أسوأ حالة يمر بها الكاتب هي تلك الحالة المغرقة في رسم الكلمات...
فالكاتب الحقيقي مثل الفنان الحقيقي.. يرسم كلماته ولا يكتبها..
فالرسم بالكلمات هو أصعب حالات الرسم، فأنت تحتاج إلى أن تكون كاتباً وفناناً في الوقت نفسه.
فإذا عرفنا أن الفنان الجميل يجد صعوبة في أن يرسم ما يريد وكما يريد.. فإن الكاتب يجد الصعوبة مرتين بدلاً من مرة واحدة، لذلك أمر أحياناً بمخاض الكلمات الملونة، التي لا تخرج، فلا أريد لكلماتي أن تشبه بقية الكلمات أو لتكون كلمات ليست كالكلمات، لذلك كنت ومازلت أفعل مثلما يفعل الذين يرسمون كلماتهم.. مصطفى أمين كان يكتب مرة ومرتين وثلاثاً، فيجد أن ما يكتبه لا يعكس ما بداخله، فيمزق الأوراق مرة بعد مرة، ونزار قباني كان يكتب بأوراق ملونة وأقلام ملونة؛ لأنه يؤمن بأنه يرسم بالكلمات، لذلك كان يرفض الأوراق البيضاء المحايدة، التي لا لون لها...
ويرفض أن يكتب بالقلم الأسود؛ لأن كلماته ستلبس أجمل ما لديها.. وتدخل فرحاً.. لا سرادق عزاء.
وعباس محمود العقاد كان يرفض أن يكتب كل يوم كما يكتب كاتب «العرضحالجي».
فالكتابة بقدر ما هي التزام.. هي أيضاً حالة شديدة الخصوصية، لا يعرفها غير الراسخين في علم الكلمات الجميلة، ومثله نجيب محفوظ، الذي كان يحمل أوراقاً كل يوم من منزله، كما يحمل أثقالاً إلى الضفة الأخرى من النيل الخالد، حيث يجلس في فندقه المفضل أو مقهاه في الحسين، ثم يعود كتلميذ يحمل كتبه وأوراقه من دون أن يكتب حرفاً واحداً.
وهو ليس بأحسن حظ من سعيد عقل، الذي كان «يطير» ما تبقى من عقله، وهو يقضي يومه يطارد الكلمات الملونة، كما يطارد الطفل أسراب الفراش، ثم يعود لبيته خائباً، يحلم ويمني نفسه باليوم التالي بأن يصطاد فراشات ملونة أو كلمات ملونة، إنها رحلة البحث اليومي الشاق عن أشياء لا ترى، وأشياء لا تُشترى..
فكل هذه الحالات هي حالاتي الكتابية فاعذروني عندما أتأخر عليكم يوماً؛ لأنني مازلت أرسم بالكلمات!!
شعلانيات:
| الشعور بالذنب.. الإثبات الوحيد على أنك مازلت على قيد الإنسانية!
| الجمال ليس ميزة فقط في الأشياء التي تراها أمامك.. الجمال أيضاً ميزة في داخلك، جعلتك ترى الأشياء بشكل جميل ومختلف!
| إذا كنت لا تملك شخصاً مميزاً في حياتك فلا تحزن، فقد تكون أنت الشخص المميز في حياة الآخرين، وأنت لا تعلم!





