mena-gmtdmp

عمليات تجميل للسيرة الذاتية!!

مبارك الشعلان


توقفت بإعجاب أمام كلمات الروائي محمد البساطي، أحد أبرز الحكايين المصريين، عندما سألوه: هل ستكتب سيرتك الذاتية؟ فقال: هل تريدون أن يلعنّي أبنائي ويتبرأ مني أقاربي؟! فالمجتمع الشرقي لا يتقبل فكرة الصدق مع النفس أو الصراحة أو البوح بالأسرار المدفونة.. بل يريد من الجميع أن يكونوا كالملائكة.. صفحتهم بيضاء لا تشوبها شائبة ذنب أو إثم.. وفي عالمنا العربي لا توجد سيرة ذاتية كتبت بأمانة تامة.. بل خضعت كلها لجراحات تجميل كثيرة قبل صدورها.. كي يتقبلها القارئ.

كلمات البساطي بسيطة في ظاهرها.. ولكنها عميقة في جوهرها ومعناها.. فالسيرة الذاتية لجميع الكتاب والشعراء والفنانين والزعماء ملائكية.. كأنهم قادمون من كوكب آخر.. فهم «عاملين فوتو شوب» على كل تصرفاتهم.. مثل صور بعض الفنانين على أغلفة الأشرطة والأفلام.. لأن مشرط عمليات التجميل مرت عليها، لدرجة أنك لا تعرف صاحب الصورة من الصورة.. أو لا تعرف الحقيقة من الكذب!!

وأبلغ دليل على عملية «تجميل» أو «تشويه» الحقيقة هو جميع أعمال السيرة الذاتية لجميع الكتب والأعمال السينمائية والتليفزيونية.. فهي كلها لأبطال من ورق أو لمخلوقات قادمة من كوكب آخر.. فهي طوال مدة الفيلم أو المسلسل نجدها وديعة.. لا تتكلم إلا همسًا.. وأنيقة لدرجة أنك تراها في كامل أناقتها، حتى وهي على سرير المرض.. قوية حتى في أسوأ مراحل انكساراتها.. باسمة حتى وهي تنزف.. لا تعرف الخيانة حتى عندما تتواجد في أماكن الرذيلة.. لا تشرب الخمور حتى وهي في البارات.. لا تصرخ حتى وهي في أشد حالات الغضب.. هذه المسألة تطرح إشكالية تزوير التاريخ.. فالتاريخ هذه الأيام لا يكتبه المـؤرخون.. وإنما يكتبه السياسيون وكتّاب الدراما التليفزيونية.. وأحيانًا يكتبه أصحابه.. فكل واحد يكتب سيرته الذاتية كما يريد أن يرى نفسه.. لا كما يريد الناس أن يشاهدوه على حقيقته.. فيكتب سيرته الذاتية ويتركها في مخزن الأمانات مع وصية تقول للورثة «إذا أردتم أن تعملوا (مسلسل مكسيكي) عن حياتي فأنا كفيتكم التعب وكتبته.. لا تحتاجون سوى كاتب سيناريو يعمل على «تزويق» سيرتي العطرة ويضع الرتوش على سيرة حياتي المليئة بالشهامة والنبل والكرم والأخلاق الحميدة!!».

فهذه أنجح طريقة كي لا يلعنه أبناؤه ويتبرأ منه أقاربه!!

  

شعلانيات

< هناك طريقتان للنقاش.. الأولى يكون هدفك أن تعرف وتحب الذي تناقشه.. والثانية ألا تعرف ولا تحب الذي تناقشه!!

< أنت لا تجعل الضعيف قويًّا إلا إذا قضيت على الأقوياء!!

< تعرف نظافة أي بلد تزوره من أول طابوقة أول رصيف تشاهده وأنت نازل من المطار!!

< بعد موجة أغاني «بحبك يا حمار» لم تعد كلمة حمار «شتيمة».. إلا إذا كان المحبون حميرًا!!