الكتابة
اليومية حرب استنزاف للمخزون الاستراتيجي للكاتب..
فالكاتب اليومي يكتب وهو يعلم تماماً أن ليس كل ما يكتبه يستحق أن يضع عليه اسمه وتوقيعه.
كنت قبل أيام أقلب بين أوراقي وكتبي فوجدت كتاب أربعائيات أحمد الربعي، وهي كتاباته التي كان يستريح فيها من عناء الكتابة السياسية، وفيها شيء من الحكمة والتجربة الإنسانية الجميلة، فقلت في نفسي: كم كتب أحمد الربعي من المقالات ولكن لم يبق منها إلا هذه التي مكثت في أعماق التجربة الإنسانية، فالتجارب الإنسانية الجميلة هي إكسير الحياة!
ما عرفته عن أحمد الربعي طوال سنوات في جريدتي الوطن والقبس أنه رجل استثنائي بكل المقاييس.
كتبت عنه إذا لم أجد ما أقوله بشكل استثنائي عنه فلن أكتب؛ لأنه يحتاج منا ما هو أكثر من الوقوف في طوابير العزاء. وربما يكون من باب القدر أنني كتبت قبل أيام من رحيله عن خارطة طريق للمبدعين، واستذكرت أحمد الربعي تحديداً.. عندما قلت إنه رجل استثنائي لن يتكرر، فهو مثل جاسم يعقوب وعبدالحسين عبدالرضا.
فأبو قتيبة كان دائماً عبارة عن خلطة أشياء، لم يكن سياسياً فقط، أو كاتباً فقط، أو شاعراً أو محاوراً فقط. كان كل هذه الأشياء مجتمعة، وكان لديه ميزة إضافية، فهو يغمس كل هذه الأشياء بنهر الحياة؛ لأنه رجل عاشق من الدرجة الأولى للحياة. وعندما التقيته أكثر من مرة عندما كنت في القبس في آخر أيامه، وجدته «متشعبطاً» بالحياة وعاشقاً لها مثلما رأيته قبل نحو عشرين عاماً في الوطن، حيث كان محباً لكل شيء، محباً لزملائه وأصدقائه، ولديه علاقة حميمية مع كل واحد حتى مع عبدالباسط وأبو اليمن مسؤولي الكانتين، لدرجة أنك إذا افتقدت أبا قتيبة في الجريدة فستجده حتماً لدى عبدالباسط الذي أصبح فيما بعد يحمل لقب صديق الوزير؛ لأن أحمد الربعي لم يتخل عن أصدقائه حتى وإن كان من بينهم عبدالباسط.
أجمل ما في أحمد الربعي أنه رجل غير «إقصائي» أو «إلغائي» مثل كثيرين وكثيرات هذه الأيام، فهو يقبل الآخر حتى وإن اختلف معه، وفضيلة الاختلاف كان يدرسها لطلبته في الجامعة، ويزرعها في نفوس أصدقائه ومحبيه. كان دائماً يرفع شعار «خلينا نتحمل بعضنا».
ومشكلتنا في هذه المرحلة أننا لم نعد نتحمل بعضنا، خصوصاً عندما يغيب عنا أولئك المملوءون بالتسامح وتقبل الآخر.. فأصبحت حياتنا «بالمقلوب» بعد أن زاد عدد النافخين في الكير.. وقل عدد حاملي الطيب والكلمة الطيبة!
يا صديقي مازلنا نحاول أن نقول كلمة طيبة. ومازلنا نؤمن بأن جمال الورد بتنوع وتعدد ألوانه، وأن الحياة تتسع للجميع وأننا نتفاءل رغم كل هذا الوضع المقلوب!!
شعلانيات:
الشيء المقلق هو أن تكتشفَ أنكَ قد أصبحتَ غيرك دونَ أن تعلم..!!
الجمال المتكرر في حياتك يُرهق الذوق!
حين تتعود على الجمال والجميل دائماً..سوف تجد صعوبة في تقبل أشباه الجمال..وتصبح ذائقتك مرهقة لك!!
إذا أردت أن تكسب الآخرين فاستمع لهم وإذا أردت أن تخسرهم فناقشهم!