mena-gmtdmp

عندما حاولت أن أقطع يدي!!

مبارك الشعلان

انشغل العالم قبل فترة بسلام رئيس عربي ورئيس إسلامي على الرئيس الإسرائيلي، أو سلام الرئيس الإسرائيلي على الرئيس العربي والإسلامي من سلّم على من؟! من صاحب مبادرة السلام؟! ومن هو الذي بدأ؟! ومن هو الذي بادر؟!

وكالات أنباء أجنبية تؤكد ووكالات أنباء عربية تنفي.. الرئيس الإسرائيلي أراد أن يريح هذه الأمة من عناء النفي.. فأكد أنه هو من بادر بالسلام؛ لأن إسرائيل تريد السلام.. وهو أراد أن يثبت للعالم أن الإسرائيليين شعب ودود ويحب السلام.

في مقابل ذلك أراد أن يثبت للعالم أيضا أن العرب والمسلمين «يكرهون» السلام.. لكنه كشف أيضا سرًا قوميًا عندما قال: ولكنهم كانوا يشدون على يدي.

الإسرائيليون عندما يتكلمون عن السلام، فهم يقصدون السلام بالأيدي لا سلام الحروب.. لذلك فهم يسلمون ويبادرون لأنهم في فلسفتهم يقولون إنهم أصحاب مبادرة وأصحاب سلام.

قبل عدة سنوات، حدث معي ما يؤكد ذلك، فقد كنت أقف على جسر الملك شارلز الشهير في براغ.. حيثُ تم تصوير فيلم المهمة المستحيلة لتوم كروز.. الفيلم عزّز في أذهاننا فكرة أن براغ هي موقع الجواسيس في الحرب الباردة، وأن جسر الملك شارلز هو ملتقى أشهر جواسيس العالم الذين يتبادلون الابتسامات الصفراء والتنصت والمعلومات الاستخباراتية.. كنت أقف هناك وأحداث الفيلم في رأسي حيثُ انتهى، لكن فيلمًا أمام عيني كان قد بدأ بعد أن اقترب مني شخص وسيم وأنيق بادرني بالسلام ومد يده مصافحًا، وقال بلغة عربية سليمة: أنا إسرائيلي وأنت عربي أليس كذلك؟.. فتوجست في نفسي ريبة وخيفة.. وشعرت أن يدي تحتاج إلى غسيل حتى لو تطلب الأمر أن أقطعها وأرميها في نهر الريغون لأغسلها، ولكي أغسل العار الذي لحق بها، قال لي: نحن نحب السلام ولا نريد إلا السلام.. السلام عليكم.. أراد أن يفتح موضوعًا للنقاش.. فأشحت بوجهي عنه وهربت.

بعدها بأيام، كنت أحتسي قهوتي الصباحية في أحد مقاهي براغ القديمة، وإذا «بصاحبنا» على الطاولة المجاورة، فأطلقت ساقي للريح وهربت.. هربت من السلام.. والعرب كلهم يفعلون مثلي، يطلقون سيقانهم للريح ويهربون.

عندما عدت، حكيت لصديقي اللبناني المقيم في براغ «فيلمي» الذي يشبه فيلم المهمة المستحيلة.. ضحك كثيرًا من براءتي.. وقال لي: لو أن كل عربي قطع يده لامتلأت أنهار براغ بالأيدي العربية.. فهم يبادرون بالسلام على كل عربي يلتقونه.. وكل العرب يشدون على أيديهم بعد ذلك.

وبعد سلام الرئيسين العربي والإسرائيلي.. حمدت الله أنني لم أقطع يدي.. لأنني لو فعلت لأصبحت رمزًا للسذاجة.. فكل الأيادي العربية هذه الأيام تمتد للسلام ولا تشعر بالعار.. ولا تحاول أن تقطع يدها أو حتى تغسلها!!

 

 

شعلانيات

< إذا أردت أن يكون لك صديق فكن صديقًا.. وإذا أردت أن يحبك الناس فكن محبًا لهم!!

< لا تعش على الماضي، وكن حذرًا من الحاضر إذا أردت أن يكون لك مستقبل!!

< حياتك مثل قهوتك.. فعلى قدر ما فيها من المرارة.. فيها حلاوة.. وعلى قدر ما فيها من الحلاوة.. فيها مرارة!!