mena-gmtdmp

كلمات لا تشبه الكلمات

مبارك الشعلان
| كنت ولازلت أطارد الكتابة غير المألوفة، واللغة غير المألوفة. رفضت منذ البداية أن أسجل تواقيعي كما يسجل موظف الصادر والوارد، فالتواقيع هي البصمات، والبصمات لا تتشابه لذلك لا أريد لتواقيعي وبصماتي أن تشبه أحداً.. إلا إذا كان هذا الأحد هو أنا أسوأ حالة يمر بها الكاتب هي تلك الحالة المغرقة في رسم الكلمات.. الكاتب الحقيقي مثل الفنان الحقيقي يرسم كلماته ولا يكتبها.. فالرسم بالكلمات هو أصعب حالات الرسم فأنت تحتاج إلى أن تكون كاتباً وفناناً في الوقت نفسه فإذا عرفنا أن الفنان الجميل يجد صعوبة في أن يرسم ما يريد وكما يريد، فإن الكاتب يجد الصعوبة مرتين بدلاً من مرة واحدة، لذلك أمر أحياناً بمخاض الكلمات الملونة التي لا تخرج، لا أريد لكلماتي أن تشبه بقية الكلمات أو لتكون كلمات ليست كالكلمات الكتاب الجميل يحتاج إلى قارئ جميل لا يقل عن جماله، وإذا كانت الكتابة مهنة فالقراءة صنعة وصناعة، والثقافة التي تريد أن تصنع كتاباً جميلاً عليها أن تجعل القراءة مهنة مثلما هي مهنة الكتابة، فالذين يقرؤون بشكل جيد أهم بكثير من أولئك الذين يكتبون بشكل جيد، فالكاتب الجيد يقرأ بلا نهاية.. ويكتب وهو يعد الكلمات، فهو يقرأ كجاهل ويكتب مثل حكيم اليوم أصبح الحكماء يقرؤون، بينما إخوان الجهالة يكتبون، لذلك أصبح لدينا هذا الكم من الكتابات غير الجميلة أو بالأصح لدينا كتابات قبيحة وأسوأ من كل ذلك، هو أن يستسلم الكتاب لهواية الكتابة الرئيسية بحثاً عن ضوء هنا وهناك، ووجود يأخذ من قيمة الكتابة أكثر مما يعطي لقيمة الكاتب.. الذين يكتبون من دون أن يتركوا بصمة إبداعية، هم أشبه بكتاب الصادر والوارد، الذين يتركون تواقيعهم كل يوم من دون أن يكون لهذه التواقيع جدوى، أكثر من كونها حالة لتسجيل الحضور والانصراف لا أكثر. شعلانيات: | أجمل ما في التقدم بالعمر أنه كلما كبرت يجعلك تستصغر أموراً كانت تستهلك مشاعرك، فالنضوج يعيد ترتيب الأشياء والأشخاص | عيون الناس صحف تصدر كل صباح بطبعة جديدة، بنظرة جديدة ولكن أين القراء الذين يقرؤون عيون الناس كما يقرؤون صحف الصباح؟ | انفرد أنت بذوقك وأسلوبك وكتاباتك، واترك لهم التشابه