mena-gmtdmp

فالفساد يأتي من «مستصغر» البيتزا !!

مبارك الشعلان

 

في يوم... في شهر.. في سنة كانت هناك أزمة سياسية من الدرجة الأولى في كندا...

وصلت إلى مرحلة الاستجواب لوزير في الحكومة ليس بسب فساده الإداري وإنجازاته المالية أو تكسبه من منصب، ولكن بسبب كرمه»!

وكرمه هذا لا يتجاوز 177 دولاراً فقط لا غير!

دفعها ثمناً لوجبة بيت لشخصية «عزيزة». 

الأزمة السياسية، والاستجواب للوزير ليس لأن الحكومة الكندية عاجزة عن دفع الـ177 دولاراً، وليس لأن الخزينة العامة تعاني من عجز بسبب هذا المبلغ، ولكن لأن سعادة الوزير دفع ثمن الوجبة من ضمن حساب نفقاته التي يستحق استردادها.

بكلام آخر.. الوزير أراد أن يكون كريماً مع أصدقائه «العزيزين» عليه. 

والاستجواب أراد أن يقول له: إذا أردت أن تكون كريماً فكن كريماً من جيبك لا من جيب الدولة، فإذا دفعت من جيبك لأصدقائك فأنت كريم، وإذا دفعت من جيب الدولة فأنت وزير فاسد تستحق الاستجواب؛ لأنك تتغدى أنت وأصدقاؤك على حساب المواطنين دافعي الضرائب!

وقال عضو البرلمان الذي يريد استجواب هذا الوزير «الفاسد»على حد قوله: «أنا على يقين أن الكنديين يصابون بعسر الهضم بمجرد التفكير في هذه البيتزا!

كل هذا بسبب وجبة بيتزا يمكن أن يقدمها أي وزير عربي كل يوم لأبناء «حارته» أو منطقته؛ ليثبت لهم أنه وزير عربي كريم لم تنسه الوزارة «العيش والملح».

وهذه الوجبة يمكن أن «تكبر» كلما كان حجم الوزير كبيراً، فالوزراء العرب الكرماء لا يقدمون البيتزا؛ لأنها لا تليق بمقامهم وكرمهم، فمقامهم أكبر بكثير من وجبة بيتزا!

وهذا هو الفرق بين سياسييهم وسياسيينا. فما يعتبرونه سرقة نعتبره كرماً!

وما يعتبرونه فساداً نعتبره شهامة، وأكل عيش وملح، هذه النسبية هي التي تجعل الوزراء العرب لا يزالون يجلسون على كراسيهم، فلو استجوبنا كل وزير «يعزم»على البيتزا لما وجدنا وزيراً عربياً!

ثم إن ثقافتنا وتربيتنا السياسية لا تسمح لنا بذلك؛ لأنه من العيب أن نستجوب وزيراً من أجل قطعة بيتزا، أما في ثقافتهم فمن العيب ألاّ نستجوب، فالمسألة أكبر بكثير من قطعة بيتزا، إنها تتعلق بمصداقية الحكومة التي تتكون من وزراء فاسدين يبدأون فسادهم بقطعة بيتزا وينتهون بصفقة سلاح!

فالفساد يأتي من «مستصغر»البيتزا!!

 شعلانيات:

    لا نحصل على السلام بالحرب وإنما بالتفاهم.

    إن أسوأ ما يصيب الإنسان أن يكون بلا عمل أو حب.

    الحياء جمال في المرأة، وفضيلة في الرجل.

    صديقك من يصارحك بأخطائك لا من يجملها ليكسب رضاءك.