بعض السياسيين العرب من بقايا الرفاق الذين يمارسون سياسة القفز من السفن الغارقة، وممن انتهت صلاحيتهم السياسية، يلجأون لتقليعة ´كتابة مذكراتهم، لكن لا يكتبون مذكراتهم في هذا الوطن العربي الكبير، ويفضلون مقاهي أوروبا؛ لتحضن مذكراتهم وذكرياتهم، وتعود بكتب معلبة لأسواق هذا الوطن كنوع من إعادة تصدير البضائع المهربة
فهذا الذي يفضل مقاهي لندن، وذلك الذي يستهوي صالونات باريس، وآخر لا يكتب مذكراته إلا في البندقية وفينيسيا، كما لو أنهم ´يستفرغون ما في جعبتهم هناك، وكما لو أن في أفواههم ماء من شيء ما يمنعهم من أن يتذكروا مذكراتهم في العواصم العربية، مع أنهم كانوا دائمًا في السلطة أو على رأس السلطة، لكنهم لم يكونوا يتحدثون عن الماضي، فهم المستقبل والحاضر، وكما لو أنهم بلا ماض عريق جدًا
أما اليوم بعد أن أصبحوا شيئًا من الماضي، فقد أصبحت لديهم ذكريات ومذكرات، لقد أصبح لديهم ماض، لكنه ماض ´عريق!! و´عريق جدًا!!، يستحق أن تستفيد منه الأجيال التي لم تستفد من حاضرهم عندما كان لهم حاضر! فرحيلهم هو أثمن هدية يمكن أن يقدموها للأجيال القادمة. وكتابة مذكراتهم أجمل حلم يراود هذه الأجيال التي كانت محكومة بالثورات والثوريين، فمرحلة ´كتابة المذكرات مرحلة مهمة وخطيرة في تاريخ أمتنا الخالدة.. لكل سياسييها وثورييها، فأحلام هذه الأجيال التي كانت كبيرة بالشعارات والهتافات الثورية. والتي كتبها الرفاق الثوريون تبددت إلى أن أصبحت تحلم فيه باليوم الذي يكتب فيه الرفاق مذكراتهم
فالحلم حرية. وأقصى حدود الحرية التي يحلمون بها هي أن يصل كل الرفاق إلى مرحلة كتابة مذكراتهم، لنصل إلى اليوم الذي نراهم فيه ينتشرون في كل مقاهي أوروبا وصالوناتها الأدبية وحاناتها ليتذكروا، أو يفقدوا ذاكرتهم ´لا فرق!!، طالما أنهم يفعلون ذلك بعيدًا عن هذه الأوطان؛ لأن مرحلة تحرير الوطن تبدأ عندما يبدأ الرفاق في كتابة مذكراتهم، فاكتبوا مذكراتكم يرحمكم الله، حتى نصل إلى مرحلة تحرير كامل التراب العربي من آخر مذكرات لآخر رفيق لديه ميول لكتابة مذكراته
شعلانيات
الجاهل يؤكّد، والعالِم يشك، والعاقل يتروّى
يجب ألا تقيس نفسك بما أنجزت حتى الآن، لكن بما يجب أن تحققه مقارنة بقدراتك
الأمس هو شيك تم سحبه، والغد هو شيك مؤجل، أما الحاضر فهو السيولة الوحيدة المتوافرة؛ لذا فإنه علينا أن نصرفه بحكمة
ليس من الصعب أن تضحي من أجل صديق. لكن من الصعب جدًا أن تجد الصديق الذي يستحق التضحية





