طفولة الأربعين 

محمد فهد الحارثي



في اللحظة، التي فقدت الأمل فيها بوجود المشاعر الصادقة. تغير كل شيء. وأتى حضورك ليفصل بين تاريخ كنت أحسبه العمر، وبين زمن كل يوم فيه هو عمر بذاته. 
ما أجمل أن يمنحك القدر ما كنت تتمناه في اللحظة، التي كنت تضع خطوتك نحو الاتجاه الآخر. كانت الأشياء مملة ومكررة وربما تافهة. زيف هنا وخداع هناك ومصالح مؤقتة وعلاقات عابرة. زمن لم يكن لي، عالمان مختلفان لم يكن ليتفقا أبداً. 
كان مساري أن أمنح الحد الأدنى لهذه الموسيقى الصاخبة، وأن أصنع سيمفونيتي لعالمي. أتوافق فيما أستطيع، وأركض بعيداً في المساحات البيضاء. وحينما هطل شلال الفرح في فضائي، تلونت الأشياء واستعاد النور بريقه. 
حضورك أعادني إلى عالم الأبجديات، اكتشفت من جديد الألوان ومعاني الحروف وسر الغروب وتداخل الأنغام. ما أجمل أن تبدأ طفولتك في الأربعين. وتتعامل مع كل الأشياء من جديد. كل منظر أراه بعيني هو لوحة إبداع، أصبح الجمال في كل الزوايا. يا للغرابة.. كيف كانت هذه الصور مختبئة؟، أم أن العين هي التي تقرر متى ترى الجمال، ومتى ترى نقيضه؟. 
أعترف لك بأن حضورك الخط الفاصل ما بين محاولات الماضي وصدق الحاضر.. ما بين أوهام الفراغ وحقيقة الحياة. ماعادت أرقام العمر تهمني. يكفي أنني حققت كل طموحاتي ومازلت في طفولتي بعد. 

اليوم الثامن: 
عندما تكتشف فجأة طفولتك
تحسس قلبك فلربما أصبح لغيرك