرب الأمة بقلبها عندما أدمى بقايا الثوار قلب الكويت الذي كان يمد الدم والروح في شريان الأمة، فأصبح هذا الجيل مشدوهًا وضائعًا بين الفكرة وبين حملة اللافتات والشعارات وتوالت مصائبه بأزمة هنا.. وأزمة هناك على امتداد الوطن العربي، فما بين اجتياح هنا وانتفاضة هناك.. وما بين نزاع مسلح إلى فصائل متناحرة.. وما بين قتل الديمقراطية إلى ديمقراطية القتل بين كل ذلك يعيش هذا الجيل.. جيل التيه.. ونطالبه بعد ذلك أن يفاوض على خارطة الطريق!! شعلانيات: . يظل الإنسان في هذه الحياة مثل قلم الرصاص، تبريه العثرات ليكتب بخط أجمل. . هناك كلام لا يقول شيئًا، وهناك صمت يقول كل شيء. . يذهب العُمر، وأنت تستعد للحياة. . في داخل كل إنسان حكاية قاسية، إن لم يروها فسوف ترويها الحياة..